تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


إذاً هكذا

الخميس29-11-2012
شهناز صبحي فاكوش

هكذا إذاً بإشهار غير مسبوق يصبح بعض العرب نعاجاً...

هكذا إذاً وبعد عقود من الحياة الدموية يعلن وزير الدفاع الصهيوني خروجه من الحياة السياسية بعد هزيمتيه في غزة هاشم.‏

هكذا إذاً يلغى مؤتمر هلسنكي لنزع السلاح النووي من منطقة الشرق الأوسط.‏

هكذا إذاً منتج الربيع العربي (أنموذجه الساحة المصرية).‏

عندما نعت وزير خارجية قطر معظم نظرائه (العرب) بالنعاج كان يعي تماماً ما يقول بعد تبرئة الصهاينة من صفة الذئب المفترس، الصفة الطبيعية لهم والتي صرح بها الشقيق اللبناني..‏

وذلك لأنه قرأ جيداً كيف تحول جزء من آلة العدوان الإرهابية على سورية (الإعلام) من الساحة السورية إلى الساحة الفلسطينية، ومعظم العمل الإعلامي تمركز في الساحة الغزاوية، ففي حسبانه (ليس وقتها) هذه المعركة الطارئة. لذلك حاول إقناع أهلنا في غزة ألا فائدة من الرد على إسرائيل، والأهل هناك لا يملكون من السلاح والعتاد ما يوازي القدرة العسكرية الإسرائيلية الصهيونية. وأن الصواريخ التي انطلقت مدعمة بالإرادة التي تطلب التحرر والاستقلال من عدو جاثم على صدر الأمة العربية أكثر من 60 عاماً.. لاتجدي نفعاً...‏

هذا العدو الذي تدفع سورية جزءاً من ضريبة مناهضته فيما يحدث على ساحتها اليوم لأنها لم تتنازل عن القضية الفلسطينية، ولم تساوم على حق الشعب الفلسطيني في إعلان دولته المستقلة، وحق عودته إلى أرضه التي يعترف التاريخ بجذره الممتد فيها لأربعة آلاف من السنين الماضية.‏

وترتفع بعض الأصوات المناوئة في سورية والتي تتشدق بعباءات المشيخات الطاعنة في موالاة إسرائيل، لتعتب على الفلسطينيين في خرقهم واختراقهم لما أجمعت عليه قوى الضلالة ضد سورية المقاومة.. من (تطنيش) للعدو الصهيوني والقضية العربية الأم، للتفرغ لضخ الإرهاب بكل أدواته إلى الداخل السوري، وتسخير قوى الإعلام ضد سورية الوطن والدولة من خارج الحدود عبر الأثير الداخلي لمن يُعْمِل الإجرام والقتل، وتصويرها والتفاخر بها عبر الشاشات ووسائل التواصل، حيث تحولت أنظار العالم إلى ما تُصَدِّرْ إسرائيل من (عقاب) حسب قولهم لغزة..‏

ناسين أو متناسين أن ما حدث ورقة انتخاب رابحة ضد الخاسر (نتنياهو) موالي رومني ومروّج دعايته الانتخابية. وقد سجلت الأحداث موالاة للمرشحين القائمين عليها أكثر من 60% من الآراء المؤيدة، لأن ما حدث قض مضجع المستوطنين، وجعل زمراً من عسكرهم يرتمون ويبكون هلعاً من روع ما خرَقَ الأمنَ والأمان اللذين يمنون بهما أنفسهم والمهاجرينَ للداخل الإسرائيلي؛ ما جعل الكثير يحزم حقائبه إلى خارج الحدود، أو إلى خارج الحياة السياسية كما فعل إيهود باراك وزير دفاعهم في تصريحه. لكن الهدنة التي أوغلت صدر العمليات العسكرية في إبرازٍ لدور اللحى المصرية على أنها النموذج الفاعل لمستقبل (الربيع العربي الملتحي). مؤشر لقادمات الأيام على الساحة العربية.‏

وتهتز مشاعر حمد حيث يتوقف الإعلام المأجور بالمليارات التي تصرف على الإرهاب ضد سورية فيغيب عن قنوات الفتنة وتأجيج النار السورية.. لمصلحة الساحة الغزاوية.‏

ويحسب الخسارة في البورصة التي يقامر فيها، وان كانت خسارته بالضربة القاضية قادمة لا محالة، وهي مسألة وقت لا أكثر؛ ووعي معرفي لحقيقة هؤلاء الملتحفين والملتحين.‏

والأزمة بين ضلوعهم تصطك حيث الهجين الائتلافي الذي نبت في أرض الشيطان غابت عنه الأنظار، والمتهم في تغييبه صواريخ القسام التي يرجع الفضل فيها للدولة السورية وأصدقاء المقاومة وحلفائها في المنطقة.. أما باقي تسميات الصواريخ فالكل يعرف مصدرها.‏

وهم يعلمون في قرارة أنفسهم أن سورية في عمق أزمتها تملك أوراق المتغيرات في المنطقة بما يجعلها تتجاوز هذه الأزمة وإن كانت خسائرها مؤلمة وموجعة...‏

وهذا ما يجعل معظم الدول تحتكم للعقلانية وتمد يدها للحل السياسي حيث لا بديل عنه والتاريخ مليء بما يشابه... وكل الحلول الأخرى تكلفتها كبيرة وباهظة ولن تدفعها سورية وحدها كما يخططون.‏

إن حرب غزة تحيي النفوس الضالة وترفع الغشاوة عن العيون، في يقينٍ أن النصر الذي حققه الغزاويون في الأيام القليلة الماضية الفضل فيه يعود لسورية العربية المقاومة، فسورية وغزة يربطهما شريان العروبة الذي يجعل الدماء واحدة في كلا الجسدين، وإن حاول البعض (من ناكري الفضل) في جهد واضح قطع الحبل السري بينهما. وهذا يوضح تماماً حجم المؤامرة وحقد المتآمرين.‏

ويجعل المتورطين من أبناء الوطن ممن رفعوا السلاح، مهَدَدةٌ أرواحهم في حال رميهِ أرضاً أو تغييبه. وهنا تبرز بوضوح وجلاء معالم التحالف (الإسلامي) المتطرف الذي يحمل (مهدَّةً) لتحطيم الوطن السوري. آخر قلاع مقاومة العدو الصهيوني ومن في زمرته، وإفشال مشاريعهم الممَزِقَة للمنطقة والمحطِمَة لنسغٍ في الجسد العربي يرعى القومية والعروبة، لتستبدل بالربيع الإسلامي في ستار لتشوهات مرضية تختبىء خلف هذه الستر تحت عنوان أمة المسلمين، وهي في فحواها بريئة مما يدّعون.‏

وهنا يدرك الجميع أن الاستقرار وحده يقوي من يطالب بحقوقه في امتلاك قواعد اللعبة أما الفوضى التي يحاولون زرعها اليوم فليس منها إلا التشتت والتوهان.‏

وأولئك الذين ينبرون برفع الصوت على المنابر، لو كانوا من الوفاء بمكان لكان لأرائهم الكثير من الاحترام في مثل الساعات والأيام الحرجة التي تعصف بالأرض الفلسطينية. ولَتَحَوّلَ الحرج قوة فاعلة ضاغطة على الأرض لمصلحة الأهل في كل فلسطين وليس في غزة فقط. ولكان الإصرار على عقد مؤتمر هلسنكي لنزع السلاح النووي من منطقة الشرق الأوسط ضرورة.. ترى هل بمقدور أي طرف الضغط على إسرائيل لنزع سلاحها ليتم عقد المؤتمر، بالطبع لا إنها الغطرسة الصهيونية التي يخطب ودّها البعض فيؤمر نفسه ليتنازل عن مسقط رأسه الفلسطيني ليهبه للكيان الصهيوني في دافع زائف، لإشهار الدولة الفلسطينية. الذي لم تقبله أروقة الأمم المتحدة وقراراتها لفظته، لأن الصهاينة لايستسيغون طعمه ولا يقبلون رائحته ولا يروق لهم لونه (دولة فلسطين). حتى من دون مقعد..‏

إن لعبة عض الأصابع انتهت. فقد تجلت الرؤية وانكشفت سُتُرُ الضلالة.‏

إِنْ لم يكن من ظهير حقيقي ومقاوم لمصلحة القضية الفلسطينية، يصبح من الصعوبة بمكان الوصول إلى حلول ناجعة.. فمصير الشعوب بيدها وحدها وليس بقوى الاحتلال أو الوصائيين من خارج الحدود. وهذا في مواثيق الأمم المتحدة التي أكدها صديق الشعب السوري ميدفيدف رئيس الوزراء الروسي..‏

الخبز المعجون بالتراب الذي قدمته المرأة الديرية لجنود المحتل الفرنسي عندما وضع البندقية في رأسها ليأخذ أرغفة بالقوة. (والفلفل الأحمر الحاد) الذي رشته الأخرى في عيون بعض أفراده. وبستان شغلين بنت جبل العرب الأشم التي قطعت يدها التي أُجْبرت على مصافحة مندوبه، هذه هي النماذج الحية التي لا تموت مع التقادم. إنها صورة الشعب العربي في سورية الأبية، ومن ذات اللوحة تلك التي وهبت أبناءها الأربعة في جنوب لبنان قرباناً للوطن. وآخِرُ وليس نهايةَ لوحات البطولة، تلك التي برزت على شاشات التلفزة بالأمس لتعلن من أرض غزة كلنا فداء للأرض، وسينتهي إرهابهم إلى غير رجعة لا يرهبنا موت أبنائنا ولاقوة أعدائنا. وذاتها السورية التي تودع فلذة كبدها بالزغاريد إلى دار الخلود.‏

الإرهاب واحد أينما وجد منظماً أم عشوائياً، ومنتجه واحد موت - قتل - تدمير - حرق - تشويه. الدم على الأرض السورية هو ذاته على الأرض الفلسطينية لأن آلة الإرهاب التي تنال منه واحدة تخرج من ذات الجُبِّ المأفون، وتحملها ذات الأذرع المأجورة والعناوين شتى وكلها ضلالة وخداع....‏

آن أوان حقن الدماء وتجفيف حمامات الدم. لابد للعقلاء من أخذ دورهم، المسألة لاتحتاج تهدئة، إنها فقط تحتاج قرارات حاسمة بإعلان الدولة الفلسطينية هناك. ومنع توريد الإرهاب هنا في سورية. فلن يزهر الربيع في أجواء اسودت بلهيب النار، ولن تنتشي بذوره في أرض محروقة، والربيع لا تسقي أزهاره الدماء أبدا. فليع الموغلون في الأحقاد إلى أين يأخذون البلاد وأهليها... وهم في طنافسهم غارقون..‏

فسورية مثل غزة وكل الأراضي التي يمارس فيها الإرهاب أرضها درّ وماؤها ثرّ وشعبها حرّ وجيشها كَرّ وقلبها سر لا يمكن أن يكتشفه إلا الأحرار.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية