ما من امرئ عاجز - كما يخيل إلي- عن تصور المشهد الليبي الراهن وما يعتصر من أحوال هذا الشعب البائس ...لا ريب في أن تسمر المتمردين في زوايا الساحات الليبية سوف يفضي إلى مزيد من عدم الاستقرار في البلاد .
ومما يؤسف له أن «المجلس الوطني الإنتقالي» هناك برئاسة مصطفى عبد الجليل ورئيس الحكومة الإنتقالية ، عبد الرحيم الكيب ،قد أثبت فشله الذريع في إدارة شؤون البلاد بطريقة أفضل كما كان متوقعاً ، ولم يتمكن حتى من استيعاب أعداد المتمردين في مؤسسات الدولة . الحكومة الليبية المؤقتة والفاشلة إدارياً تزود المعارضين السياسيين والمتمردين الرافضين نزع السلاح ذخيرة كافية ، وأهمهم ينتمون إلى «مجلس برقة» الداعي إلى نهج فيدرالي يمنح أقاليم طرابلس الغرب وفزان وبرقة سلطة تنفيذية لإدارة شؤونهم الداخلية ، علماً أن هذا النظام قد أثار جدلاً واسعاً ومحكوماً عليه بالفشل في النهاية خصوصاً وأن الحكومة الانتقالية كانت قد وعدت بتسوية تؤول إلى تطبيق اللامركزية في السلطة ....
حيال الوضع الليبي المأساوي وقرب موعد الإنتخابات البرلمانية في البلاد ينادي بعض المحللين بضرورة تأجيلها لاسيما وأن مسألتي الأمن ونزع السلاح من المتمردين تمثل - بالنسبة لهم - شروطاً مسبقة لتحقيق انتخابات نزيهة وشفافة ...
المسؤولون في الحكومة يؤكدون أن الانتخابات سوف تجري في التاسع عشر من حزيران الجاري كما هو مقرر لها ، فيما يرى نائب رئيس الوزراء ، مصطفى أبو شاقور،أن هذا الأمر «صعب التحقيق »...
مصطفى عبد الجليل يدعي بدوره أن «المجلس الوطني الانتقالي » لن تكتب له الإستمرارية ، فالجميع يريد مجلساً منتخباً . عبد الرحيم الكيب، هو الآخر يرى أن مسألة تأجيل الانتخابات غير مقبولة على الإطلاق باختصار شديد : هؤلاء جميعهم إنما يسعون لإيجاد مخرج ومن ثم تحويله إلى واقع وحقيقة قبل بداية تموز المقبل....!
الفوضى تلف الآن جهات ليبيا الأربع .. القانون غائب .. الجيش عاجز .. الشرطة متراخية .. الجماعات المسلحة وحدها تنشط وتشتد ..!!
وبسبب غياب الرؤية الواضحة لدى الشعب الليبي ، وعجزه الدائم عن تصور خطوط بناء مستقبله جراء وقوعه تحت هول الصدمة ، نراه غارقاً في تقريظ ثورته حد التعبير الهستيري .
رئيس وزراء ليبيا الأسبق محمود جبريل ،يشكو الأوروبيين تخليهم عن بلاده وهجرهم لها بعد «عملية الناتو» العسكرية فوق أراضيها « يبدو أن شركاءنا هؤلاء نسوا أن سقوط النظام في ليبيا إنما يعني سقوط وانهيار الدولة ، وتلاشي مواطنيها معها على الفور وهذا الأمر يمثل بالنسبة لي خطأ مأساوياً ثمة فراغ سياسي وأمني في البلاد لكنه لن يطول كثيرا»ً .
كاترين آشتون رئيسة البعثة الدبلوماسية الأوروبية في ليبيا ترد على جبريل بالقول: « إن أوروبا ماثلة في ليبيا بقوة من خلال برامج كثيرة تتعلق بالنساء والمجتمع المدني ،ومن الصعوبة بمكان إيجاد محاورين في ظل غياب الموظفين والإدارات» .
ويسارع جبريل في الرد عليها بالقول: إن البرامج الخاصة بالنساء هي بلا شك قيمة ، ولكن ثمة تحدياً يقف عائقاً وهو قدرتنا أو عجزنا عن سحب السلاح من الشارع واستتباب النظام قبل موعد الانتخابات المحدد أجل هذا أمر صحيح وواقعي لاسيما وأن الأوروبيين الحريصين كل الحرص على تجنب أخطاء الإدارة الأمريكية في العراق على الأراضي الليبية سوف يتركون الشعب الليبي يواجه بنفسه مثل هذا التحدي والعمل على تطبيقه على أرض الواقع ..
بقلم: سيلفي كوفمان