في ذلك اليوم قبل 19 عاماً وقع رئيس كازاخستان نور سلطان نزار باييف مرسوماً بشأن إغلاق موقع سيميبالاتينسك للتجارب النووية الذي كان يعد الموقع الثاني من حيث الحجم في العالم ، ويقع في كازاخستان.
تم تدمير آخر رأس حربي نووي في موقع سيميبالاتينسك السابق للتجارب في 7 أيار / مايو 1995 ، وفي 29تموز يوليو 2000 كان موقع التجارب ذاته المكان التي تم فيه تفجير النفق الأخير للتجارب النووية.
كانت مسألة الحظر التام للتجارب النووية ذات أهمية خاصة بالنسبة لشعب كازاخستان الذي عانى من أهوالها ، فعلى مدى أربعين عاماً تم في موقع سيميبالاتينسك إجراء 450 تجربة عانى منها مليون ونصف المليون نسمة.
فور إغلاق موقع سيميبالاتينسك للتجارب النووية بدأت حقبة كازاخستان خالية من الأسلحة النووية ، فقد مثل الخيار الذي اعتمدته حكومة الدولة الفتية خطوة حاسمة نحو التخلي الكامل عن الأسلحة النووية المتبقية في كازاخستان بعد انهيار الاتحاد السوفييتي . وهكذا استندت السياسة الخارجية للبلد المولد حديثاً إلى مبادئ التحرك نحو عالم خال من الأسلحة النووية ، وفي هذا الصدد يمكن للمرء تحديد المراحل الرئيسية لاستراتيجية كازاخستان لعالم خال من الأسلحة النووية .في كانون الأول /ديسمبر 1993 صادق المجلس الأعلى لكازاخستان على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية .
منذ شهر شباط / فبراير 1994 أصبحت كازاخستان عضواً في الوكالة العالمية للطاقة الذرية ، ووضعت جميع منشآتها النووية تحت رقابة الوكالة .
بعد تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول / سيبتمر 1996 على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية التي أصبحت تمثل حجر الزاوية للأمن الدولي وعدم انتشار الأسلحة النووية ، صادقت كازاخستان أيضاً على هذه الوثيقة وأصبحت مشاركاً فعالاً في جميع الأنشطة في إطار تنفيذها العملي .
في عام 2006 وقعت كازاخستان إلى جانب غيرها من بلدان آسيا الوسطى على معاهدة سيميبالاتينسك لمنطقة آسيا الوسطى خالية من الأسلحة النووية ، والتي أصبحت مساهمة في تعزيز الأمن الإقليمي وفي 21 آذار / مارس 2009 دخلت المعاهدة حيز النفاذ واعتبرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية المعاهدة مساهمة حقيقية في تنفيذ معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية والعملية العالمية لنزع السلاح وعدم الانتشار النووي .
بيد أن المبادرات الإقليمية هي غير كافية في بعض الأحيان ، وينبغي أن ترتقي إلى المستوىالعالمي. لذلك في مؤتمر قمة الأمن النووي العالمي الذي عقد في واشنطن في نيسان / ابريل 2010 اقترح نور سلطان نزار باييف تبني الإعلان العالمي لعالم خال من الأسلحة النووية ،
بالإضافة إلى ذلك ، بادر الرئيس نزارباييف التوقيع على المعاهدة الجديدة على المستوى العالمي لعدم الانتشار الأفقي والرأسي للأسلحة النووية . وفي الوقت نفسه تؤيد كازاخستان الحق المشروع وغير القابل للتصرف لكل دولة عضو في معاهدة حظر الانتشار النووي في تطوير واستخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية مع امتثالها لجميع متطلبات الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
كازاخستان ، ولكونها أحد أكبر منتجي اليورانيوم في العالم ، تعتزم المساهمة في تطوير صناعة الطاقة النووية السلمية ، ولهذا الغرض فهي مستعدة لاحتضان مقر البنك الدولي للوقود النووي على أراضيها . وهذا ما أعلنه في عام 2009 الرئيس الكازاخستاني نور سلطان نزار باييف بقوله «إن مبادرتنا لاحتضان كازاخستان لمقر البنك الدولي للوقود النووي ما هي إلا مساهمة ملموسة منها لتعزيز نظام منع انتشار الأسلحة النووية وإزالة تلك «البقع البيضاء »الموجودة في القانون الدولي على حق بعض البلدان في تطوير برامجها الوطنية لاستخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية.
يتمثل الغرض الرئيسي للبنك في تقديم إمكانية الحصول على المواد النووية للبلدان التي ترغب في تطوير الطاقة النووية للأغراض السلمية ولكنها تفتقر إلى الموارد المحلية الكافية . في هذه الحالة لا يشكل البنك أي تهديد بيئي للبلد ، إذ تمتلك كازاخستان وفقاً لخبراء دوليين تكنولوجيات آمنة لاستخراج ومعالجة وتخزين المواد المشعة . ووعدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتوفير الرقابة على أداء البنك .
في هذا الصدد يقول نور سلطان نزار باييف :«إن كازاخستان مستعدة ليس فقط لاحتضان البنك على أراضيها ، وإنما أيضاً لضمان التخزين السليم للوقود النووي» و«يمكنني أن أوكد لكم أن كازاخستان لن تتجاوز الخط الفاصل بين البرامج النووية السلمية والحربية» .
إذن ، إن كازاخستان التي تخلت طواعية عن رابع أضخم ترسانة نووية في العالم ، تبدو لأن تكون شريكاً موثوقاً به للمجتمع الدولي بشأن القضايا المتعلقة بحظر الانتشار النووي ، ونزع الأسلحة ، والطاقة الذرية السلمية . وتبقى سياسة كازاخستان في هذه القضايا متوازنة ومتسقة ومسؤولة .