لن أتطرق في هذه العجالة إلى ما تركه من آثار خالدة وإبداعات خطها من روحه وذاكرته ومعرفته ، ولن أتطرق لدور زوجته رفيقة دربه في حياته (أطال الله عمرها) وخاصة في السنوات الأخيرة وهي التي كانت إلى جانبه دائماً في كل خطوة .. وإنما سأتكلم عن مبدع ملأ قلبه الحب فأعطى من قلب كبير وذهن منفتح وذاكرة لا تخبو .
كانت محبته للآخرين تفوح كعطر الياسمين، ذلك العطر الذي يصعب تجاهله إن حل في مكان لما يمتلك من سمات تجعل من صاحبه إنسان بكل مقاييس الإنسانية ومبدع يعطي من قلبه وذاته الكثير.. نعم لقد غيّب الموت من كان حضوره يفوح عطراً ومحبة ، ومن كانت الكتابة بالنسبة إليه شريان حياة ، تلك الحياة التي أصرّ أن يعيشها محاولاً كسر شوكة الموت بعكازه التي باتت رفيقته في ذهابه وإيابه ، إلا أن الموت كان الأقوى والأقسى فغاب جسده وحضرت مسيرته الغنية التي شكّلت فيما قدمه خلالها ذاكرة لامست وجدان الناس فتحولت إلى ذاكرة جمعية سطرت فيها إبداعات يصعب على الزمن التجرؤ للنيل منها ، فهي راسخة في عقول وأفئدة كل منا. هي التي راهن عليها بعد رحيله فإن غاب جسداً حضر إرثاً فكرياً ثقافياً وإبداعياً يُحفر في الذاكرة والوجدان، وسيبقى ما خلّفه من إرث قصة تشهد على حياة كاملة عاشها بألمها وفرحها وحزنها وتعبها ، ويبقى له مكان في قلب وذاكرة من الصعب أن يناله الصدأ يوماً مهما مرت عليه السنون .
مما لا شك فيه أن الكلمات في مثل هذه المناسبات تخون صاحبها وغالباً ما تأتي أقرب إلى البعثرة ولكنها تشكل في مجموعها حالة وفاء لمبدع أعطى بصدق وحب ، ومما لا شك أننا لا نملك إلا الرضوخ لإرادة الله ، لذلك نرفع إليه صلواتنا مبتهلين أن يتغمد فقيدنا برحمته الواسعة ويسكنه فسيح جنانه .
رحمك الله أستاذ عادل .. سيبقى ذكرك مؤبداً .
fmassad@scs.net.org