تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


وسكتت عن الكلام المباح

الأربعاء 30-5-2012
شهناز صبحي فاكوش

كل كلام يفقد معناه في ذاك الموقف وكل العبارات تعلن عجزها بخجل وتختبئ الحروف خلف بعضها بحياء لأنها تتلعثم على شفاه الجميع...

وتقف الأم بين الجميع بشموخ الأمومة الطافح وقلب يتفطر دماً وهي تضغط على جرحها كي لا يضعف أمام الحشود التي سارت خلف مشاعرها واستنكارها لهول الحدث..‏‏

فقد كان الألم والغضب في حالة استنفار فيها من القدرة على تسيير قطار بشري يبدأ من مكان الحدث ليملأ ساحات الوطن بل العالم بأسره.‏‏

قالت بصوت مخنوق لن أدعو على أمهاتهم كي يصيبهن ما أصابني ولن أطلب من الله لهم إلا الرحمة مع أبنائنا ونسأله تعالى أن يرفع الغمة عن الوطن ويحفظ هذا الشعب الغالي وسورية العزيزة من كل مكروه ثم صمتت..‏‏

وتوالت الأيام وهي في صمتها غائبة.. وفي مقام العزاء كانت صامتة لكنها شامخة مثل كل أمهات الوطن.. ظلت أياماً لا تحتمل تصديق ما حدث حتى تبين لكل التائهين الضارعين لله أن يكونوا بين الأحياء وحيدها وصحبه... لكنهم غادروا الدنيا جماعة مثل كل الأيام التي سبقت ذاك الصباح الخانق الذي توقفت فيه عقارب الساعة لأن أفراداً نكروا الإنسانية والأخلاق وفقدوا اليقين بوجود الخالق وأنه وحده يحيي ويميت وهو الذي أودعنا الروح أمانة.. فقدوا كل معاني الإنسانية والعقل والضمير فقضوا على أنفسهم والآخرين (بكبسة زر) عن بعد أو بالذات. الله وحده أعلم بطريقة تنفيذ فعلتهم ومن خطط لهم..‏‏

وقفت عقارب الساعة لتعلن نهاية العشرات من الشبان والرجال والنساء والشابات والأطفال... وتبحث هي عن وحيدها وصحبه لشدة نار الحدث ما عاد للسيارة معالم توحي بها.. لكنها بقايا أشلاء بفضل الفحص الطبي أعلنت وفاتهم جميعاً... الفتاة وأبوها وصحبها الذين كان يحملهم في طريقه إلى عمله ليودعهم في جامعتهم خشية عليهم من طوارئ الطريق...‏‏

ماذا يمكن لها القول في هذا الهول من الحدث...‏‏

مكونات صهيونية ماسونية أميركية أوروبية والتتمة عربانية تشكل أشخاصاً شواذ في عقولهم وتفكيرهم وتحقنهم بجرعات الحقد وثقافة استباحة حياة الغير ليس للقتل فقط بل التفتيت وتقطيع الأوصال والحدث له أصل ماذا فعلوا بالأرمن يوماً... وعرب اللواء في زمن السلب.‏‏

جملة من الأنواء مرت على الوطن ضحى الكثيرون وعانى الكثيرون من العنف والإرهاب لكن الوطن ظل شامخاً.‏‏

واليوم يحدث ما يحدث في الساحة السورية والكل يرى بعينه ويسمع بإذنه ويقلبون الصور في منبر الجزيرة الآثم ترى هل طال اليباس القلوب والعقول كما الألسنة، فأصبح الجميع ببغاوات تعيد رجع الصوت في تيه خلقي وأخلاقي هم فعلوا ذات الفعل على الساحة الأميركية مع أهلها الأصليين عندما وطئها قطاع الطرق ومجرمو السجون الذين ألقت بهم السفن من مختلف دول العالم وإن اختلفت الطرائق في الإبادة والعنف والإرهاب ووسائل القتل والتدمير لأن هكذا مخلوقات لا تحيا إلا على اجتراع الدم ومنظر الخراب، فالخونة والعصاة والمجرمون تلك هي مقدرات حياتهم كي يستطيعوا الاستمرار بالحياة لابد لأنيابهم أن تقطر دماً كالذئب الذي أكل ضرع الشاة الذي أرضعه اللبن مع حمل أخ له بالرضاع عند موت أمه لكن الذئب هو الذئب، غدار مهما كان الظرف والزمان لذلك سمي ذئباً..‏‏

وما أكثر الذئاب في زمن أصبحت فيه شريعة الغاب هي الشرعة وإلا فكيف تستباح العراق وليبيا وآثام أيديهم يحاولون مدها إلى كل المواقع إن استطاعوا وإن اختلفت الطرق ها هي في السودان تقطعه والباقي على الطريق...‏‏

لكنهم لن يفرحوا بسورية التي يحلمون، سوريتنا لنا نحن أبناؤها حتى لو ضحينا جميعاً لتبقى وستظل عيوننا حارسة لها وألسنتنا تدعو لها كدعوة فاقدة وحيدها ليحفظ الله سورية وشعبها من كل مكروه.‏‏

بعد همهمات كلماتها.. بجرحها البليغ تصمت الأفواه وتخفض الأجفان وتسكت الدنيا جميعاً عن أي كلام.‏‏

لأن شموخ أمهات الشهداء أبلغ من كل الكلام المباح.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية