استأذناهم وتابعنا طريقنا باتجاه مقهى بوسط المدينة، وكلّي شوق لمعرفة ما ورد في محاضرته، وكنتُ منزعجاً لأنني لم أتمكّن من حضورها.
لم نكد نجلس في المقهى حتى رنّ هاتفه الجوال.
- أبو الريش: آلو.. نعم.. (استمع لمدة دقيقة تقريباً).. ثم ردّ غاضباً مزمجراً: تضربي أنت ورفيقتك.. ممنوع.. قولي لها: ما فينا نحضر.. ما عندنا وقت.. وأغلق هاتفه!.
نظر إليّ وقال: هذه زوجتي.. يا أخي (النسوان ما بينعطوا وجه).. (قال شو).. رفيقتها عازمتنا على حفل زفافها بعد يومين.
طلبنا فنجانين من القهوة.. وإذ بهاتفه يرن مرة أخرى..
أبو الريش: آلو.. نعم.. استمع لمحدثه لأقل من دقيقة أيضاً، ثم انفجر صارخاً: يطلع (بلْعَكْ).. لا ما في طلعة.. ممنوع.. قل لهم: بابا غير موافق.. وأغلق هاتفه.. ثم نظر إليّ وقال: يا أخي الأولاد ما بينعطوا وجه.. هذا ابني، بالصف الرابع (حدّو) ما غيرو، بتعرفو.. قال شو: إدارة المدرسة بدها تطالعهم زيارة على نبع الفيجة لشرح درس عملي عن الينابيع، وبدهم موافقتي.
تأفّفَ وأخذَ نفساً عميقاً، وكانت وصلت القهوة، فأخذ منها رشفة ثم نظر إليّ وقال: المهم كانت محاضرة قوية جداً، راح نصف عمرك لأنك لم تحضرتها.. كان تفاعل الجمهور قوياً.. لأن الموضوع مهم جداً..
كان عنوانها:
(كيف ننشر ثقافة الحوار الحضاري في المجتمع).!
لنكن واقعيين.. مجتمعنا متخلف، لا يجيد لغة الحوار الحضاري.. لذلك يقع على عاتقنا (نحن النخبةَ) جهدٌ مضاعفٌ لتكريس مقولة المهاتما غاندي:
(لا ينبغي أن يؤدي الاختلاف في الرأي إلى العداوة...)
وكذلك علينا العمل بمقولة الشافعي:
(رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأيك خطأ يحتمل الصواب)
يا أخي.. الأوربيون غير شكل.. حوارهم حضاري بيحترموا بعضهم.. ولك حتى الحيوان بيحترموه.. أما مجتمعنا ففيه أمراض نفسية غريبة عجيبة..!!