تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


عندما تُفْقَد الثقة

اضاءات
الخميس3-10-2019
شهناز فاكوش

ما أصعب أن تتصدع الثقة بين طرفين أياً كانت العلاقة بينهما، خاصة إن كانت بين حميمين، كعلاقة المواطن مع النخبة الثقافية أو السياسية التي ينتمي لها،

أو يستشعر أنها تمثله في وقت ما، لكن ما الذي يمكنه زعزعة هذه الثقة في المشهد العام.‏

الإرهاب الذي يضرب بعض الدول؛ يمس العالم بشكل ما، ويؤثر على الأمن والاستقرار، ويعطل عجلة التنمية، وأكثر من يزعزع الثقة أولئك الذين يعتلون المنابر على خلفية القدسية الدينية، فتأثير الخطاب الديني يتفوق على مؤسسات المجتمع.‏

فقدان الثقة فايروس يحقن في جسد المجتمع ليحطم ذاته، ولا حاجة لعدوه عندها للتدخل عسكرياً، هذا الفايروس أساليب حقنه متعددة الوجوه، يبدأ بالمدارس البعيدة عن مراكز المدن، فلا تحية للعلم ولا يُنْشَدُ نشيد الوطن، ما يهيئ الجيل لتربية إرهابية.‏

تتوجه هذه التربية لزعزعة الثقة بالجيش الذي يحمل هم الوطن، فهو من رَحِمِهِ، ويتربع في الضمير الجمعي لأبنائه، تُأجج ضده الحوارات التي لا تصل لنتيجة، تثير تشنجات المراهقة السياسية عند بعض النخبة، التي تقف على أرضية واحدة من الفكر.‏

الاعتداء الصهيوني المباشر على سورية بعيداً عن الوكيل، واحد من محاولات زعزعة الثقة، لكنه في الحقيقة يعني أن الصهيونية العالمية تتصدع، مقابل قوة سورية في صمودها الأسطوري ضمن محور المقاومة، ما غير معالم السياسة العالمية‏

سر الصمود هذا أطاح بمشاريع التقسيم الأميركي لدول العالم، هو فكر يقدمه المعلم وأساتذة مدارس الأطفال، لإعادة إنتاج مجتمع خالٍ من السموم ولديه مناعة فكرية، بعيداً عما جعل الشباب مستعداً لفعل العنف، وضرب مجتمعه وصولاً لتفجير نفسه‏

تعزيز الثقة التي اهتزت بالنخب السياسية والثقافية، خلال فترة الحرب على سورية تحتاج توحيد عمل المؤسسات؛ لرفع الوعي السياسي للمواطنين، من خلال التثقيف السياسي ورفع مستوى الفكر والثقافة الإنسانية، ضد الفكر الهدام المتشدد المتطرف.‏

الفكر الدعوي المرتدي مسوح التنوير وفي داخله بذور التكفير والإرهاب، يؤسس لأمراض اجتماعية مستحدثة، أهم أدواتها وسائل التواصل الاجتماعي، التي تسخرها القوى الرجعية الإسلاموية، مستخدمة العمق اللفظي على منصات التفاخر الاجتماعي‏

عند استخدام وسائل التواصل الحديثة يظهر دور الإعلام، والجامعات والأحزاب السياسية، ومناهج وأساليب التعليم، واختيار القائمين على التدريس في التوجيه لصيانة المجتمع وحصانته، لأنها على مقربة كافية في ملامسة المجتمع بشكل مباشر.‏

وسائل التواصل لها القدرة على قلب المفاهيم من خلال مستخدميها، في تزييف الحقائق وقلب الواقع، والهجوم على شخص بعينه، وتحويل الإيجابيات إلى سلبيات مدمرة، وهذا أبشع أساليب الإرهاب، لأخذ المجتمع إلى الانحراف والتطرف والنقمة.‏

ذات وسائل التواصل السوفت وير والهارد وير، يمكننا من خلالها حماية قطاعات المجتمع وتعزيز الثقافة السياسية، والثقافة الاجتماعية، في غرس القيم الإيجابية، التي توجَّه للأطفال في مراحل مبكرة من مؤسسات التنشئة، لتوافق ما تغرسه الأسرة.‏

الاهتمام الشعبي في مراقبة الأداء الجيد، للمؤسسات المعنية بتهذيب استخدام وسائل التواصل في أداء دورها المفترض مهم، وكذا دعم الأحزاب الوطنية وتقويتها وتقوية دور الإعلام لتكون رافعة الوطن، التي تمنحه الحصانة والمناعة على المدى الطويل.‏

الفن الرفيع مانع، وحصانة الموسيقا الراقية والدراما الرفيعة، جميعها وسائل تجريف وتفريغ فيزيائي للعنف، مقابل التجريف والسخرية من الفن الرفيع، لنشر الفكر المسموم، وهنا يبرز دور قوة الإعلام، في استرداد كل ما هو راقٍ ورفيع في الفن.‏

الإعلام والدراما الأميركية تعمل على دمج الجميع؛ في صحن السلطة الأميركي، لينتموا لفكر واحد، ومجتمع واحد مستنسخ أمريكياً، وتحويل الثقافة والفكر الاجتماعي والسياسي نحو تدني الذوق الجمعي، وهشاشة الحس الوطني، وبعث الفردية وتدمير الجمعية، وقراءة النص الديني والتاريخي بشكل مجتزئ، واللعب على الأفكار في الفراغ، فالشائعات تدمر الشعوب، وتناقل الأخبار الكاذبة وتضخيمها يجعلها كارثية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية