|
|
القرم.. وتغيير قواعد اللعبة حدث وتعليق وهو إعلان شبه جزيرة القرم قرارها الانضمام لروسيا، وتحضيرها للاستفتاء على ذلك بعد أيام.. والذي يمنحها الدستور الأوكراني حق إجرائه كمنطقة حكم ذاتي. قرار القرم غيّر قواعد اللعبة في أوكرانيا، ومنح روسيا موقع التفوق الاستراتيجي في الصراع، فوفقاً لمعايير القانون الدولي والديمقراطية ستربح روسيا في الاستفتاء المنطقة التي تتمتع بمزايا استراتيجية في أوكرانيا، وهي المورد الاقتصادي الرئيسي والساحل المطل على البحر الأسود، وسقف ما يمكن المطالبة به من الغرب هو إعادة الاستفتاء في شروط رقابة أممية، لن تغير من نتيجته شيئاً مع وجود 55 في المئة من سكان الجزيرة من أصول روسية. ما بعد القرم يعني للغرب الخسارة في أوكرانيا بالنقاط وتوقع الأسوأ، وليس بيد الأميركي أوراق قوة يمكن التقاطها لتغيير الموازين، ولذلك يتراجع خطوة إلى الوراء عن الأحداث. إذاً الاندفاعة الأوروبية الأميركية تجاه أوكرانيا مخطط لها للانتقام من روسیا ومحاصرتها، لأنها استعادت في الآونة الأخيرة جزءاً من تراث القطبین في العلاقة مع الولایات المتحدة! ما یعني الإخلال بالصیغة القائمة للتوازن في أوروبا والعالم بالنهایة. ومن هنا يأتي الاستعداد والجهوزیة الروسیة لخوض حرب في مواجهة الخطر الذي قد يصيب صمیم الأمن القومي الروسي، باعتبار أوكرانيا واحدة من آخر المواقع التي تنتهي إلى العمق الروسي والذي من الصعب أن تتخلی عنه الإدارة الروسیة بهذه البساطة. إذاً يقدم وضع أوكرانيا الحالي نموذجاً ومثالاً ساطعاً لمخاطر وأضرار التدخل الخارجي في شؤون البلدان المستقلة، ويقدم درساً بالغاً لقضايا العلاقات وحقائق ادعاء الانفتاح لدى القوى الغربية التي لا تعرف سوى بالاحتكار والنفوذ والسيطرة، وأوروبا وأميركا تدركان جيداً أن «السلمية» لن تحقق مرادهما هذه المرة، وأنه لا يمكن استعادة التجربة البرتقالية بنجاح الآن، فهما مفلستان، والأهمّ أن الوقت يداهمهما.. لأن فصل الربيع بات على الأبواب، وهو ربيعٌ روسي بامتياز ويتسبب بحساسية مزعجة للقارتين المريضتين اقتصادياً.
|
|||||||||||||||||||||||||
