تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


التـوقعــــات والعقـبــــات

شؤون سياسية
الثلاثاء 21-1-2014
د. عيسى الشمّاس

مع اقتراب موعد انعقاد مؤتمر جنيف الثاني ، تتزاحم الاجتماعات واللقاءات والتصريحات ، وتتزاحم معها الشكوك والتكهّنات والتوقّعات ؛ فمن متفائل إلى متشائم ومتشائل ؛ وذلك تبعاً للظروف والمعطيات التي تسبق موعد المؤتمر والتحضيرات اللازمة له بين التسهيل والتأجيل والتعطيل .

فالأمانة العامة للأمم المتحدة ، وجّهت دعوات لدول وأطراف عربية وأجنبية ، للمشاركة في المؤتمر ، ويقال إنّ ما يقرب من ثلاثين دولة دُعيت لحضور هذا المؤتمر . وفي المقابل ، انقسم (الائتلاف ) المعارض على نفسه ، بين مؤيّد للمشاركة في المؤتمر ومعارض لهذه المشاركة ، وهذا ما ظهر في اجتماع اسطنبول ( 3و4/ 1 / 2014 )، ومن ثمّ في اجتماع قرطبة ( 10/1/2014) بعد الإعلان عن انسحاب ستة وأربعين عضواً يمثّلون ست كتل أساسيّة في بنية هذا الائتلاف، احتجاجاً على المشاركة من دون شروط مسبقة .بينما أعلنت هيئة التنسيق المعارضة ، عدم توحيد الوفد مع الائتلاف ، وتتريّث في مشاركتها وفق الشروط والمعطيات الخالية المتوفّرة ، وتنتظر إيضاحات حول بعض الأمور ، مع تأكيدها على العمل لإيجاد الحلّ السياسي.‏

وفي مسعى للّم شمل الائتلاف المفكّك ، اجتمعت (شلّة ) من الدول التي تسمّي نفسها (أصدقاء الشعب السوري ) بعد يومين على اجتماع قرطبة ، في باريس ( 12/1/2014 ) ولم يتجاوز عددها إحدى عشرة دولة ، بعدما كان عددها يقرب من ( 150) دولة في شباط 2013 . وكان من نتيجة هذا الاجتماع ، الضغط على المعارضة لحضور مؤتمر جنيف الثاني ، والتأكيد على أنّ الحلّ يجب أن يكون سياسيّاً وليس عسكريّاً ، إلى درجة أنّ أمريكا وبريطانيا هددتا بوقف الدعم عن ( الائتلاف ) إذا لم يشارك في المؤتمر . وعلى الرغم من ذلك ، فقد برزت مواقف متناقضة، ففي حين أعلن / جون كيري / وزير الخارجيّة الأمريكية ، ضرورة مشاركة جميع الأطراف في الحلّ السياسي ، كان الناطق باسم الخارجيّة الأمريكية يصرّح بأن حكومته ستعيد تزويد المعارضة المسلّحة بالأسلحة غير الفتاكة . في المقابل شدّد / لوران فابيوس / وزير خارجيّة فرنسا ، على ضرورة عقد مؤتمر جنيف 2 والعمل على إنجاحه ، ولكنّه أردف ضرورة انتقال السلطة كشرط من شروط المؤتمر .‏

وفي اليوم التالي ( الاثنين 13/1/2014 ) ، عُقد اجتماع ثلاثي في باريس ضمّ ( كيري + لافروف+ الإبراهيمي ) ، لبحث التحضيرات لانعقاد مؤتمر جنيف الثاني في موعده المحدّد ، وشدّد المجتمعون في مؤتمرهم الصحفي على ضرورة مشاركة جميع الأطرف المعنية بالأزمة السورية ، بما فيها إيران والسعودية ، حيث برز الموقف الروسي الثابت بالتأكيد على أن يكون الحلّ من خلال الحوار الوطني بين السوريين أنفسهم ، ومن دون تدخّل أجنبي ، على أن تعطى الأولوية في المؤتمر لمكافحة الإرهاب .‏

فمن الطبيعي أن تشترك تركيا والسعودية وقطر ، بوصفها الدول المموّلة للإرهاب ، تسليحاً وتدريباً ، وعليها أن تلتزم بوقف الدعم والتمويل لإنهاء الأزمة ، بحسب أولوية جنيف 2، وعوامل نجاحه . ومن الطبيعي أن تشترك أميركا وحلفاؤها الأوروبيون ، لأنّها قادة المؤامرة على سورية التي وصلت إلى نهاية الفشل المحتوم أمام الصمود السوري الصلب ، وعلى هذه الدول أن تعمل من خلال جنيف الثاني للخلاص من الورطة التي وضعت نفسها فيها . كما أنّ مشاركة العراق ولبنان والأردن ، أمر ضروري وحيوي بالنظر لمتاخمتها لسورية، وتشكّل معبراً للإرهابيين القادمين للقتال في سورية ، إضافة إلى استقبالها آلاف المهجّرين السوريين الهاربين من بطش العصابات الإرهابية وإجرامها . ولكن كان من المستغرب ألاّ تشترك إيران في هذا المؤتمر ، وهي الدولة الإقليمية بوزنها المادي والمعنوي ، ولها علاقاتها المتعددة الجوانب مع الدولة السورية ، ومن الضروري أن تسهم في إيجاد الحلّ المناسب للوضع المتأزّم في سورية ، لأنّ ذلك ينعكس إيجاباً على استقرار المنطقة التي تمثّل جزءاً مهمّاً منها .‏

فسورية من جهتها ، أعلنت باستمرار أنّها مع انعقاد جنيف الثاني من دون شروط مسبقة، وتعمل كلّ ما يطلب منها لإنجاحه بوصفه مدخلاً لحلّ الأزمة بالطرق السياسيّة ومن خلال الحوار ( السوري - السوري ) البنّاء ، الذي ينطلق من مصلحة الوطن أولاً . فهل تفعل الأطراف الأخرى ما يطلب منها لإنجاح هذا المؤتمر ، بدلاً من العمل على تعطيله أو إفشاله من خلال الاستمرار في دعم العصابات الإرهابيّة ، وتشجيع بعض أطراف (المعارضة) على عدم المشاركة في المؤتمر، والتمادي في سفك الدم السوري ، بما يخدم أجندات خاصة هدفها تفكيك سورية وإضعاف موقفها المقاوم لمشاريع هذه الأجندات الإقليميّة والدولية.‏

وإذا كانت ثمّة إرادة دولية لحلّ الأزمة السورية ،توّجتها دعوة بابا الفاتيكان/ فرنسيس الأول / ، بضرورة مشاركة كلّ الأطراف المعنية بما فيها إيران ، فإنّ المشاركة في مؤتمر جنيف الثاني ستكشف عمّن يريد الحلّ وعمّن يعوّق الحلّ ويعطّله . فالدولة السورية أعلنت موقفها الوطني الثابت ، والشعب السوري قال كلمته الصريحة ، فلا حلّ إلاّ بالحوار الوطني ، حيث يقرّر الشعب السوري بكلّ أطيافه ، نظامه السياسي ومستقبل وطنه وانتخاب رئيسه ، من خلال الاستفتاء الشعبي العام على كلّ ما ينتج عن مؤتمر جنيف الثاني ، ومن دون تدخّل خارجي يمسّ استقلال الوطن وسيادته .‏

ومن يعتقد أنّ الحلّ يأتي بغير ذلك ، كالتفاوض على تسليم السلطة ، أو تشكيل هيئة كاملة الصلاحيات ، أو تنحّي رئيس الجمهورية ، وغير ذلك من الطروحات التي لا تلقى صدى إلاّ في أذهان أصحابها ، فهو أحمق ومن معه من المعارضين والأصدقاء الموتورين والمأزومين .‏

فالشعب السوري عانى وضحى وصبر ، وهو صاحب القرار في بناء سورية الديمقراطية الجديدة ، ولن يسمح بأي حلّ يفرض عليه ، كما لم ولن يسمح للعملاء والمأجورين والمتآمرين أن يحقّقوا أهدافهم ..!!‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية