تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


جـنـيــــف 2.. في المدى السحيق بين سورية والإرهاب

شؤون سياسية
الثلاثاء 21-1-2014
بقلم: د. أحمد الحاج علي

لم أقاوم هذه الملاحظة فأنا أكتب هذه المقالة على ضوء ذلك السراج العتيق وتتناوب عليّ حزمتان من المشاعر إحداهما انبعاث الماضي بكل أوضاعه المحببة وثانيتهما ذات مغزى سياسي ذلك أن الإرهاب تغلغل في الانتشار

حتى لحظة الدخول والتداخل في أبسط مقومات الحياة ومعروف كم ركز الإرهابيون على تدمير الطاقة الكهربائية في مسعى انتقامي غرائزي من جهة وفي محاولة آثمة يقدرون أنهم من خلالها سوف يعطلون حركة الحياة العامة والخاصة.‏

إذاً لقد دخلت الملاحظة في صلب الصراع السياسي والحضاري الدائر على سورية وفيها، والموضوع الذي لا يغادرنا ولانغادره هو جنيف/2/ فليفعل الإرهابيون ما يشاؤون فنحن سوف نستمر بالكتابة وسوف نحلل في السياسة ألا يرى القارئ معي أن أبسط الردود على الإرهاب هي أكثرها عمقاً، وتقود إلى جنيف/2/ مستذكرين في البدء منافذ ثلاثة تدل عليه وتسهل علينا اقتحامه في الجوهر ،في المنفذ الأول هو وسيلة لإنجاز هدف أو ترتيبات لهدف والظاهر فيه هو البحث عن حل سياسي على قاعدة الحوار وفي المنفذ الثاني فإن جنيف هذا هو محصلة أولية وبالعناوين لتفاهمات دولية وليس لتوافقات دولية لأن التفاهمات قد تكون بين خصوم وأعداء وتشكل محاولة أولية لالتقاط بعض القواسم ،أما التوافقات فهي تطابق إرادات إلى حد متوسط أو راجح بين قوى متناقضة ، وأما المنفذ الثالث والهام فهو أن جنيف /2/ إنما يستوعب الصدى والمدى الذي وصل إلى القوى الكبرى من خلال الأداء الوطني السوري العربي سواء على أرض الميدان في المواجهة عسكرياً أو في منسوب الوعي الشعبي والاجتماعي بل في مجمل الحالة الوطنية التي سرعان ماعادت إلى منابعها النقية وتخلصت من الأدران والعوالق ورفست عناصر التشويه والتشويش في تشكيل وعي بما يجري في سورية، وهكذا سوف نلتقط عنصرين هامين يفرضان حضورهما في اللحظة الجنيفيةالقائمة،العنصر الأول هو حالة الانكشاف التي قدمت الصورة الحقيقية للأهداف والوقائع بحقائقها ومضامينها الثابتة بعد مسافة زمنية سيطر فيها الغموض وأخذ المظهر الخادع طريقة إلى نسب كبيرة في موقف الأطراف المتناقضة جميعها وبموجب عنصر الانكشاف صار واضحاً أن المسألة برمتها هي عدوان خارجي عميق الأبعاد ومتعدد الأطياف على سورية العربية والإرهاب هو الأداة التنفيذية مطلقة الصلاحية في تدمير الوطن السوري ، والمجموعات الإرهابية تمتد من العصابات إلى القوى وهي جاهزة أبداً لإنجاز غواية التدمير والقتل في سورية والاستمرار في هذه الغواية في كل أنحاء العالم مادامت الشريعة (التوراتية) تؤكد لهم أنهم يخاطبون الرب الخالق بما قرروا تنفيذه وأنهم عبر الإسلام السياسي يقدمون رؤية على أنهم (رجال الله) على الأرض وأنهم سوف يلغون المسافة بين السماء والأرض عبر مايعتقدون وهكذا فقد اكتشف العالم متأخراً أن الإرهاب بهذا المعنى موجه للإنسان والإنسانية وأن سورية هي مجرد ( الاستاج) التطبيقي لهذه التجربة التي استبدت بقوى الإرهاب ومن يحتضنها ومن يغذيها مادام العالم الغربي والصهيوني لايدفع ثمناً في اللحظة الراهنة من دماء البشر هناك، أما العنصر الثاني في فهم جنيف2 فهو المتصل عفوياً بفكرة التشكل القادم، ليس الذي كان وليس القائم، كأنما هناك حالة تجميع لموجات سياسية ثم تجري عملية تفجير هذه الموجات بما يماثل اختراق جدار الصوت في عالم الطيران، إن الأحوال العامة تتشكل والأهداف العامة تتشكل والعامل الذي يفعل فعله في نظرية التشكل هذه هو ثبات الموقف السوري بتواتر وتراكم ينمو مع كل حركة، الأمر الذي شكل عشرات الجدارات أمام المشروع الإرهابي وحماته وقد كان أمام القوى المعتدية حتى هذه اللحظة خياران إما أن تمضي في اعتناق طوفان القتل والتدمير إلى منتهاه وهذا يعني أن الخطر الإرهابي سوف يقتلع مستويات الحضارة الإنسانية القائمة على علاتها- من الجذور وهنا سوف يكون الفارق الزمني دون غيره هو المتحكم بمسيرة الذبح التي بدأت من سورية ولكنها لن تنتهي إلا في أعماق نيويورك وواشنطن وباريس ولندن وسدني والرياض وأنقرة، والقاعدة هنا بسيطة تقول من أطلق جحافل الإرهاب عليه أن يعد نفسه لافتراس الوحش له في الزمن المناسب، لعل التجربة التتارية القديمة والتجربة الصهيونية المعاصرة وتجربة الوهابية في ملحقاتهما، كل ذلك سوف يدخل غصباً وليس احتمالاً في مساهمات التدمير الإنساني عبر العالم كله أو أن تستجيب في الخيار الثاني لمنطق الحياة والمشروعية والحق وهذا الخيار سوري المكان وسوري الفكر ولكنه عالمي الأثر والتأثير لابد أن ينجو العالم من أخطر مقلب أوشك أن يقع فيه، وشركٍ تم ممارسته بعد تصميمه من أقذر وأحط التيارات الدولية والإرهابية المعاصرة ألايكفي أن نستدل بالعقل السعودي المتخلف على ذلك، ألا نخجل أن تكون قوى الظلام بتنظيماتها وانتماءاتها وراء الزمان والإنسان هي التي نفترض وتفرض،إن العالم حينما يجانف المنطق السوري إنما يجانف ذاته ومظاهر حضارته وأسس فلسفته وتكوينه، إن من حقنا الآن أن نتأكد من المقولة التي أطلقتها منذ زمن طويل في الصراع وأكدت فيها أن سورية العربية صارت معادل الدنيا بأكملها وبقي عليها أن تعادل ذاتها، إن جنيف2 يقع بين شدين في هذه اللحظة شد يأخذ العالم إلى جهنم مجاناً وبفعل الأحقاد وشد نقيض يدق ناقوس الخطر أمام موجات الإرهاب، سوف تتحرك الغرائز الفطرية في هذه المرحلة بالتأكيد وسوف يصحو العالم بتنوعاته وتناقضاته على هول الكارثة الإرهابية وهذا يعني أن جنيف2 سوف يأتي إلى سورية بالتأكيد.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية