تعكس حجم الأزمات التي تعانيها أمريكا في العراق وفي المنطقة عموما,وحجم الضغوط الصهيونية التي تمارسها إسرائيل والصهيونية العالمية على هذه الإدارة الأميركية للضغط على سورية وعزلها لأغراض استراتيجية إسرائيلية تهدف إلى فصل دمشق عن مسار التأثير على مشاريع إسرائيل التوسعية واتفاقاتها المنفردة وتغلغلها في الدول العربية,ولأن لبنان يمثل اليوم أهم أوراق اللعبة في العلاقة مع دمشق,فإن إسرائىل وأمريكا تختبئان وراءه بذريعة الحرص على أمنه وسيادته وكشف الحقيقة بشأن اغتيال الحريري والتي تحولت إلى لازمة مصطنعة ومستهجنة في الشارع اللبناني نفسه.
لن ندخل في لغة النفي أو في لغة دفع التهم عن الموقف السوري بما يتعلق بالموضوع اللبناني السوري,أو بشأن ضرورة وجود رؤية مستقبلية تخدم وتطور العلاقات بين البلدين,فموضوع العلاقة بين لبنان وسورية ليس كما يصوره الأمريكيون والإسرائيليون وآخرون وجود أزمة في العلاقات السورية اللبنانية,إن تشابك العلاقات والمصالح بين البلدين يستدعي وجود حوار دائم ومتواصل لتطوير لغة التفاعل والاتجاه بهذه العلاقات دائما نحو التطوير والتعميق لتكون بالفعل علاقات مميزة كما ينشدها كل سوري ولبناني,وليس باتجاه اصطناع الأزمات من أطراف خارجية, وموضوع الحريري كان أهم أزمة صنعتها إسرائىل وأمريكا لضرب علاقة الأخوة بين البلدين والذي كان الحريري يحرص على استمرارها وتعميقها .
أين الأزمة في العلاقة بين سورية ولبنان?!
هذا السؤال ضروري أن يطرح في وسائل الإعلام ومن قبل كل مواطن لبناني وسوري وعربي..
أين الأزمة ?!عندما نزيح كل هذا الضباب المتراكم الذي نفثته القوى المعادية لأي تقارب بين سورية ولبنان,وما تحاول إسرائىل وأمريكا صنعه من أزمات مفتعلة..فإننا لن نجد أزمة.ربما سنجد الحاجة تستدعي تعميق العلاقات وليس قطعها, فالمصلحة السورية- اللبنانية والاعتبارات الأخوية التاريخية تستدعي التعميق وليس التفريق.
في الأساس ليس ثمة أزمة حدود أو أي نوع من أنواع الأزمات بين سورية ولبنان,وقضية اغتيال الحريري لا علاقة لسورية بها وشكلت ضررا على سورية أكثر من غيرها,وإن القوات السورية واستخباراتها خرجت من لبنان نهائيا,لأن وجودها كان في مرحلة ما ضرورة ومطلبا للسلطة اللبنانية والإرادة اللبنانية والشعب السوري والجامعة العربية,فرضتها الإعتداءات الإسرائيلية المتكررة,فهذا الوجود جاء لاعتبارات أمنية فرضتها الأزمة اللبنانية وليست الحاجة السورية,فالحوار بين لبنان وسورية ليس بالأمر المستعصي إذا كانت ثمة قضايا تستوجب الطرح لأن في طرحها مصلحة للبلدين معا,فالمجلس الأعلى السوري اللبناني مازال قائما,والاتفاقات الاقتصادية والثقافية التي تحكم العلاقة بين البلدين هي أقوى من كل تلك التبادلات الدبلوماسية التي تجسدها السفارات بين البلدين عادة,والأقوى أيضا من كل هذه الاتفاقات والمعاهدات القائمة بين سورية ولبنان,أو بالأحرى إن ما يعزز هذه الاتفاقات ويقويها ويجعلها تنشد مزيدا من التقارب والتفاعل والتعاون والتعميق والتنسيق في المجالات كافة هو علاقات الدم والتاريخ والجغرافيا,لأن هذه العلاقات هي التي جعلت من لبنان وسورية بلدين يضمان شعبا واحدا.
أين الأزمة في العلاقات السورية اللبنانية?!
نحن في سورية نسأل ,والمواطن اللبناني يسأل:
أين الأزمة?!إنها في اغتيال الرئيس الحريري كما تقول أمريكا وكما يقول بعض المستقوين في لبنان بأمريكا,ويقولون إنها في المقاومة,وفي ترسيم الحدود,وفي التدخل السوري بالشؤون اللبنانية?ََ!
عندما تطرح هذه الأسئلة بهدوء وبروح الجدية والأخوة,خا رج التدخل الخارجي نجد أن لا وجود لأزمة أبدا,فاتهام سورية باغتيال الرئيس الحريري لم يكن بناء على تحقيق قامت به المنظمة الدولية,أو لوجود قرائن تؤكد ضلوع سورية في هذه الجريمة,الاتهام بدأ مع اللحظة الأولى بعد الاغتيال من قبل تلك القوة التي ارتبطت تاريخيا بإسرائيل وأمريكا ومن بعض الجهات التي استطاعت أمريكا أن تشدها إليها بوسائل كثيرة منها شراء ضمائرها,إضافة إلى الإعلام الأمريكي الصهيوني الفرنسي,وكل هذه الجهات المعادية لسورية ونهجها القومي المعادي للمخططات والمشاريع الغربية تضافرت جهودها لوضع المواطن اللبناني والعربي والعالم في موضع التصديق بأن سورية وراء الاغتيال.
يقول الرئىس بشار الأسد في لقاء مع قناة (كواترو)الرابعة الإسبانية,إن أعداء سورية يريدون توريط سورية في جريمة اغتيال الرئيس الحريري,ويثيرون مشكلة غير موجودة للحدود بين سورية ولبنان,وإن سورية لا علاقة لها بهذه الجريمة,وهذه ستكون النتيجة الوحيدة للتحقيق برئاسة القاضي برامرتز,وإننا سنتعاون مع التحقيق لأن سورية هي الأكثر تضررا.
ليس ثمة أزمة حدود بين سورية ولبنان كما يقول الرئىس الأسد فهو يقول :يتم فقط إثارة مشكلة جديدة بين لبنان وسورية من قبل دول عدوة لسورية وخلق انطباع بأن سورية تخوض مواجهة مع لبنان.
تصعيد الخلاف بين لبنان وسورية مصلحة أمريكية إسرائيلية,ليس حبا بلبنان وإنما كرها بسورية وبمواقفها القومية الصلبة في مواجهة المشاريع الأمريكية الإسرائيلية,يقول:روبوتوم نائب وزير خارجية أمريكي سابق (إن أية ثقافة أو سياسة لا تصب في مصلحة السياسة الأمريكية, والثقافة الأمريكية هي أوتوماتيكيا معادية لمصالح الولايات المتحدة,غنى مصالح الولايات المتحدة ممتدة إلى آخر الكون ,هذه الفلسفة الأمريكية التي تحدد مواقفها,ولهذا فإن القرار التنفيذي الأمريكي في 11/أيار 2004الذي سبق القرار الأخير المتخذ منذ أيام بتجميد عائدات وممتلكات أي شخص أوكيان يشتبه بتورطه في جريمة اغتيال الحريري,يرى وجود حالة طوارئ في العلاقة مع سورية ويعتبر أن نشاطات سورية معادية لأمريكا وداعمة للإرهاب,وأنها تسعى للحصول على أسلحة دمار شامل,ومحاولة تعويض السياسة الأمريكية في العراق,وكلها تشكل خطرا غير اعتيادي على أمريكا.
هذا القرار اتخذ قبل اغتيال الحريري وقبل قرار مجلس الأمن ,1559وفيه تتهم سورية بأنها تشكل خطرا غير اعتيادي على الولايات المتحدة,وعلى سياستها في العراق,أليس مثل هذه الاتهامات المعلنة تؤكد أن لبنان ليس أكثر من واجهة?!القرار التنفيذي الجديد يتزامن مع المبادرة العربية,وبعد مؤتمر القمة وبعد موافقة سورية على استقبال رئيس لبنان وبعد انفراج وهدوء بين البلدين وبعد ذهاب ميليس ومجيء القاضي البلجيكي,وبعد نجاح حماس في الانتخابات,إن موقف سورية من حماس ومن قضية التعاون مع لجنة التحقيق ومع المبادرة العربية هو الذي صعد لهجة العداء لسورية والتي وصلت بمساعد وزيرة الخارجية الأمريكي ديفيد ولش إلى القول بدعم أية جهة سورية تريد أن تعمل على إسقاط النظام في سورية, وتزامن التقرير التنفيذي وتقرير الخارجية الأمريكية مع تقرير تيري لارد لارسن الذي يشكل حالة عدائية معلنة لسورية بسبب مواقفها,الذي يصفها الرئيس الأسد بالقول التالي:إن مشكلة البعض مع سورية ومشكلة سورية معهم هو انتماؤها القومي العربي.