ما البرنامج النووي العراقي ? الأسلحة النووية لدى الهند والباكستان,ما مكونات البرنامج النووي الإيراني? وما مراحله وكيف تطور ? ما المنشآت النووية الإيرانية?ما الصواريخ البالستية الإيرانية? ما وجهة نظر إيران حول برنامجها النووي ? ما موقف الوكالة الدولية من البرنامج النووي الإيراني ? ماالموقف الأميركي من البرنامج النووي الإيراني ? ماموقف الاتحاد الأوروبي ? ما أثر البرنامج النووي الإيراني على منطقة الشرق الأوسط ? ما النتائج المتوقعة لاستخدام الولايات المتحدة للخيار العسكري?
الكتاب معلومات موثقة بتفاصيل دقيقة,وتطرح للمرة الأولى على صعيد النشر.وهو من تأليف الدكتور رياض الراوي,وصدر في دمشق عن دار الأوائل.
لا شك أن أهمية البحث في موضوع البرنامج النووي الإيراني لا تنبع من خلال ما أثاره وما زال يثيره هذا البرنامج من تناقضات وتباين في وجهات النظر بين الجمهورية الإيرانية الإسلامية من جهة والتي تصر على كونه مخصصا للأغراض السلمية,أو من الجانب الآخر المشكك به والذي تقوده بشكل خاص الولايات المتحدة الأميركية,إذ توجه الاتهام إلى إيران فيما يتعلق ببرنامجها النووي كونها ترى أنه يحوي في ثناياه أو يواكبه بخط متواز معه برنامج نووي عسكري سري يهدف في محصلته النهائىة إلى امتلاك السلاح النووي,وما البرنامج النووي السلمي إلا غطاء يتم التستر من خلاله على هذا البرنامج السري.
ولعل سببا آخر يمنح البحث في هذا الموضوع أهمية أخرى من خلال الربط بين الإرهاب ومكافحته وبين امتلاك أسلحة الدمار الشامل,والتي يشكل السلاح النووي العنصر الأهم فيها للدول من خارج النادي النووي,ولا سيما الدول التي سميت بالدول المارقة والتي تشمل العراق قبل الاحتلال وايران وكوريا الشمالية,هذا الربط تعزز بعد أحداث الحادي عشر من أيلول 2001 التي نتج عنها تغيير جوهري على الاستراتيجية العسكرية الأميركية في ظل البيئة الدولية المرافقة للحدث إذ تحولت من استراتيجية الردع إلى استراتيجية الضربة الاستباقية.
لقد تم تناول موضوع البحث من خلال اتباع المنهج الوصفي التاريخي وهو ما بدا واضحا بشكل أساسي على الفصلين الأول والثاني وإلى حد ما الفصل الثالث,بينما تم توظيف المنهج التحليلي في مواضع متعددة من أجزاء البحث, ولكن كان ذلك بصورة أكثر وضوحا عندما حاول الكاتب التوصل إلى تحديد الخيارات المستقبلية في الفصل الرابع من الكتاب وكوسيلة للخروج بالاستنتاجات التي احتوت عليها خاتمة البحث.
يتألف الكتاب من 330صفحة توزعت على 4 فصول ومقدمة وخاتمة واستنتاجات, جاء الفصل الأول محاولا التعرف على القوة لدى إيران وموقعها في المكون المجتمعي الإيراني أما الفصل الثاني فقد حمل في طياته وصفا لمكونات البرنامج النووي الإيراني ومراحل بنائه وتطوره وتعدادا للوسائط الإيرانية لإيصال السلاح النووي,وفي الفصل الثالث حاول الكاتب التعرف إلى محاور التباين بين الأطراف الأساسية المختلفة فيما بينها حول طبيعة وأهداف هذا البرنامج كل على وفق وجهة نظره ومبرراته(الإيرانية والوكالة الدولية للطاقة الذرية والأميركية).في الفصل الرابع تم رسم ملامح النتائج المحتملة أو المتوقع أن تترتب مستقبلا على هذا البرنامج.
وإذا ما تفحصنا البيئة الدولية والإقليمة خلال هذه المرحلة سنجد أنفسنا أمام عدد من الحقائق التي لا يمكن إغفالها وهي:الحقيقة الأولى :إن الولايات المتحدة تقف اليوم على قمة هرم النظام الدولي,قوة عظمى مهيمنة من دون منافس(عسكريا على الأقل)والحقيقة الثانية:إن البيئة الاستراتيجية للمنطقة قد بدأت تشهد واقعا جديدا تأسس بشكل خاص بعد الاحتلال الأميركي للعراق,وإن أهم متغيرات هذه البيئة هي تلك التي تتعلق بمستويات استخدام القوة أو التهديد باستخدامها,فضلا عن ذلك فإنها قد أفرزت واقعا جديدا تضمن اتجاهين مهمين ورئىسيين في الوقت نفسه وهما:الأول: تضمن اختلالا إلى أقصى مداه في توازن القوى في المنطقة,والاتجاه الثاني هو أن الشعور بالتهديد باستخدام القوة لدى بعض الدول في هذه المنطقة قد تصاعد بوتائر عالية كما هو الحال بالنسبة إلى إيران بينما انخفض لدى دول أخرى إلى مستويات متدنية جدا.
في المنطقة هناك اختلال حاصل في القوة من خلال الفرق بين القدرات العسكرية الإيرانية وبين القوة الأعظم في العالم,وخطر هذا الاختلال يكمن في مسألتين هما:
المسألة الأولى:التهديدات الأميركية المستمرة والمتصاعدة على إيران,بالإضافة إلى الخطر الآخر المتمثل بإسرائيل.
المسألة الثانية:التواجد الأميركي المحيط بإيران.
وفق ما تقدم فإن الاستنتاجات التي خلص إليها البحث هي :إيران الرقم الصعب في المعادلة الأمنية الإقليمية,حتى الآن لم يستطع أحد من الأطراف الدولية أن يقدم دليلا بأن لدى إيران مسعى للحصول على السلاح النووي.إيران لم تخرق معاهدة حظر الانتشار النووي,روسيا أكبر الأطراف التي قدمت المساعدة إلى الجانب الإيراني فيما يتعلق ببرنامجه النووي,تسعى إيران إلى الاعتماد على نفسها في تشغيل مفاعلاتها النووية,الولايات المتحدة وفق استراتيجيتها وفي صلب أهدافها الحفاظ على أمن إسرائىل(إسرائيل وحدها النووية في منطقة الشرق الأوسط) الدول العربية والإسلامية بوسعها أن تستفيد من القوة النووية الإيرانية.
هذا الموضوع مازال يشهد نهايات مفتوحة ,كتاب يستحق الدراسة.