تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


بــــــوح.. «عالــــمٌ.. ليـــس لنــا»

ثقافة
الاثنين 13-11-2017
هفاف ميهوب

قادتني مرايا العالم الذي أصبحنا نعيشه، ويعكس ما لدينا وفينا من قلقٍ وتوتُّرٍ وانفصامٍ وموتٍ وألم، إلى الإحساس بأنه فعلاً «عالم ليس لنا».. تماماً كما لم يكن للقاص والروائي الفلسطيني «غسان كنفاني»

الذي ولأنه أدرك عن سابقِ يقين، بأن ماتعكسه هذه المرايا عنَّا يجعل من الصعبِ تجميلنا، أطلق على إحدى مجموعاته القصصية هذا العنوان، علَّ من يقرأها يُدرك مقدار بشاعة الوجوه التي باتت تتمرأى على مرأى وطنٍ، تفاقم فيه الوجع إلى أن نزفَ كلّ أملٍ، بأن يكون من ينتمي إليه يستحق أن يُوصف بالإنسان..‏

نعم، إنه «عالم ليس لنا».. عالمٌ للخارجين عن أخلاقهم. للموغلين في حقدهم ونفاقهم واستيائهم.. للطامعين-الصاعدين، بضمائرٍ منفصلة وغير متَّصلة إلا بجشعهم القابض على أحرفِ النصبِ احتكاراً وابتكاراً ويقيناً بأنها سبيلهم المستتب والمُستَحبّ، وبتعدادِ أدواتها وهواتها ولامبالاتها، أمام أيّ استنكارٍ أو استفهام يُدين..‏

إنها مرايا النوايا.. نوايا العباد ممن ألحقوا خصالهم بأفعالهم.. سقطوا في قعر الدون، فاعتلوا الضوضاءَ - الهوجاء، سبيلاً للارتقاء ولكن، بالمنكرِ من أصواتهم..‏

مرايا.. من لم نعد آمنين وقانعين بأفكارهم وقناعاتهم أو حتى ما يعتنقونه بدعوى أنه دينا... من لم نعدْ نَشعُرهم، بأحاسيسٍ وعقولٍ وأفئدةٍ وأخلاقٍ تتساوى بما لدينا وفينا..‏

مرايا.. المعلّقون على جهلهم وخيباتهم لايكلَّونَ في سعيهم لإغراقنا بدنسهم وهوسهم الملعون.. الماضون في ذِلِّهم وظُلمهم، حدَّ لامبالاتهم بقيمِ الحياة التي هدروا معانيها، وأخضعوها إلى طيشهم الموغلُ في الفوضى والجنون..‏

مرايا.. أبناء اللاحياء، ممن تأبَّطوا النشاذ - الشواذ وأشهروا سلاحَ استهتارهم بعنجهيةٍ عرجاء.. صعاليكُ الوجود.. لا يبالون أو يتأدَّبون أو حتى يمضون، إلا لإثارةِ ما يَشي بأنهم المشاغبون-المتهافتون، لاقتراف الشرورِ بلا حدود.‏

مرايا.. كلّ من تستَّروا بأقنعةٍ لا شكلَ ولا وجهَ لها.. كلّ من ركبوا ذواتهم ضاربينَ بعنجهيّتهم الحياة، بطولها وعرضها وأناسها..‏

مرايا الأحقاد بأبعادٍ وبلا أبعاد.. تلتوي ثم تنزوي فلا تستوي.. لا تستوي فيها وجوهنا ولا يتضح لوننا، ولا تدل إلا على أن مانعيشه هو بحقٍّ.. «عالم ليس لنا»..‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية