فانتصارات الجيش العربي السوري المستمرة شكلت ضربة قاصمة لهذه التنظيمات ومن خلفها، لتطرق معها فرنسا وتركيا باب دمشق من روسيا، في ذات الوقت بدأت الاجندات تتصارع سياسياً على رمال «النشامى» حول ملف خفض التوتر الجنوبي وكيفية تنفيذه، بالمقابل استسلم بعض العناصر الارهابية تحت وقع توسع انتصارات الميدان، الامر الذي دفع بتنظيم «جبهة النصرة» الارهابي الى الاعتراف بهزيمته الماحقة في ريف حماة في ظل تقدم عمليات الجيش بتعبيد طريقها.
فقد استمر الحراك السياسي بتمهيد طريق الحلول السياسية للأزمة في سورية والتي كان اتفاق خفض التوتر الجنوبي أحد أوجهها فما لبثت الدول الضامنة على إعادة التوقيع عليه حتى انحشرت عمان في زاوية سوء فهم روسي - أميركي على ترتيبات خفض التوتر، فالأردن وواشنطن كثّفت نشاطها الدبلوماسي لضمان مراعاته مصالحها هناك، لكن رغم كل مناورات عمان السياسية لإعادة فتح أبوابها المغلقة مع دمشق إلّا أنها تحاول أن تحتفظ بشعرة معاوية في المنطقة عبر تنفيذ رغبة واشنطن لإبقاء أدواتها الارهابية التي تسلمت عرقلة إتمام اتفاق معبر نصيب في المنطقة ومشاركتها بتنفيذ الاتفاق وهو مادفع دميتري بيسكوف الناطق باسم الكرملين بدعوة واشنطن إلى الكف عن محاولات تأويل نص اتفاقية خفض التوتر الجنوبية.
وكانت هذه النقطة مثار اهتمام «إسرائيل» التي بدت غير راضية عن مضمون اتفاق تخفيف التوتر إذ أعرب ما يسمى وزير التعاون الإقليمي «تساحي هنجبي» عن وجود «شكوك» تجاه الاتفاق كونه لايحقق مطلب «إسرائيل»، الأمر الذي دفع بـ «اسرائيل» الى النباح على الحدود وإطلاق سهام فارغة من التصريحات خوفاً على مصالحها حيث خرج رئيس حكومة العدو «الاسرائيلي» بنيامين نتنياهو ليعلن أنهم سيواصلون نهجهم العدواني على الحدود السورية وفقاً لما أسمته «احتياجات أمنية»، بل ذهب بهم غيهم الى القول إنهم سيتصرفون في جنوب سورية وفقاً لرؤيتهم العدوانية والاجرامية.
هذه التحركات وجدتها الكثير من التحليلات محاولات فاشلة للتغطية على مشاكل العدو الداخلية فرئيس الوزراء «الإسرائيلي» يواجه القضاء في قضايا تتعلق بالاختلاس والرشاوى المالية له ولأعضاء في حكومته، لذلك هم يحاولون لفت الأنظار عنهم بافتعال حوادث خارجية واستمرار دعم التنظيمات الارهابية، والذي لم يتوقف على شن عدوان على الاراضي السورية بين الفينة والاخرى بل يتعداه الى أي فرصة متاحة أمامها بهدف الوصول الى اهدافها الاستعمارية، فقد تحدثت بعض المصادر الاعلامية عن قيام «اسرائيل» وتحت ستار المساعدات الانسانية الى مخيم البريقة جنوب القنيطرة بإدخال أغذية الى فصائل مايسمى «الجيش الحر»، مايعني أن حجج العدو الصهيوني الانسانية لم تتجه صوب المدنيين المحاصرين في المنطقة! خاصة أن بعضهم كان قد صرح لبعض الوسائل الاعلامية أن «إسرائيل» منعت دخول مواد الغذائية منذ أكثر من عشرة أشهر، فلما تدخلها الآن الى المسلحين؟
بالمقابل أقر عضو المجلس الشرعي لجبهة النصرة الارهابي بالخسارة أمام الجيش العربي السوري في ريف حماة، حيث اعترف المدعو «عطون» التابع لما يسمى «قوات النخبة» في الهيئة والمكونة بشكل أساسي من الأجانب «شيشايون وتركستان وخليجيون» وغيرهم بهزيمتهم أمام التقدم الكبير لعمليات الجيش السوري، والذي استطاع بالأمس تحرير قرية أبو الغر شمال شرق حماة والقضاء على الكثير من بؤر التنظيم.
هذه الانتصارات التي عبدت الجغرافيا السورية بالأمان لم تترك مجالاً أمام التنظيمات الإرهابية - خاصة في ظل تخلي معظم الجهات التي مولتهم عن دعمهم- من مفر سوى الاستسلام والاعتراف بقوة الجيش السوري، ليقوم 25 إرهابياً شمال حلب بتسليم أنفسهم للدولة السورية ﺑﻬﺪﻑ ﺗﺴﻮﻳﺔ ﺃﻭﺿﺎﻋﻬﻢ ﻭﺍﻟﻌﻮﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﻋﺎﺋﻼﺗﻬﻢ، حيث اعترف معظم الذين سلموا أنفسهم وبحسب المصادر الميدانية أنهم اضطروا للاستسلام بعد أن أدركوا بأن مصيرهم سيكون الهلاك اذا استمروا بالقتال ضد الجيش السوري.
بالعودة الى الحراك السياسي الدبلوماسي وضمن اجواء الاتفاق الروسي - الأميركي الأخير على هامش قمة أيبك دخلت فرنسا على خط التفاهمات ومحاولات طرق الأبواب من جنيف فقد قالت مصادر متابعة: إن هناك تنازل فرنسي على غرار الأميركي لدعم مباحثات جنيف، لذا فالعمل ضمن إطار ما أسمته فرنسا مجموعة الاتصال حول سورية سوف يسرع هذه العملية، كما أكد جان بيار شيفينمان مبعوث الحكومة الفرنسية الخاص للعلاقات مع روسيا دعم جهود بلاده لوحدة الشعب السوري ووحدة الأراضي السورية، رافضاً تقديم مزيداً من التفاصيل حولها تفادياً لظهور مزايدات على حد تعبيره.
في الضفة الأخرى لهذا الاتفاق عانى رئيس النظام التركي أردوغان من مشكلة في فهم التصريحات الروسية - الأميركية لإيجاد حل سياسي للأزمة في سورية قبل توجهه الى روسيا لمحاولة فهم صحيحة لما جرى، لذا هو رفض كل حل للازمة ليس «عسكرياً» لأنه يقف ضد مشاريعه التوسعية، من هنا أعلن أردوغان الذي احتلت قواته بعض المناطق بمحاذاة عفرين أنه سيناقش المسألة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
«الأكراد» يتمردون على «قسد»
هروب «داعش» الأخير بعد اتفاقها المظلم مع «قسد» المدعومة أميركياً لم يترك فراغه في المنطقة فقوات «قسد» التي لم تكن افضل من الذي أبعدتهم تحاول مراراً وتكراراً تجنيد المدنيين في المناطق التي استولت عليها، الامر الذي دفع بالمدنيين وحتى «الاكراد» في مدينة عين العرب بريف حلب الشمالي الشرقي الى الخروج مجدداً بالعديد من المظاهرات رفضاً لقرارهم فرض التجنيد الإجباري من قبل «قسد» على مناطقهم، تحت مسمى «واجب الدفاع الذاتي»، حيث قالت بعض المصادر الميدانية: إن المظاهرات خرجت رفضاً للقرار ودعماً لأهالي منبج الذين رفضوا هذا القرار وصمودهم أمام العنف الذي تعرضوا له من قبل «قسد» والقوات الأميركية، بدون أن يغيروا رأيهم.
وبيّنت المصادر أن إضراباً مماثلاً لإضراب أهالي مدينة منبج بدأ في مدينة عين العرب أيضاً، تنديداً بممارسات قوات «قسد»، هذه التطورات وجدها بعض المراقبين فشلاً لمحاولات «قسد» عزل هذه المناطق عن الدولة السورية ليصل هذا التمرد لمكون «قسد» الأساسي وهم «الأكراد» الذين يعيشون في ظل هذا التقسيم المفروض عليهم بالقوة.