تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


ما بعد الانطباعية حفراً..

إضاءات
الثلاثاء 26-1-2016
سعد القاسم

في (معرض الخريف) الأحدث لفتت الانتباه في القسم المخصص للحفر والغرافيك لوحتان للفنان نبيل رزوق منفذتان بأسلوب خاص يجمع بين ما عرفناه من أعمال الفنان سابقاً،

وبين تجارب عدد من الفنانين الأوروبيين التي ظهرت في تحولات (الانطباعية) بين نهايات القرن التاسع عشر، ومطالع القرن العشرين. إلى ما أطلق عليه اسم (التنقيطية).‏

يمثل نبيل رزوق أحد الأسماء المعروفة في مجال فن الحفر والغرافيك، وهو مجال تشكيلي لا يزال يلفه الغموض بالنسبة لقطاع واسع من الجمهور رغم أنه قدم للحياة التشكيلية أسماءً على درجة كبيرة من الأهمية كغياث الأخرس (رائد هذا الفن في سورية)، وعز الدين شموط، وعلي سليم الخالد، وعبد الكريم فرج وطلال العبد الله، وسواهم..إضافة للفنان الفلسطيني الراحل مصطفى الحلاج الذي عاش وأبدع في سورية. أما سر الغموض فهو الالتباس الحاصل بين فن الحفر، وفن النحت، وهو التباس مرده دلالة كل من الاسمين في ذهن المتلقي، رغم أنه لا يوجد من الناحية التقنية أي التقاء بين هذين النوعين من الفن التشكيلي. فإذا كان فن النحت يعني أساساً الشكل المجسم، سواء أكان كتلة في الفراغ، أم نحتاً جدارياً بارزاً أو غائراً. فإن فن الحفر يرتبط بشكل وثيق بالطباعة، وقد كان له دور أساسي في تطورها عبر التاريخ وهو من ناحية المظهر أقرب إلى فن الرسم والتصوير بخلاف أساسي وهو أن الرسام والمصور ينجز في المرة الواحدة لوحة واحدة، في حين أن الحفار ينجز لوحته على (كليشة) من المعدن أو الحجر وسواهما، ثم يطبع منها ما شاء من النسخ..‏

بطبيعة الحال لا يشمل الوصف السابق كل أشكال فن الحفر وتقنياته وأساليبه.فقد طور (الحفارون) ما سبق جميعه لأجل الحصول على التأثيرات البصرية التي يرغبون فيها، ومنهم الفنان نبيل رزوق الذي بقي معظم نتاجه الفني في إطار فن الحفر، منذ تخرجه في قسم الحفر والطباعة في كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق عام 1974 مروراً بدراسته في جامعة (حلوان) بالقاهرة إلى حين حصوله على درجة (الماجستير) في الحفر والطباعة عام 1981، وبعدها دكتوراه فلسفة في الفنون الجميلة تخصص (غرافيك) من الجامعة نفسها عام 1986 ومن ثم خلال رئاسته لقسم الحفر والطباعة في كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق بين عامي 1993 و2001.‏

أظهرت أعمال نبيل رزوق اهتماماً كبيراً بالبيئة الشعبية، بمكوناتها البشرية والمعمارية، وتفاصيلها الجمالية وهي التفاصيل التي دفعته للتوجه نحو اللون متخلياً عن اللونين التقليديين لفن الحفر(الأبيض والأسود)، وهي التي دعته أيضاً للتوجه نحو تقنية (الشاشة الحريرية) بدلاً من (الكليشة المعدنية) حيث رأى في الأولى طريقة أكثر مواءمة مع مواضيع لوحاته التي بدأت تتخلى شيئاً فشيئاً عن تفاصيل وجد أن لا لزوم لها، والاهتمام أكثر فأكثر بالتفاصيل الجمالية للعمارة الشعبية.‏

قبل أيام قليلة استضافت (كافيه القصيدة الدمشقية) في باب شرقي معرضاً لنبيل رزوق، بدا وكأنه معرض استعادي لمجمل تجربته بدءاً من تجاربه الأولى، وصولاً إلى لوحتيه اللتين عرضهما في معرض الخريف ويكشف خط تطور أعماله أنه قد توصل أخيراً إلى الأسلوب الذي ينسجم مع ما استخلصه من تأثيرات بصرية لفن الحفر، وما يريده من لوحته المعاصرة العاشقة لبيئتها. www.facebook.com/saad.alkassem">‏

www.facebook.com/saad.alkassem

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية