ولعلّ السائح المهم في معادلة الاصطياف الداخلي هو الإنسان السوري ذاته عندما يكون قدوة لأقرانه من السياح العرب والأجانب إذ يتوجب عليه وعلينا جميعاً أن نتصرف بمنتهى الأمانة والمسؤولية والحضارة تجاه النظافة بكل أبعادها ومعانيها واحترام السلوك العام للمنشآت مايجعل من تصرفاتنا السويّة في أي مكان نشغله وفي أي بقعة أرض نرتادها مرآة عاكسة يقلدها الآخرون ويحافظون عليها. فالسائح من أي جنس ولون كان لاترصد عينه فقط الأشياء الجميلة وإنما يحاول أن يدقق بالتفاصيل والتي هي غالباً ماتكون المؤشر والمعيار للحكم الإيجابي والسلبي على هذه المدينة أو تلك. فالاهتمام بمداخل المدن والساحات العامةوالحدائق والأسواق ومناطق الآثار والطبيعة أمرٌ في غاية الأهمية، والأهم أن لانترك للمساحات الصغيرة التي تعبث فيها الفوضى من قمامة وإهمال وعدم المبالاة واستهتار الأهالي أن تشوه اللوحة الجمالية العامة ولينطلق كل فرد في ذلك من سلوكه داخل بيته ومنزله فهل يقبل أحد أن يكون بيته الصغير غير آمن ونظيف ومريح، أليس عيباً بل ومشيناً حتى ،أن تتحول الحدائق والغابات والمروج الخضراء وعقد الطرقات إلى مايشبه بساطا للنفايات ومخلفات ممّن ارتادوها في نهاية النهار حيث تتدحرج علب المياه الغازية والمعدنية وأكياس الشيبس والبسكويت المختلفة الأشكال والألوان وبقايا الخضروات والمشاوي وماشابه ذلك مايجعل العين تدمع وهي ترى حجم الأذى المفتعل من قبل بني البشر حيث أصبح الإنسان المخرب الأول في جسد الخارطة البيئية بأساليب ووسائل متنوعة على مستوى العالم وليس في بلدنا فقط، هذا المثال البسيط والكبير في آن معاً ينطبق على اللوحات والتماثيل الموزعة في الأماكن العامة والتي نالت نصيبها أيضاً من العبث والجنون حين يتجرأ البعض على إضافة كتابات وخربشات لأناس طائشين لايدركون أهمية وأبعاد وجود هكذا لوحات علام ترمز، إنها باختصار جزء من هوية مكان ينتمي إلى رمز من رموز الأمة كشاهد ومعيار موثق للمعرفة والثقافة ولغة تواصل مع الحضارة.
مانبغي قوله إنّ السياحة الداخلية أو مايطلق عليها بالشعبية هي من أهم الأركان الجاذبة للاصطياف كون أغلب الزوار ضيوفاً وسائحين أول مايرغبون التعرف عليه هو طباع وعادات وتقاليد هذا المجتمع في أي مدينة وقرية وبلدة، ومن خلال ذلك يقدرون مدى الاحترام والالتزام بالقوانين والنظام العام مايبرز تأثير هذا السلوك في الرسائل والمقالات والمواد التي يرسلونها في وسائلهم الإعلامية إذا كان يعمل البعض في هذا الوسط أو تروى الانطباعات والمشاهدات على شكل قصص وحكايا فيها من الأدب والروعة والجمال ماينصف الأماكن التي يزورونها.
إن المحافظات السورية في غالبيتها شهدت مهرجاناً وموسماً سياحياً يناسب خصوصية وطبيعة كل منها وإن كان لساحلنا الرصيد الأكبر من توجه قوافل السياحة إليه وخاصة محافظة طرطوس التي تشهد أجمل الشواطىء المفتوحة على كورنيشها البحري إذ يتوقع أن تنشط حركة السياحة الداخلية بعد إنجاز الواجهة البحرية والانتهاء من عدد كبير من محطات المعالجة وتخصيص مكب متطور في وادي الهدّة والذي يعالج بالتنسيق مع الوحدات الإدارية والجهات المعنية في المحافظة.
فيما العرس الأكبر سوف ينطلق في 23 تموز الحالي معلناً مهرجان صيف طرطوس والذي يعني الكثير على صعيد جغرافية هذه المنطقة الممتدة مابين الريف والمدينة، إنه موسم للفرح والاستجمام وتخفيف التعب، فلينفض كلّ منّا بعضاً من الأعباء وينطلق ولو قليلاً باتجاه نوافذ السكينة والهدوء ووجه الخضرة الحسن.