تضيف الدراسة الجديدة للمركز القومي للأبحاث الجوية بالاشتراك مع وكالة الفضاء الكندية والمنشورة في 26 آذار 2010 في (ساينس إكسبرس) دلائل جديدة واضحة لتأثير تلوث الهواء على سطح الكرة الأرضية، فباستخدام نماذج حاسوبية والمراقبة عبر الأقمار الصناعية ظهر أن أنماط دورات الصيف الشديدة الحرارة بالاشتراك مع الانبعاثات المرافقة لفترات الرياح الموسمية الآسيوية السريعة ساهمت في فتح ممر للكربون الأسود ولثاني أكسيد الكبريت ولأكسيد النتروجين للصعود إلى طبقة الستراتوسفير.
يقول وليام رانديل المؤلف الرئيس للدراسة: إن الرياح الموسمية من أقوى أنظمة الدوران الجوية في كوكبنا وأكثر ما تتشكل هذه الرياح وبشكل مكثف فوق المناطق الملوثة ولذلك تعتبر من أهم عوامل انتقال الهواء الملوث إلى طبقة الستراتوسفير.
يتوقع العلماء ازدياد انبعاث الملوثات إلى طبقة الستراتوسفير في العقود القادمة وخاصة من القارة الآسيوية وذلك بسبب النشاطات الصناعية المتزايدة والمتنامية في الصين والبلاد الأخرى السريعة التطور.
على الرغم من أن التغييرات المناخية قد تعدل في حركة ودورة الرياح الموسمية ولكن من الصعب التنبؤ في إيجابية أو سلبية هذا التعديل فيما يتعلق بتقوية أو إضعاف الحركة الأفقية للهواء الناقل للملوثات باتجاه طبقة الستراتوسفير.
يقول الدكتور رانديل: مازلنا نحتاج إلى المزيد من البحوث حول الآثار المحتملة للملوثات على طبقة الستراتوسفير وعلى الجو بشكل عام، فمثلاً قد يؤدي ارتفاع الكبريت وبلوغه طبقة الستراتوسفير إلى تشكيل جزئيات صغيرة تسمى (البخاخات) والمعروفة بتأثيرها على طبقة الأوزون كما أنه من الممكن أن تؤثر الرياح الموسمية على غازات أخرى في طبقة الستراتوسفير كبخار الماء الذي يؤثر بدوره على التغييرات المناخية وذلك بتعديل درجة الحرارة الشمسية التي تصل إلى الأرض.
اقتفاء طريق الملوثات
من المعروف لدى العلماء أن الهواء فوق المدارات ينتقل بشكل أفقي من طبقة الأتموسفير إلى طبقة الستراتوسفير جزء من نموذج واسع النطاق معروف باسم دورة بروار دوبسون (عالم في طبقة الأوزون).
يشك رانديل وزملاؤه في أن الرياح الموسمية تنقل الهواء إلى طبقة الستراتوسفير أثناء أشهر صيف نصف الكرة الشمالي، هذا يوضح مقاييس الأقمار الصناعية التي تظهر المستويات الشاذة لكل من أوزون الستراتوسفير وبخار الماء والمواد الكيميائية الأخرى فوق القارة الآسيوية أثناء الصيف.
ركز العلماء (لعزل دور الرياح الموسمية في الستراتوسفير) على مواد كيميائية مثل سيانايد الهيدروجين والتي تنجم وبشكل رئيسي عن حرق الأشجار والنباتات الأخرى.
فكانت النتيجة أن الحزم الهوائية فوق المحيط الاستوائي والتي تصعد إلى الستراتوسفير أثناء دورة (بروار دوبسون) تحتوي على مقدار ضئيل من سيانايد الهيدروجين.
من ناحية أخرى الهواء فوق مناطق الرياح الموسمية وخاصة الآسيوية منها يحتوي على مقدار هائل من المواد الكيميائية المذكورة آنفا.
عندما فحص العلماء نتائج مقاييس الأقمار الصناعية وجدوا كمية كبيرة من سيانايد الهيدروجين في كامل الطبقة الواصلة بين الأتموسفير والستراتوسفير فوق مناطق الرياح الموسمية علاوة على ذلك تظهر سجلات مقاييس الأقمار الصناعية بدءاً من 2004 وحتى 2009 عملية ازدياد ملحوظة للمواد الكيميائية في الستراتوسفير كل صيف مترافقة مع فترات الرياح الموسمية.
أسفرت المراقبة أن سيانايد الهيدروجين ينتشر فوق المدارات مصاحباً الملوثات ثم يطوق الفضاء العالمي.
ثم استخدم العلماء نماذج حاسوبية لتجسيد أو محاكاة حركة الملوثات وسيانايد الهيدروجين من مصادر أخرى من ضمنها النشاطات الصناعية فكانت النتيجة كالتالي:
أشارت النماذج إلى أن الملوثات تصعد إلى طبقة الستراتوسفير الدنيا خلال دورة الرياح الموسمية وخاصة من المناطق الواسعة لقارة آسيا مثل الهند والصين وإندونيسيا.
يقول الدكتور رانديل: إن هذه النتائج هي مثال واضح للملوثات التي تهدد جو الكرة الأرضية على المدى البعيد وبشكل غير ملحوظ.