تزايد عدد المستثمرين وظهرت أسواق جديدة للفن في الهند والصين وأمريكا اللاتينية وروسيا، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أسعار الأعمال واستمرار الفقاعة.
وفي عام 2008 حلت الأزمة المالية لتضع النقاط على الحروف فهبطت بعض أسعار الأعمال الفنية إلى 50٪ في حين حققت بعض الأعمال أرقاماً قياسية مثل لوحة محمود سعيد الشادوف التي بيعت في شهر نيسان الماضي بـ2،4 مليون دولار وهو موضوع شغل بال المعنيين فكثرت التحاليل والتكهنات عن السوق الفني .
هذا ما بدأت به السيدة هالة خياط محاضرتها والتي تحمل عنوان (لمحة عن سوق الفن العالمية) وذلك في صالة رفيا للفنون التشكيلية حيث قالت: يقدر حجم مبيعات الفن بالعالم في عام 2009 مابين 15-20 مليار دولار أمريكي وهذا الرقم كان في عام 2007 وحتى عام 2008 ما بين 30 و 40 مليار دولار وهو أعلى رقم يتم تحقيقه في تاريخ الفن قاطبة، وبالطبع حدث تراجع لكن الحجم مازال كبيراً وهذه الأسواق هي في أوروبا وانكلترا والولايات المتحدة الأمريكية، أما حجم مبيعات الفن في العالم والنسبة بين مبيعات المزادات العلنية والسوق الخاص ( المبيعات حسب الفئات 2009) أهمها فنان أمريكي لاتيني بيعت لوحته في عام 2009 بقيمة ( 70209000) مليون دولار وبهذه الأرقام يأتي السوق العربي في المرتبة الخامسة، بعد ذلك لوحة أخرى بيعت أيضاً في الصين بـ 75 مليون دولار وهو ما يعكس تطور سوق الفن في الصين .
وأهم عمل لفنان معاصر من المنطقة هو لفنان إيراني لكن نتعمد التعتيم عليه لنظهر الفنان محمود سعيد لكونه عربياً وإن كان في الحقيقة الفنان الإيراني بارفيزتا نافقولي بيعت لوحته بسعر أعلى بقيمة 20841 مليون دولار والذي يعد أهم نحات إيراني معاصر .
الأزمة المالية وسوق الفن
طالت الأزمة المالية العالمية كل شيء في الحياة، وبما أننا نتحدث عن الفن كمنتج تم تسوية بعض الأسعار هبوطاً بنسبة 30٪ للفن العربي و50٪ للفن الإيراني بشكل إجمالي وفي الأساس الفن العربي كانت قيمته أقل من الحد اللازم لأن الفنان في بلادنا يعاني من الظلم، وصحيح أن بعض الأعمال ارتفعت بقوة لكن كان يجب أن ترتفع والفن الإيراني ارتفع بسرعة وبشكل كبير وكان شيئاً طبيعياً انخفاض الأسعار وتعديلها .
أما الآثار الإيجابية فهو وجود انتقائية في الشراء، ففي السابق كان الناس يشترون القطع الفنية بكميات خيالية، لكن حالياً بدؤوا يعؤون أن التعامل مع اللوحة ليس سريعاً وبالطبع انخفضت مجاميع المزادات في العالم كلية في النصف الأول من 2009.
سوق الفن هو سوق مالي
كثير من البنوك المهمة في العالم قررت أن يكون لديها استثمارات لكبار العملاء فكما يشترون لهم العقارات والبيوت يساهمون في أعمال فنية، إنما هذا لا يعني أبداً أن قيمة الفنان يحددها المال، ونسأل كثيراً عن كيفية تقييمنا للأعمال الفنية؟ وما المعايير التي نحتكم إليها؟ طبعاً هناك استثناءات لكن غالباً هناك أمور محددة نلجأ إليها في اختيار القطعة وهي الندرة، النوعية، المصدر، الحالة، التوثيق، سنة الإنتاج، أيضاً إذا كان ضمن مجموعة عمل لم يشاهدها الناس من 40 سنة أو موثق ومصور في مجلة أو كتاب، كذلك ومن الإنتاج هل هو من بدايات عمل الفنان أو في ذروة إنتاجه، كل هذه الأمور تلعب دوراً في اختيار اللوحة.
النشاطات الفنية في المنطقة
بغداد غائبة عن الساحة الفنية بسبب الظروف السياسية والاحتلال, في إمارة الشارقة تم تأسيس بيالي الشارقة عام 1991 بجهود سورية، وفي اسطنبول يوجد أعلى عدد من المتاحف الخاصة وعدد من اللوحات أما في مصر هناك عدد كبير من المتاحف المحلية وكذلك صندوق نقد فني لشراء اللوحات المصرية حيث دخل فيه عدد من المستثمرين ويقومون بشراء أعمال الفنانين المصريين .
ويبقى السؤال: هل في حال بيعت لوحة بقيمة 20400 مليون دولار مؤشر على أن السوق قد تعافى ؟ في المقابل لم يتحدث أحد عن أسباب تحقيق اللوحة هذا الرقم، ولماذا هذه اللوحة حصدت هذا الرقم؟
السيدة «هالة خياط» أجابت: أن سبب تحقيق اللوحة هذا الرقم كونها مأخوذة من مجموعة خاصة للدكتور «محمد سعيد الفارسي» أمين مدينة جدة وكان صديقاً شخصياً لعدد من الفنانين المصريين بالإضافة إلى أنه كان ابن عم الملك في مصر واللوحة تحمل قيمة فنية تعكس الموروث المصري القديم .
أما السيدة رفيا مديرة صالة رفيا للفنون التشكيلية فقد أشارت إلى أن المزاد تهافت إلى منطقة الخليج وبالتأكيد ليس حباً بالفن العربي وإنما بالمال العربي، وبالتالي نجد مؤسسات غربية بإشراف غربي تتحكم بالفن العربي وبالسوق وأحياناً بإنتاج الفنانين وتساءلت أين نحن من ذلك، أفراداً، مؤسسات؟
السيدة هالة أجابت : ليس دفاعاً عن الأسماء الكبيرة لكن لو وجد مزاد عربي وأخذ إجراء مزادات على الأعمال الفنية بالتأكيد لن يستطيع الوصول عالمياً ومع الأسف اليوم الأسماء الكبيرة لها ثمنها.
واختتمت المحاضرة السيدة رفيا بالقول: أي اثنين يمكنهما الدخول إلى السوق السوري ويشتريان ماهو موجود ويرفعان الأسعار ثم يخفضانها في العام التالي لأنه ليس لدينا أي رقيب ولا أي قاعدة نسعّر على أساسها الأعمال الفنية وهذا يعيدنا إلى موضوع الثقافة الفنية، تنقصنا الثقافة الفنية لأنه في مدارسنا لم ندرس الفن، ولدينا مشوار عمل طويل وهو ما نحاول تحقيقه.