ويأمل القائمون على مهرجان الجاز تحقيق هدف بعيد المدى، هو تطوير آليات التدريب والتعليم لموسيقيي الجاز في صفوف الأطفال واليافعين، وخريجي المعهد العالي للموسيقا. كما ساعد مهرجان الجاز الموسيقيين على البحث عن خصوصية مميزة ضمن قوالب الجاز العامة، وشجع استخدام الموسيقا المحلية والتراثية لإغناء موسيقا الجاز، ما أسهم في خلق تيار موسيقي سوري يجمع بين حداثة الجاز وأصالة التراث.
ويهدف المهرجان إلى تمهيد الطريق باتجاه تأسيس موسيقا جاز سورية صلبة ومتينة، فالمشهد الموسيقي السوري وما يتمتع به من إرث غني ومتنوع يتميز بشهرة كبيرة محلياً وعالمياً، ويشكل مادة دسمة ومغرية لموسيقيي الجاز السوريين للعمل على التراث الموسيقي وتطويره باتجاه موسيقا جاز سورية أصيلة وحقيقية.
وتركز الرؤية الفنية لمهرجان «الجاز يحيا في سورية» على دعم الموسيقيين في سورية في تحقيق هذا الهدف عبر تأمين الفرص اللازمة من تدريب وتأهيل وتشبيك وعروض فنية، وعبر خلق أجواء فنية داعمة وملهمة خلال المهرجان الذي يستضيف عدداً من فرق وموسيقيي الجاز العالميين ليقدموا تجاربهم الفريدة في موسيقا الجاز الكلاسيكية والمعاصرة، وأيضاً ليقيموا عدداً من ورشات العمل الاحترافية للطلاب والموسيقيين المحترفين في سورية على السواء.
لقد ركز المهرجان هذا العام على نقاط أساسية هي:
- استضافة عدد من فرق الجاز العالمية، بهدف تقديم تجارب عالمية مختلفة للجمهور السوري وللمهتمين والمختصين معاً، على اعتبار أن الانفتاح على التجارب المختلفة هو شرط أساسي للارتقاء بالذائقة الفنية.
- استضافة عدد من الموسيقيين وفرق الجاز المحلية.
- خلق عملية تشبيك حقيقي بين الموسيقيين المحليين والعالميين عبر سلسلة من ورشات العمل التي يستضيفها المهرجان والتي تعتبر بدورها فرصة جيدة للموسيقيين لتنمية مهاراتهم عبر العمل مع موسيقيين عالميين.
- إضافة إلى نشاطات الأطفال من خلال إنشاء فرقتين تتيحان فرصة للأطفال المهتمين بتلقي التدريب المناسب ولقاء الجمهور على المسرح خلال أيام المهرجان.
وشارك في المهرجان هذا العام فرقتان للأطفال من معهد شبيبة الأسد المركزي للموسيقا: الأولى: فرقة مؤلفة من أطفال اللاجئين العراقيين والفلسطينيين والسوريين، وكانت ضيفة المهرجان من خلال الوصلات الفلكلورية التي قدمتها. والثانية: فرقة أطفال ستعزف مع الدنمركيتين ليزرابجيرغ وكايا زكريا.
وعن هذه الفرقة ومشاركتها كانت لنا هذه اللقاءات:
حدثتنا ليز عن تجربتها قائلة: هذه تجربتي الثانية مع أطفال المعهد، وأنا سعيدة بتكرار التجربة، حيث أنني أحب العمل مع الأطفال، فهم ألين في التلقي، والتعامل معهم مريح وممتع، كما أنهم يتقبلون الأفكار ويستوعبونها سريعاً وبشكل أفضل، وهم برأي من سينمو معهم هذا النوع من الموسيقا، حيث أنهم قادرون على تطويره ومزج الإرث الشرقي مع الغربي بطريقة متناغمة وجميلة.
دربت ليز الأطفال على مقطوعات فيها الكثير من السحر الشرقي وكانت القلعة مكاناً مناسباً للعرض لما فيها من خصوصية وتاريخ عريق.
أما كايا فقالت: لقد تعمدنا في مقطوعاتنا الثلاث مزج الأصوات العربية مع أصوات اسكندنافية، واخترنا آلة العود والإيقاع الشرقي، ووزعنا صولو منفرد للعود لتوضيح الروح الشرقية ومزجها مع موسيقا الجاز، فمن يسمع المقطوعات يلمس شرقيتها ولكن بقالب غربي جديد. لقد دربنا احد عشر يافعاً على المقطوعات وكانوا سريعي الاستيعاب والتلقي وهذا ممتع، وأتوقع أن يصبحوا عازفين محترفين في المستقبل.
أما الطلاب فحدثنا كلّ منهم عن تجربته:
قال كريم عصمت عازف الإيقاع الشرقي والدرامز: هذه تجربتي الأولى في العزف مع مجموعة وعلى مسرح، كنت في البداية خائفاً من مواجهة الجمهور ومتردد في العمل مع الفرقة، ولكن بعد العمل والتدريب وتقديمها على المسرح كسرت حاجز الخوف وأتمنى إعادة التجربة ثانية.
أما همام الشيخ خضر الذي شارك بآلة البيانو فقال: شاركت بالمقطوعات الثلاث، كنا نعمل في هذه الورشة كفريق واحد، والعمل الجماعي يقدم الكثير من الخبرة والتكنيك للعازف.
ونصر الدين سليمان عازف الفلوت قال: تم تقسيم الطلاب إلى قسمين، الأول: (درامز – غيتار- عود) والثاني: (بيانو – كمان)، ومن ثم تم دمج المجموعتين، وتركيب الأصوات مع بعضها. استفدت من هذه الورشة لأهمية العمل الجماعي. وضرورة سماع موسيقا الجاز لتطوير خبرتنا في الارتجال، حتى يصبح من روح المقطوعة وليس بعيداً عنها.
وعازف آلة العود جعفر محمد قال: كانت طبيعة المقطوعات غربي مشرق ولها علاقة بآلتي، وبنفس الوقت منسجمة مع موسيقا الجاز. استفدت من هذه الورشة كثيراً، حيث أن مواجهة الجمهور ليست بالأمر السهل.
أما توما حمارنة فقد تحدث عن الورشة قائلاً: الفضل الأول يعود لمعهد شبيبة الأسد المركزي للموسيقا ولإدارته، لما تقدمه للطلاب من فرص للمشاركة بمثل هذه الورشات، حيث إن هذه المشاركات تدعمنا وتطوّر خبرتنا وذائقتنا الفنية.
قالت عازفة الكمان روان نجار: أن فرص المشاركة بهذه الورشات التي يقدمها لنا المعهد، تقدم لنا الكثير من الفائدة، ففي كل مرة يستقدم خبراء جدد ومن دول مختلفة، ولكل خبير نمط معين في موسيقا الجاز، وبهذا تتراكم لدينا خبرات الجميع وتصبح جاهزيتنا للاحتراف ممكنة جداً.
ريمي الخيمي عازفة الكمان قالت عن هذه التجربة: كانت المقطوعات غير معقدة، وأحببت فكرة العمل الجماعي كثيراً، ربما التجربة صغيرة ولكن نتائجها كبيرة جداً بالنسبة لي، فلقد عزفت مع المجموعة بمتعة وانسجام، وكانت روح التناغم والهارموني حاضرة في الحفل.
وأخيراً قالت نارينه قاتقليان: في كل ورشة هناك شيء جديد، وهي كتجربة لنا كطلاب دائماً مختلفة، وتحمل لنا الكثير من الخبرة، فالمقطوعات التي نعزفها غربية وبعيدة عن الكلاسيك الذي ندرسه في المعهد، والجميل هو عملية دمج الأصوات مع بعضها البعض والتمازج الشرقي مع الغربي.
طبعاً هذا المهرجان أقيم برعاية وزارة الثقافة وبالتعاون مع محافظة دمشق والأمانة السورية للتنمية وبمشاركة العديد من الفرق المحلية وطلاب المعهد العالي للموسيقا وطلاب معهد شبيبة الأسد المركزي للموسيقا. وكان للمحافظات السورية نصيبها من الجاز، في محاولة من إدارة المهرجان لتوسيع رقعة التعريف بالجاز على أكبر مساحة ممكنة.