وقدرات المواطن كأساس منطقي لتحقيق معادلات التطور والثبات وبناء الشخصية القوية لهذا الاقتصاد والتي مكنته من تجاوز أصعب التحولات الاقتصادية العالمية والحد من آثارها السلبية التي عصفت بالكثير من اقتصاديات العالم والمنطقة بشكل عام.
ففي الوقت الذي حمل فيه هذا الاقتصاد معطيات التحول النوعي باتجاه عملية التحديث والتطوير وبناء سورية الحديثة حافظ بالضرورة على ثوابت هذا التحول ليبني الانسان غاية الثورة ومنطلقها وغاية وأساس عملية البناء الاقتصادي المتين في عالم يشهد التطورات المتسارعة ويضغط باتجاهات مختلفة تذوب خلالها الاقتصادات الضعيفة والمرتهنة والمرتبطة وتصمد بالمقابل اقتصاديات قوية قادرة مستندة إلى معايير الثبات والقوة وإلى صلابة الموقف وعلاقتها الوثيقة مع استقلالية القرار الاقتصادي التي هي بالضرورة انعكاس واضح لاستقلالية القرار السياسي وقوته.
ولهذا فمنذ عام 2000 استطاعت سورية وهي تخوض عملية الاصلاح الاقتصادي والإداري والمالي والمصرفي أن تدعم قوة الاقتصاد الوطني من خلال جملة من المعطيات الأساسية التي تمثلت في :
1- توفير البيئة الحاضنة لعملية التطور الاقتصادي بما يعنيه ذلك من إصدار الكثير من التشريعات النوعية التي ساهمت بتحقيق قفزة نوعية من معدلات الأداء الاقتصادي في سورية.
2- اعتماد مبدأ الاقتصاد الوطني وتحقيق مبدأ التشاركية الواسعة بين مختلف القطاعات الاقتصادية / عام - خاص- مشترك - وتعاوني/ التي عملت عملية الاصلاح على توطيدها حيث فتحت المجالات واسعة أمام القوى الانتاجية في البلاد للمساهمة في مسيرة التحول نحو اقتصاد السوق الاجتماعي الذي أصبح خياراً استراتيجياً يستدعي بالضرورة التوازن بين الكفاءات الاقتصادية وعدالة توزيع الدخل من خلال توسيع قاعدة الرعاية الاجتماعية ومواجهة تحديات الفقر والبطالة باستدامة الموارد والبحث عن الموارد البديلة من خلال إطلاق المبادرات الانتاجية واحترام المبادرات القائمة على الأرض بحيث تشمل عملية الاصلاح والتطور كافة مناحي الحياة في سورية ولجميع فئات الشعب دون تميز.
3- التأكيد على الجوهر الأساسي لعملية المنافسة للمنتجات السورية من خلال حفاظها على الجودة والتميز وفتح الأسواق الجديدة من خلال زيادة القدرات التنافسية للبضائع والمنتجات السورية وتخفيف كلف الانتاج مع زيادة معدلات القيمة المضافة للمنتجات السورية عموماً.
4- المواكبة المسؤولة لعملية رسم السياسات الاقتصادية من خلال الخطط والبرامج والانفتاح على كل الاتجاهات التي تخدم عملية البناء واصدار التشريعات الجديدة التي شملت قطاعات المال والأعمال من خلال سوق الاوراق المالية السورية / بورصة دمشق / وإحداث المصارف الخاصة وشركات التأمين و إعادة التأمين والشركات القابضة وعقد الاتفاقات وابرام الاتفاقيات المشتركة التي نجم عنها احداث مجال رجال الاعمال السورية مع نظرائها من مختلف دول العالم الصديقة والشقيقة.
كذلك إقامة الشركات المشتركة وشركات الاعمار والتمويل العقاري وشركات التحويلات المالية والمعاهد والمدارس والاختصاصات الجامعية والجامعات الخاصة وغير ذلك.
5- التأكيد على دور المؤسسات والهيئات ذات العلاقة وتعزيزدور المجتمع الأهلي في عملية التطور والنمو الاقتصادي المنشود، والتركيز على دور المشاريع البسيطة أو الصغيرة من خلال تأمين عوامل النمو لهذه المشاريع التي بدأت تعطي ثمارها على مختلف الصعد وفي جميع المحافظات.
كل ذلك كان حاضراً في خطاب القسم الذي ألقاه سيادة الرئيس بشار الأسد وقد تمثل هذا في حديث سيادته عن محاور التطوير التي شكلت هاجساً أساسياً لكل مواطن في هذه البلاد والتي استندت الى عدة محاور أولها:
طرح الأفكار الجديدة في المجالات كافة وتطوير الأفكار القديمة بما يتناسب مع الأهداف الحاضرة والمستقبلية مستندين الى معايير الزمن والواقع الذي نعيشه والظروف المحيطة والامكانات المتوفرة والمعيار الأبرز هو المصلحة العامة التي تلتقي عندها كل المعايير السابقة.
أضف الى ذلك معيار الثقة من بلوغ النجاح الذي استند الى الفكر المتجدد للسيد الرئيس بشار الأسد والبحث في دوافع عملية التطوير ودفعها قدماً إلى الأمام والاعتمادعلى جيل الشباب عماد المستقبل المفعهم بالحيوية والتجدد والابداع.
إلى ذلك فإن توفير البيئة القانونية والتشريعية المناسبة التي ساهمت في زيادة معدلات الاستثمار وتطور قطاعات السياحة والنقل والاستثمار في المناطق الحرة السورية وفتح مجالات الاستثمار في جميع أنواع الخدمات اضافة الى النشاطات الصناعية والتجارية في هذه المناطق الأمر الذي ساهم في احداث المدن الصناعية في عدرا بريف دمشق وحسيا بحمص والشيخ نجار بحلب واخيراً مدينة دير الزور الصناعية.
كما دخلت لأول مرة صناعة تجميع السيارات في سورية باحداث معامل ضخمة لسيارات شام - سابا، وغيرها ضمن المدن الصناعية .
يضاف إلى ذلك أن سورية خطت خطوات كبيرة على طريق تحرير الاقتصاد بدخولها منطقة التجارة العربية الحرة مع بداية 2005 كما وقعت العديد من اتفاقيات التجارة الحرة الثنائية وعززت وطورت مفهوم مجالس رجال الأعمال المشتركة، واتفاقات التعاون في مجالات التجارة الدولية والتبادل التجاري وتبادل الخبرات والاستفادة من تجارب الآخرين في المجالات المتاحة. كما عملت على تفعيل المجالس واللجان العليا المشتركة مع عدد من الدول.
وما يمكننا قوله أن السنوات العشر الماضية بما أطلقت من مبادرات واجراءات وسياسات اقتصادية كان لها الانعكاس الأكبر على استقلالية وصمود وقوة القرار الاقتصادي السوري التي هو بالمحصلة قوة لسورية القوية بقائدها وقيادتها وشعبها العربي ووحدتها الوطنية التي شكلت الأساس المتين لعملية التحول وإنسانها المعطاء الذي كان ولا يزال المحور الأساسي في كل التطلعات السورية في الواقع والحاضر والمستقبل.