تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


لا بديل عن خطة سلام أميركية

جيروزاليم بوست
ترجمـــــــــــة
الأحد 10-2-2013م
 ترجمة: ليندا سكوتي

نتساءل في ضوء ما اسفرت عنه نتائج الانتخابات الإسرائيلية إن كانت ثمة فرصة ستتاح لعملية السلام، وبتقديرنا أن هذا الأمر هو بالضبط ما يسعى إلى معرفته والتوصل إليه وزير الخارجية الأميركية جون كيري عبر جولته الأولى التي سيقوم بها في عدد من دول الشرق الأوسط خلال الأسبوعين القادمين.

إن صحت توقعاتي فإن كيري لن يتأخر عن لقاء كل من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس واستطلاع آرائهما في عدد من الأمور وإزاء ما سيقف عليه من أجوبة وردود سيرفع تقريرا إلى الرئيس الأمريكي باراك أوباما يوصي به بالعمل على انتهاز الوقت لدفع الفلسطينيين والإسرائيليين للسير في المسالك التي ترغبها الولايات المتحدة وتراها مناسبة لكلا الجانبين فيما يتعلق بتحقيق السلام.‏

ما ان تولى أوباما مقاليد السلطة في ولايته الأولى حتى بدا وكأنه ابتعد عن النهج الذي دأبت عليه السياسات الأمريكية على مدى السنين السابقة حين صرح بان حل النزاع العربي-الإسرائيلي سيفضي إلى تحقيق المصلحة القومية الأمريكية مستطردا القول بأنه من غير المسوغ بالنسبة للإسرائيليين والفلسطينيين الاعتراض على صنع السلام لانه يتعلق بمصالح وحياة ومستقبل الكثير من الشعوب لكن السياسة الأمريكية ما لبثت أن عادت إلى سابق عهدها حين عبرت وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلنتون عن تلك العودة بقولها “يجب أن تكون رغبة الطرفين في تحقيق السلام أكبر من رغبتنا نحن في ذلك”.‏

لقد كان لاستمرار الوضع على ما هو عليه مبعثا للطمأنينة بالنسبة للرئيس في ولايته الأولى لاسيما في ضوء ما تعرض له من تعقيدات في التعاطي مع القضايا الدولية والمحلية التي كانت بالنسبة له أكثر أهمية وإلحاحا من عقد صفقة بين إسرائيل والفلسطينيين.‏

الآن حل رئيس أميركا في الولاية الثانية له بعد أن تمكن في ولايته الاولى من وضع حد لحربين ضروسين شنت على العراق وأفغانستان وأصبح لديه وزيرا للخارجية متحمس لا تقتصر أهدافه على جعل الولايات المتحدة القوة العظمى والوحيدة في العالم ويضاف إلى هذا الواقع الإمكانية التي أتيحت للانفتاح على إسرائيل عقب الانتخابات التي جرت بها. وعلى الرغم من عدم إمكانية الولايات المتحدة ممارسة الضغوط على إسرائيل أو الفلسطينيين فإن بإمكانها التأكيد للجانبين وإقناعهما بان مصالحهما القومية الأساسية وطموحاتهما ستتحقق عبر إجراء المفاوضات.‏

وإزاء هذا الواقع، يتعين على الولايات المتحدة أن تتخذ موقفا حازما في التحضير والاستعداد للطلب من الجانبين العودة إلى المفاوضات وأن تقدم مقترحات بناءة لسد الثغرات بين الطرفين منذ البداية.‏

على الولايات المتحدة أن تؤكد لإسرائيل بأن الترتيبات الأمنية ستكون واضحة المعالم بحيث يكون انسحابها وفقا لمعايير يؤكد الفلسطينيون إلتزامهم بها وأن دولة فلسطين ستكون غير مسلحة وتتعهد بترتيبات أمنية بعيدة المدى لا تتحول بها الضفة الغربية إلى منصة لإطلاق الصواريخ على إسرائيل ويجب أن تشتمل تلك الضمانات أيضا على تعاون أمني فلسطيني مع إسرائيل يهدف إلى محاربة المخربين والمسلحين وإشراف القوات الإسرائيلية مع قوات دولية تقودها الولايات المتحدة على نهر الأردن.‏

كما يتعين على الولايات المتحدة أن تقدم للفلسطينيين ضمانات بأن تكون فلسطين دولة حرة مستقلة وتتعهد بوضع نهاية للاحتلال الإسرائيلي وعندها تكون الولايات المتحدة أول دولة تعترف بالدولة الفلسطينية بعد صدور قرار من مجلس الأمن ينص على قبول عضويتها.‏

يتعين على الفلسطينيين القبول بضم إسرائيل لحوالي 4% من أراضي الضفة الغربية وإلحاق الكتل الاستيطانية بإسرائيل لتصبح جزءا منها مقابل مساحة معادلة لها من الأراضي داخل إسرائيل تعطى للفلسطينيين.‏

من الجدير بالنسبة لوزير الخارجية أن يأخذ باعتباره العروض التي سبق وأن قدمت من عدد من الدول بشأن قبولها لأعداد من اللاجئين الفلسطينيين الذين لا يرغبون بالعودة إلى الدولة الفلسطينية وفي ذات الوقت يتعين التوصل إلى اتفاق إسرائيلي-فلسطيني ينص على السماح للاجئين الفلسطينيين العودة إلى دولة فلسطين إن رغبوا بذلك بعد تطوير القدرة على استيعابهم فيها وينبغي على إسرائيل بمؤازرة من الولايات المتحدة وغيرها البدء بحساب التعويضات المالية التي يجب تقديمها للاجئين الفلسطينيين الذين فقدوا ممتلكاتهم داخل إسرائيل بعد تقديمهم للوثائق اللازمة التي تؤكد امتلاكهم لها.‏

لا يمكن للولايات المتحدة فرض خطة سلام على الطرفين، ولكن ما يمكنها فعله هو تقديم مقترحات لحل القضايا العالقة، ودعم تلك الاقتراحات بالتزامات بغية ضمان مواصلة الانخراط في تنفيذ الحلول.‏

يجب أن تتوفر الرغبة بإحلال السلام لدى الطرفين بشكل يفوق ما تطمح إليه الولايات المتحدة التي لديها وسائل وسبل يمكنها إتباعها لمساعدة الطرفين في تحقيق ذلك ودفعهم له أكثر مما اتبعته في السنوات الأربع الماضية، وإزاء ذلك يجب على الولايات المتحدة التعاطي بشكل فعال مع الطرفين لإقناعهما بأن ثمة إتفاقاً يمكن التوصل إليه وهناك حلول وأن الولايات ستساهم في تحويله إلى أمر واقع.‏

ستكون الولايات المتحدة أكثر فعالية لجمع الطرفين نحو إبرام اتفاقات من خلال الدبلوماسية الهادئة والمفاوضات التي تتم في الغرف المغلقة بعيدا عن الصور التذكارية والاحتفال بإطلاق المحادثات وهذا يعني مزيدا من الاهتمام بالجوهر لا بالقشور.‏

من الحكمة أن يضع القادة الفلسطينيين والإسرائيليون ثقتهم بالولايات المتحدة وطرح مواقفهم الحقيقية والخطوط الحمراء وإعطاء الولايات المتحدة الضوء الأخضر لتطوير مسار جديد نحو مفاوضات بناءة وليس من الضرورة بمكان تكرار ذات الأخطاء التي ارتكبها جورج ميتشل الذي بذل الكثير من الجهد وأضاع الكثير من الوقت لجمع الأطراف على طاولة المفاوضات، فالمفاوضات يمكن أن تبدأ وتتطور دون جلوس الأطراف في نفس الغرفة بل يمكن أن تتم عبر وسيط موثوق به من الرئيس الأمريكي حيث يصار إلى تبادل الوثائق دون الجلوس على طاولة المفاوضات وصياغة اتفاق يمكن العمل به دون الحاجة إلى قمة واسعة. وإزاء ذلك يمكن تحقيق تقدم ملموس يجعل من أمر إجراء لقاء بين القادة ممكنا.‏

إن الأشهر القادمة ستكون حاسمة وفي ضوء غياب عملية سلام إسرائيلية فلسطينية فليس ثمة بديل عن دور فعال تقوم به الولايات المتحدة عقب زيارة كيري إلى المنطقة، حيث يتعين على الولايات المتحدة صياغة خطة عملية ترمي إلى إقناع الجميع بأن السلام يمكن تحقيقه وثمة شركاء في الجانبين يمكن أن يقرأه وأن الأوان قد أزف لتحقيقه.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية