تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


مســـــرح الفضـــــاء المفتـــــــوح

ثقافـــــــة
الأحد 10-2-2013م
 حكمات حمود

بدأت المسارح عند الاغريق ولدى الحضارات الأخرى في الشرق مفتوحة فإما أن تجري العروض في ساحة أو في ملعب نصف دائري

ثم انتقل المسرح إلى دور العبادة عند عديد من الأقوام وما لبث أن استقر به المقام في شكل العلبة المحوطة بالكواليس والمفتوحة من طرف واحد على الجمهور وما لبث هذا المسرح - العلبة- مسرح المؤسسات أن أصبحت له تقاليد في الحضور والأداء ولكن هذا المسرح ابتعد بالفن عن الفضاء المسرحي المفتوح عما كان عليه في المسرح الإغريقي.‏

لكن ومنذ أواسط القرن العشرين ظهرت حركات تمرد كثيرة على التقليدي والرائج في المسرح شملت ما شملت المعمار المسرحي معيدة الأهمية إلى الفضاء المفتوح وإلى العلاقات المختلفة بين المؤدي والمتفرج وهكذا ظهرت المسارح الدائرية والمربعة أو نصف الدائرية كما ظهرت -وخاصة في أميركا- نزعة مسرح الهواء الطلق وعروض الشوارع واتخذت تسميات مختلفة مثل - المسرح الحي - المسرح المفتوح - مسرح الخبز والدمى- ونجد فرقاً وفنانين على قدر كبير من الشهرة والشعبية يعملون في الهواء الطلق.‏

لاشك أن مسرح الفضاء المفتوح قد أصبح ثورة في عصرنا وهذا ما ترك ملامح جديدة على الاخراج والأداء والديكور وحتى على التأليف المسرحي في مسرح الفضاء المفتوح تحقق كثيراً من النقاط التي دعا إليها -برشت- من كسر للإيهام والايحاء الصريح للمتفرج أنه يشهد لعبة في مسرح والديكور نفسه اضطر لأن يتطور فيختصر التفاصيل الطبيعية ويعتني بالإكسسوارات التي تخدم الفعل كما تطور فن الاخراج والأداء والتأليف، فالمخرج بحاجة إلى رسم للحركة يضمن روعة ودلالة التشكيلات المسرحية من مختلف الزوايا وليس من اتجاه واحد إنه بحاجة إلى توجه حديث في الرؤى المسرحية الجمالية على نحو يبرز النص من جهة والممثل من جهة ثانية ولمسرح الفضاء المفتوح داخل أبنية مغلقة تقنية خاصة تزداد خصوصية كلما ازدادت خشبة المسرح دائرية فالإضاءة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار الجهات الأربع والمداخل والمخارج تتوزع بين مقاعد المتفرجين ما يؤدي بالطبع إلى تغيير في علاقة المتفرج بالممثل فهي تزداد مخاطرة وحميمية وصراحة في مسرح الفضاء المفتوح سواء كان خشبة بارزة أم نصف دائرية أم دائرية تماماً هناك اتفاق سري بين المتفرجين والمؤدين على شروط اللعبة المسرحية.‏

وهذا النوع من المسارح شاع في أوروبا وأميركا بشكل واسع أما بالنسبة للتجارب العربية فهي قليلة في هذا المضمار نذكر منها تجارب -محمود دياب- ومن عمل معه من المخرجين الشباب آنذاك في مصر لخلق مسرح فلاحين في الهواء الطلق وهناك تجربة -لفواز الساجر- في مسرحية -ثلاث حكايات- ومسرحية -كاليغولا- لمخرجها جهاد سعد الذي جعل من مسرح القباني الصغير جسراً طويلاً يصل أول الصالة بآخرها واستخدمه استخداماً حيوياً ولكن بأسلوب أداء معاصر وفي لبنان ظهرت تجارب رائدة عند -منير أبو الدبس- وغيره من الأسماء وخاصة في مسرحية - الدكتوريو-.‏

لاشك أن مسرح الفضاء المفتوح بشتى أشكاله هو وليد حاجة وليس وليد ترف ولهو وكثير ما تصبح المؤسسات المسرحية الكبرى عائقاً أمام التجارب الجديدة والكتّاب الجدد لذا يتجه هؤلاء إلى التعبير عن أنفسهم بأبسط الوسائل وأقل التكاليف مجرّبين صلة أعمالهم بالجمهور وتجاربهم معه إن اللجوء إلى الهواء الطلق أو حتى إلى كسر المسرح التقليدي يجب أن ينبع من المضمون والشكل معاً إن الفضاء المسرحي المفتوح في الحقيقة سواء داخل المعمار المسرحي أم خارجه هو انفتاح للذهن الخلاق نحو آفاق رحبة ومعطاءة بلا حدود.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية