ولأنها كانت كذلك أصبحت ملكنا مثل الهواء لا ينازعنا حقنا فيها أحد، وغدا شاعر الجميع والناطق الشعبي باسم الجمهور العربي، وفي وسع نرجسه كما يرى محمود درويش أن يتسلل من صورته إلى الآخرين فليس الحب إلا تعرّف الذات على ذاتها في حوارها مع آخر يخرجها من الصدفة إلى الوجود، ولهذا صار شعره ملكية عامة وأجرى المصالحة التاريخية الكبرى بين القصيدة والطلبة الصغار، وربات البيوت والموظفين وأصحاب المهن ورؤساء الدول.. من نزار تعلمنا أن من يريد أن يجري مصالحة وحواراً بين أبناء الشعب أحزاباً كان أم أفراداً عليه أن يكون قريباً من روحه ويسمع صوته المتألم، ويذهب إلى جموع الجماهير لا ليعلمهم ويلقي عليهم درساً نظرياً، وإنما ليشاركهم ويقرن القول بالعمل والممارسة.. وأن يكون الشعب هو المرجع الأول والأخير وله القول والكلمة الفصل.. ولأن الشيء بالشيء يذكر، فقد تذكرت حادثة رواها أحدهم حين عودته من الصين الشعبية، وقد تحدث عن تجربتها قائلاً: تستغربون أن «ماوتسي تونغ» وزعماء الصين يحافظون على الطب الشعبي إلى جانب الطب العلمي، وهو المعروف بأن أكثر مداواته بعيدة عن العلم، فقد بلغ حبهم للشعب وتغلغلهم في نفسيته وأعماقه وروحه إلى هذا الحد، حتى لايصدموه أو يجرحوه, و في ذلك تقدير له و لقدرته الابداعية العلمية, و قد يكون في هذا الطب الشعبي من القواعد العلمية, و من الأشياء التي إذا درست لتكشف لنا جوانب من العلم.
بهذه الروح ينبغي أن نتصالح و نحاور فللحوار طريق واحد يمر من آلام الشعب و آماله .. و كلنا مسؤولون و معنيون و بمقدار صدقنا و مصارحتنا يمكننا الوصول إلى مخرج للأزمة و إلى رؤية مشتركة حول مستقبل سورية المتجددة.
fadiamsr@yahoo.com