كل شيء...أصبح مرهوناً بأسهم البورصة للأسعار التي تطير محلقة في فضاء المرتاحين ماديا...أما (المعتر) فعليه العوض!!
فرحلة الذهاب و الإياب إلى الجامعة..أو المدرسة..أو العمل أصبحت تتطلب ميزانية خاصة..في زمن أسياد الباصات..والتكاسي..والسرافيس...الكل يغني على ليلاه..والكل إمبراطور في الوسيلة التي يقتات منها...وإن همست قليلا(أنو والله حرام....)تخرج منه النادبة (أي تلك المرأة التي تندب حظها وتنوح)..وينوح هو على غلاء المازوت..والبنزين....وهلّم جرا....
وما ذنب الشاب أو الصبية..أنهم وجدوا في هذه الحياة طلاباً يقتاتون من الخرجية التي يتلطف بها أولياء أمورهم!!
فبالأمس القريب..كنا نخرج إلى علمنا أو عملنا بمصروف قد يكفي الأجرة وفوقها حبة مسك...أي ثمن فنجان قهوة مع الزملاء و الزميلات...ومع ذلك هناك غصة بأننا(نتبهنك)من تعب أهالينا,فتضرب الحماسة البعض منا ويسعى إلى عمل بسيط يسد به حاجاته...ومتطلبات دراسته...
أما اليوم فتخيم على أيامنا مقتطف أغنية قديمة تقول(وأنت يا ولدي..فطريقك مسدود..مسدود..مسدووود!!) فالخرجية الاعتيادية قد اضمحلت للغلاء الساحق ولم تعد تكفي ثمن (سندويشة فلافل)..ومهما اجتهدنا للحصول على عمل نسد به رمق نفقاتنا فعبثا أن نجده حيث أصبح سوق العمل ينبوعاً راكداً يحافظ على ما بقي فيه من ماء!!
إن توجهت يمينا للخاص..جلس أمامك صاحب العمل في صورة تراجيدية ..تقودك للبكاء على حاله..وإن اتجهت يسارا نحو العام ترى الوظيفة موصدة بأقفال لا يقدر عليها (بابا...ومليون حرامي )!!
فما إن تأخذ مصروفك..حتى تسمع صوتا يهمس في أذنك(عذرا عزيزي الطالب...الخرجية أصبحت خارج نطاق التغطية وشكرا!!)...ومع ذلك حين أجالس أصدقائي من مختلف الأعمار طلابا كانوا أو باحثين عن عمل ..
أجد روحا تعشق سورية وتتأقلم مع كل ظروفها فكما يقولون(مرها...حلو المذاق).
ولكننا اليوم نحن نطلب ....الرحمة من العصابات المحتكرة و المتلاعبة بكل شيء...المواصلات..الطعام..الاحتياجات و المستلزمات الدراسية....ممن يعيثون في معيشتنا اليومية خرابا!!
ورغم كل الضوضاء المعيشية التي نمر بها بقي الأمل ينبض في قلوب شبابنا...لنراهم متواجدين في كل الساحات و الميادين يدا بيد...وبروح تطوعية انطلقوا بمبادرات و أنشطة إنسانية يلملمون فيها الجراح...ملبين نداء صرخة طفل..أو دمعة أم..لتأمين غذاء أو دواء...أو دعم معنوي لزرع الأمل في نفوس الجميع...
العمل الإنساني أصبح بوصلتهم...وسورية المتجددة هي هدفهم..وما بقي ليس سوى زوبعة غبار عابرة في حياتهم.