تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أشعار ريلكه الفرنسية في ترجمتها العربية: التوغل في أحراش اللغة

كتب
الأربعاء 4/6/2008
في (رسائل إلى شاعر شاب) يعلن ريلكه تحفظه وريبته من النقد الأدبي, أي الكلام الدائر حول النص: (النوايا النقدية بعيدة عني. كلمات النقد لا تمس إلا قليلاً).

الأثر الأدبي: إنها تقريباً توصل دوماً إلى سوء تفاهم, عندما يقرأ المرء هذا الاحتراس سيحترس بدوره, بل يتخوف عند الحديث عن ريلكه نفسه, فإن الخشية من الكلام الذي يصف نوعاً آخر من الكلام, وهو جوهر فكرة ريلكه هنا.‏

ريلكه.. الشاعر الالماني, نتعرف إلى أشعاره المكتوبة بالفرنسية مباشرة, ترجمها وقدم لها الاستاذ شاكر لعيبي.‏

لا تبدو الكتابة بلغة أخرى بالنسبة لهذا الشاعر الالماني شيئاً خارقاً للعادة, حتى إنه قد كتب قصيدتين, اثنتان باللغة الايطالية وقصيدة أخرى بالروسية.‏

غير أن ما يلاحظ بسهولة هو أن قصائده الفرنسية تتجاوز مجال المحاولة وحقل الطرفة, وتشكل وحدة نصية معتبرة على حد تعبير مترجمها إلى الانكليزية بولين.‏

ريلكه كان يرتاد المكتبة الوطنية في باريس ويعاود قراءة الشعراء الفرنسيين وأولهم بودلير, وفي رسالته إلى صديقته (لوو) المؤرخة في 18 تموز 1903 يذكر:‏

كان بودلير بعيداً عني من الوجوه كلها, كان واحداً من أكثر الغرباء بالنسبة لي! بمشقة كنت أفهمه غالباً, أقلها في قلب المساء عندما كنت أعاود كلماته مثل طفل, كان يصير قريبي, جاري في الأدوار العليا, واقفاً, خلف الحاجز النحيف يصغي لصوتي المتساقط.‏

كانت لديه بالإضافة إلى قراءاته المكثفة تلك صداقات في الوسط الثقافي الفرنسي عبر البعض من ألمع رموزه: أندريه جيد, وروما رولان وجوف وسوبير فيل الذي كتب له ريلكه رسالتين بالفرنسية عن علاقته الحميمة بالفرنسية. كان ريلكه يروي إلى دوبوس أثناء إحدى لقاءاتهما,فصلاً صغيراً من حميم مشروع شعري يتعلق بالانشعاب المتبادل بين الالمانية والفرنسية.‏

يمكن اعتبار قصائد الشاعر الالماني ريلكه المكتوبة مباشرة باللغة الفرنسية معجزة تليق بالشعراء وحدهم, هذه القصائد ليست تجارب شكلانية على لغة أخرى, وليست لعباً على مفردات وقاموس موليير, كما أنها ليست تدريبات على إيقاعات لغة جديدة, لأنها لا تقل أهمية عن شعره المكتوب بالالمانية.‏

من يقرأ قصائد ريلكه هذه ستدفعه للتساؤل: كيف يمكن لشاعر ألماني متوغل في أحراش ألمانيته أن يقتنص روح لغة أخرى لا تشترك كثيراً في بنيتها وتركيب جملها وايقاعاتها مع لغته?‏

هل كان ريلكه شاعراً رومانسياً?‏

إن الدروس الرومانسية ليست من طبيعة الشعر العربي ولا من طبيعة شاعر مثل ريلكه, فهما يقولان العالم بوجوهه المتنوعة, من دون نظرة باكية ولو حزنت وبوعي صارم وإن حلم, وباعتقاده أن الحقيقة ليست بالضرورة صنواً لما هو حزين وضعيف, لأنها معقدة مثل تعقيد العالم وبأبعاد متعددة, لأنها جدلية وذات غموض ولأنها تثير في الوعي أشياء أخرى إلى جانب الكآبة الرومانتيكية ولعلها تلامس الطرفة مرات..‏

إن ثمة في الشعر الرومانسي شيء من الغموض, مثلما ثمة شيء من الغموض في الشعر الحديث, هل هذان الغموضان من طبيعة واحدة? قد تكون كلاً أقرب للصواب, فالرومانسي يفترض أن هناك سبباً مجهولاً يحل الحزن في كل مكان.‏

إن هناك نبعاً ميتافيزيقياً للدمعة التي هي في أنهما, دائم من عين الآدمي, هذه الفرضية تسعى لتبرير بكائية الشاعر الرومانسي وتبرير حزن قصيدته..‏

أما الغموض في الشعر الحديث وفي شعر ريلكه, فإنه يجيء من الطرق الجديدة في التعبير التي اختطها لنفسه من أصل عتيق وصوفي أو طقس يتناقض مع بنية الشعر الحديث.‏

يتضمن الديوان قصائد شهيرة له مثل: (حدائق, هجرة القوى, رباعيات الفاليزان, النوافذ, تتمات مختصرة, والوردة): (لدي وعي عميق /بكينونتك أيتها الوردة المكتملة /لكي يخلطك رضاي /بقلبي ذي الأعياد/ استنشقك, كما لو كنت, أيتها الوردة, الحياة كلها/ إنني أشعر بأنني الصديق المثالي /لصديقة مثلها).‏

الكتاب: الأعمال الشعرية الكاملة للشاعر الألماني الشهير ريلكه. ترجمها عن الفرنسية . شاكر لعيبي. الكتاب صادر عن دار المدى- في 277 صفحة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية