للعب دور المواسي والواعظ والناصح لدول العالم في كيفية محاربة الإرهاب ومواجهته، والأكثر في مسببات وعوامل ولادته والحد من انتشاره وتمدده، فيما حقائق التاريخ وذاكرة المنطقة تشهد وتؤكد كل لحظة أن إسرائيل لا تزال دولة الإرهاب الأولى في العالم.
قد يكون الاستعراض والغرور الذي يعشعش داخل منظومة العقل الصهيوني احد المقاصد الرئيسة لإسرائيل من وراء دعوتها دول العالم إلى طلب العون منها وإعلانها مد يد المساعدة للجميع ومطالبتها المجتمع الدولي بسن تشريعات وقوانين أكثر لمحاربة الإرهاب، لكن يبقى الهدف الأساسي من وراء هذه الفانتازيا الإسرائيلية هي تكريس حالة (وحدة المصير بين الغرب وإسرائيل في مواجهة الإرهاب )التي تسارع الحكومة الإسرائيلية لإحيائها والإعلان عن وجودها بعيد كل حادث إرهابي يضرب الغرب، وهذا ما أشار إليه صراحة وزير الحرب الإسرائيلي موشيه يعالون عندما قال « إننا في المركب نفسه في الحرب على الإرهاب للدفاع عن الحضارة الغربية «!؟ .
إن تاريخ المنطقة لم يشهد رغم كثرة المحاولات الصهيو- أميركية طيلة العقود الماضية لتشويه الواقع ، لم يشهد هذا التزييف الممنهج والتجاهل التام لحقائق التاريخ وأحداث الذاكرة المتخمة بجرائم وإرهاب إسرائيل التي نجحت بمساعدة الولايات المتحدة والغرب في حرف بوصلة العرب والعالم عن الخطر والإرهاب الحقيقي الذي تمثله بصفتها محتلة لأرض لا تزال تمارس بحق شعبها الذي طردته وهجرته منذ نحو سبعة عقود متواصلة أكثر الجرائم والإرهاب وحشية ودموية وبشاعة.
لقد أثبتت أحداث السنوات الأخيرة التي سماها الكثير من السذج والحمقى بـ(الربيع العربي) أن إسرائيل كانت المستفيدة الأبرز من تلك الأحداث التي استطاعت فيها الولايات المتحدة التي تمثل بدورها مصدر الإرهاب العالمي وجوهره أن تلحق الدمار والخراب بأكثر من دولة عربية وفي زمن قياسي ودون تدخل مباشر بذريعة الدفاع والحرص والخوف على الحريات والديمقراطيات وحقوق الإنسان كما فعلت في ليبيا والعراق واليمن، وبذريعة محاربة الإرهاب الذي صدرته بطرود خاصة كتب عليها (الحرية والديمقراطية إلى دول المنطقة) كما تحاول أن تفعل اليوم في سورية.
إن علاقة إسرائيل بالإرهاب لا تحتاج إلى إثبات أو أدلة، حتى إن التفكير بهذا الأمر - أي بالبحث عن قرائن وبراهين لإدانة إسرائيل- قد يبدو ساذجا للبعض ومفجعا للكثيرين، ذلك أن أي استحضار سريع لتاريخ الكيان الصهيوني الحافل بالجرائم والمجازر الجماعية ضد شعوب المنطقة ( مجازر صبرا وشاتيلا ودير ياسين وقانا الأولى والثانية ومذابح الأقصى والحرم الإبراهيمي وكفر قاسم وغزة وجنوب لبنان والقنيطرة)، يكفي لنقل الصورة بشكل واضح وصارخ، كما أن علاقتها بالتنظيمات الإرهابية في سورية والمنطقة لا تحتاج بالمقابل إلى أدلة وبراهين لأنها لا تبرح تعترف بهذه العلاقة علنا وأمام الكاميرات ،من خلال دعمها المتواصل لتلك المجموعات بالمال والسلاح والغذاء وبالتوجيه وناهيك عن الدعم المعلوماتي والاستخباراتي واللوجستي الميداني الكامل فيما يعرف بـ (غرفة الموك) المشتركة مع أميركا والأردن وتركيا وقطر وغيرهم.
تبقى الطامة الكبرى في انجراف الكثير من شعوب المنطقة في التيار الصهيو- أمريكي لجهة وقوعها في الشباك الأميركية التي كانت و لا تزال تتصيد في المياه العكرة، وتضع السم في دسم الحريات والخوف على حقوق الإنسان، الشعوب التي خرجت ملبية النداء الأميركي للمطالبة بالحريات والديمقراطيات وحقوق الإنسان التي أثبتت الحرائق التي التهمت المنطقة أنها لم تكن إلا مجرد مصيدة أقبلت عليها دول المنطقة بكامل إرادتها لتدرك معظمها متأخرة أنها وقعت في الجحيم، جحيم الدمار والخراب والحروب الأهلية.
وحده الشعب السوري اكتشف المؤامرة مبكرا جدا وقاوم بشهدائه المخرز وصمد صمودا اسطوريا، و لايزال يدفع ثمن هذا الصمود من دماء أبنائه الإبطال، ليؤكد لكل المخدوعين والمضللين أن إسرائيل هي دولة الإرهاب الأولى في العالم وأن احتلالها لفلسطين العربية هي القضية الأساسية للعرب والعالم، وكما لم تستطع خداعنا في الماضي والحاضر لن تستطيع اسرائيل أن تخدعنا في المستقبل وستبقى هي وحليفتها أميركا مصدر الإرهاب الأساسي.