بعض الناس تمكن من تأمين أسباب الدفء لعائلته في ظل الظروف الحالية التي فرضتها الأزمة من تقنين في الكهرباء أو نقص في الوقود وآخرين لا يزالون ينتظرون دورهم في الحصول على حصتهم من مازوت التدفئة فيما بددت الأوضاع المادية السيئة أو غيرها أحلام الكثيرين في التمتع بالدفء هذا الشتاء.
لكن لسان الجميع يلهج بالدعاء أن يمد الله يد العون لكل من هو بحاجة إلى الدفء في هذه الظروف الجوية الباردة خاصة أولئك الذين شردتهم الحرب فحرمتهم المأوى نتيجة فقدان البيت أو العمل أو المعيل فاتخذوا من الأزقة وزوايا المباني والإنفاق ركناً لهم لا تسترهم سوى أسمال بالية.
الأمر الذي يعيد التساؤلات لدى المواطنين عما يمكن لكل منا تجاه هؤلاء لرفع المعاناة عنهم وعن دور الجهات المعنية في مساعدتهم وإيوائهم للقضاء على هذه الظاهرة الغريبة على مجتمعنا الآخذة في التوسع يوماً بعد يوم.
لابد من الإشارة هنا إلى بعض المبادرات الفردية والأهلية الخيرة التي التفتت فعلياً بعين الرأفة إلى هؤلاء المشردين فتم جمع التبرعات العينية من ملابس وأغطية وغيرها وإيصالها إليهم لمساعدتهم على تحمل الظروف الجوية القاسية، لكن على أهميتها لا تخرج عن كونها حلاً مؤقتاً لا يمكن أن يقي هؤلاء من شر البرد ومضاعفاته التي يمكن أن تشكل خطراً على صحتهم وحياتهم.
أما الحل البديل فيكمن في الخطة التي أعدتها وزارة الشؤون الاجتماعية للعام القادم بالتشارك مع وزارتي العدل والداخلية والقطاع الأهلي والتي تتضمن تخصيص خط هاتفي ساخن لرصد حالات التسول والتشرد الناجمة عن الفقر والعوز المادي وتمييزها عن الحالات الأخرى التي قد تحمل دوافع مختلفة، والعمل على إيواء المشردين ضمن مباني تابعة للوزارة لتمكينهم مادياً واجتماعياً وإعادة فرزهم للمجتمع بطريقة منتجة، إضافة إلى إقامة مركز خاص بضيافة الأطفال المجني عليهم لمنع استغلالهم وعمالتهم.
خطوة بلا شك على غاية كبيرة من الأهمية ستشكل حلاً مثالياً لإعادة الإنسانية لهؤلاء ومنحهم الحق بالعيش الكريم وأن يكونوا أعضاء منتجة في المجتمع ومكافحة ظواهر التشرد والتسول ومنعكساتها الخطيرة على الفرد والمجتمع، ولاسيما إذا ما تم الإسراع في اتخاذ خطوات عملية لتنفيذها مبكراً وذلك إدراكاً لقيمة الوقت في تجنيب هؤلاء معاناة أكثر أشهر الشتاء برودة وما يمكن أن يتعرضوا له من استغلال متعدد الوجوه.