تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


المصالحة الفلسطينية إن تمت

شؤون سياسية
الاثنين 4-2-2013
 بقلم: نواف أبو الهيجاء

صدرت عدة تصريحات مؤخرا عن مسؤولين في حركتي حماس وفتح – وفي كل من رام الله وغزة كما في القاهرة – تقول ان هناك حراكا جديدا من اجل اتخاذ خطوات (جدية ) لاتمام المصالحة الفلسطينية .

رافق ذلك وصول الوفد الخاص بالانتخابات الفلسطينية من رام الله الى القطاع . نذكر ان الاتفاق الاخير الذي تم في القاهرة بين الحركتين مضى عليه العام دون ان تتخذ أي خطوات تمهيدا ليس فقط للمصالحة بل كذلك للعودة الى الوحدة الوطنية - السلاح الذي فقده الفلسطينيون منذ اكثر من ست سنوات .كان الاتفاق يقضي بتشكيل حكومة توافق برئاسة السيد محمود عباس واعادة هيكلة منظمة التحرير الفلسطينية والتهيئة لاجراء انتخابات تشريعية ورئاسية وانتخابات جديدة للمجلس الوطني بعد مضي اكثر من عقدين من عدم النظر اليه بجدية.‏

والواقع ان أي مقاربة للحالة الفلسطينية الراهنة يجب ان تنطلق من تمعن دقيق لاسباب الانقسام بين تيارين فلسطينيين احدهما يؤمن بالمقاومة المسلحة كما ببقية اساليب الكفاح والثاني يؤمن بطريق المفاوضات ( وليس غير المفاوضات ) للوصول الى الحق الفلسطيني مع ان المفاوضات سبق ان استمرت لعقدين تقريبا دون ان يتحقق شيء للفلسطينيين . الطرف الاول تمثله حركة حماس ويضم عددا من التنظيمات الفلسطينية الاخرى والطرف الثاني تمثله حركة فتح ومعها ايضا تنظيمات فلسطينية اخرى . ولكن الواقع قال ان انخراط حركة حماس في العملية السياسية كان يعني القبول ضمنا بما تضمنته اتفاقية اوسلو . السلطة الفلسطينية نتاج اتفاقية اوسلو .. والانخراط في أي عملية ناتجة عن الاتفاقية يعني القبول بها وبما تضمنته – ومن ذلك تعديل عدد من بنود ومواد الميثاق الوطني الفلسطيني ومنها بطبيعة الحال البنود الخاصة بحدود دولة فلسطين والتحرير الكامل للثرى الفلسطيني والقدس العاصمة الموحدة لفلسطين وعائديتها العربية الاسلامية .‏

كما ان الانخراط في العملية السياسية ادى بالتالي الى اقتراب شكلاني بين الخطين لولا ما وقع من احداث دامية بعد انتخابات انتجت فوزا – ربما لم تكن فتح تتوقعه – لحركة حماس .‏

الشعب الفلسطيني في الحقيقة عاقب حركة فتح كونها لم تستمر في طريق الكفاح المسلح وكونها في بعض الاحيان وعبر التفاوض مع العدو الصهيوني بدت غير مكترثة بما يجمع عليه الشعب الفلسطيني من ثوابت ( الدولة على كامل التراب الفلسطيني والعاصمة القدس وحق العودة للاجئين الفلسطينيين الى جانب اطلاق الاسرى في سجون العدو الصهيوني).‏

الانقسام ادى الى وجود سلطتين فلسطينيتين فعليا : احداهما في القطاع خاضعة لحركة حماس وتعتبر نفسها السلطة الشرعية والثانية في رام الله وفي حضن الاحتلال والمحتلين وتعتبرنفسها انها هي السلطة الشرعية .يرافق ذلك ممارسات على الارض فرضتها اوسلو على السلطة منها التعاون الامني مع الاحتلال ومنها قمع الصوت الآخر الفلسطيني ومنها تجاهل بقية القوى والحركات الفلسطينية كالجبهة الشعبية والجهاد وغيرهما . الى جانب ذلك يتهم كثير من الفلسطينيين السلطة بكونها افسحت المجال امام هجمات الاستيطان في الضفة الغربية وفي القدس لانها استمرت في التفاوض لفترة طويلة استغلها الاحتلال في التهويد وفي الاستيطان .‏

من الوقائع الاخرى ان حركة حماس بدورها مارست القمع ضد انصار حركة فتح وقيادييها في القطاع تماما كما زجت السلطة بعشرات من كوادر وقيادات حركتي حماس والجهاد وحتى الجبهة الشعبية احيانا في السجون والمعتقلات .‏

لقد خسر الفلسطينيون كثيرا نتيجة الانقسام واكثر ما خسروه هو العمل على رفع سوية العمل العربي المشترك . فالوحدة الوطنية الفلسطينية رافعة تلقائية للعمل العربي المشترك والانقسام يكرس حالة الكسل والعجز والتهاون عربيا وحتى ان بعض القوى الدولية اشترطت ان تعود الوحدة الفلسطينية لتتخذ موقفا ايجابيا من القضية الفلسطينية .‏

الاحداث العربية اثرت بالتأكيد في الحال الفلسطينية وفي رأس ذلك صعود الاخوان المسلمين في مصر ما عزز مواقف حركة حماس كون الطرفين عضوين في التنظيم العالمي لحركة الاخوان المسلمين .‏

الانقسام لم يقتصر على الرأس بل انسحب فلسطينيا عميقا : افقيا ورأسيا . وiذا امر طبيعي هو الفرق بين خطي المقاومة و( المساومة ) . المصالحة الفلسطينية لكي تدوم وتوصل الفلسطينيين الى استعادة وحدتهم يجب ان تقوم على اساس ان احد الطرفين قد تخلى عن دربه الاولى : أي ان تتخلى حركة فتح عن مقولة المفاوضات وليس غير المفاوضات او ان تتخلى حركة حماس عن شعارها في المقاومة المسلحة . وبالتأكيد فان العوامل الموضوعية – مواقف عربية وامريكية واوربية وصهيونية – لا بد ان تسهم في الابقاء على حالة الانقسام قائمة . كما ان العامل الذاتي والمصالح الانانية لابد ان تسهم في تأزيم دائم بين التيارين المتضادين في الساحة الفلسطينية .‏

المصالحة ان تمت على وفق التحليل الموضوعي فلن تدوم طويلا ولن يكتب لها النجاح الا في حال تخلd السلطة الفلسطينية عن منهجها الخاضع حكما لاتفاقية ماتت وشبعت موتا هي اتفاقية ( اوسلو ) . . سوى ذلك فالمصالحة ان تمت ستكون عامل تخدير لا اكثر ومؤقتة قد تنفجر كالقنبلة الموقوته في أي لحظة .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية