تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


ورثة العثمليّة .. والأحلام الوهميّة

شؤون سياسية
الاثنين 4-2-2013
 د. عيسى الشماس

ثمّة تساؤلات يطرحها المراقبون والمحلّلون السياسيون ، حول الخطوة العثمانية التي اتخذها / طيّب رجب أردوغان / رئيس الوزراء التركي ، بنصب صواريخ / باتريوت / على الحدود السورية ،

وبتعيين والٍ على مخيّمات النازحين السوريين إلى تركيّا، بل على معسكرات تدريب الإرهابيين ، بحجّة الإشراف على إدارة شؤون النازحين وتحسين أوضاعهم ، حتى قال بعضهم إنّ هذا الإشراف قد يشمل الأراضي السورية التي يدّعي تنظيم ما يسمّى (الجيش الحرّ) وعصاباته الإرهابية ، السيطرة عليها . وهذا ما يشير إلى أحلام وهميّة تكشف عن حقيقة أطماع العثمانيين الجدد بعودة سلطنة عثمليّة ، يخطّط لها أردوغان الأحمق ووزير خارجيته / أوغلو الفاجر، ولكن بشكل جديد أكثر بشاعة ممّا كانت قبل قرن وأكثر .‏

ومن الغريب أن يرحّب بعض العرب ، وبعض السوريين في تلك المناطق بهذه الخطوة ، التي ترمي إلى الهيمنة عليهم ، إذا ما صحّت توقّعات المراقبين ، وكأنّ هؤلاء السوريون تجرّدوا من عروبتهم وانتمائهم الوطني السوري ، ونسوا عصر الاحتلال العثماني البغيض ، وماذا فعل بمقدرات سورية وشعبها ، وتجاهلوا ماذا تفعل تركيا الآن من خلال التآمر على الدولة السورية ، وتنهب مصانعها وموارد أرزاق شعبها في حلب وغيرها من المدن السورية ، عن طريق العصابات المرتزقة والمأجورة ، التي تحميها وكالات إرهابية مدرّبة ومعدّة مسبقاً لهذه الغاية ..‏

لقد أصبحت المخيّمات التي أقامها أردوغان للنازحين السوريين ، أوراقاً يعتقد واهماً أنّه يلعب بها لتحقيق مكسب ما ؛ فبعضها أصبح مراكز اعتقالات تمنع من يريدون العودة إلى وطنهم ؛ وبعضها تحوّل إلى معسكرات إيواء وتدريب للعصابات الإرهابية وإرسالها إلى سورية : وبعضها الآخر صار كرهينة تريد حكومة أردوغان أن تفاوض عليها ؛ وإلاّ كيف تفسّر عملية إقامة هذه المخيّمات قبل أن تبدأ الأحداث في سورية ؟ وماذا يعني تسييجها وتصوينها ، ومنع الخروج منها إلاّ بإذن من السلطات التركيّة ؟ وأخيراً ، ما الهدف من تعيين هذا الوالي المصطنع ، إيهاماً بأنّ حكومة أردوغان تهتمّ بشؤون النازحين الذين أسهمت في تشريدهم وتهجيرهم ، لغاية لم تعد خافية على الرأي العام ، داخل تركيّا وخارجها .‏

وإذا كان أردوغان يعتقد أنّ هذه الإجراءات تمهّد لإقامة منطقة عازلة ، تسهل أعمال العصابات الإرهابية الإجراميّة داخل سورية ، فهو واهم؛ وإذا كان يعتقد أنّ ذلك يمكن أن يمهّد لسلخ أجزاء من سورية على غرار ما حدث للواء اسكندرون 1939، فهو أحمق ، لأنّ فرنسا المنتدبة ولّت مهزومة ، وإن كان / فرانسوا أولاند / يحرّضه على العدوان ضدّ سورية ، كما كان يفعل / ساركوزي / .أم أنّ أردوغان يريد أن يلعب دور الشرطي الأورو-مريكي في المنطقة من خلال نصب صواريخ / باتريوت على الحدود السورية، وينسى أنّ له حدوداً مع إيران والعراق ، ويعرف تماماً أنّ أساليبه ستسقط أمام وعي شعوب المنطقة . وإذا كان اللعب بالنار مسموحاً في عهد الاحتلال والاستعمار ، فإنّه ليس مسموحاً الآن ، ومن يريد أن يلعب بالنار ، سيحرق نفسه ، وليس يديه فحسب . ويبدو أنّ أردوغان وشلتّه العثمليّة الجديدة ، يرغبون أن يلعبوا بالنار السورية التي ستحرقهم ، إذا ما أصرّوا على المضي في طريق التآمر على الشعب السوري .‏

لقد أسهمت الحكومة التركيّة / الأردوغانيّة بتخريب المصانع والمعامل والمشافي في محافظات حلب وإدلب والحسكة، وشجّعت اللصوص والإرهابيين على سرقة محتوياتها وبيعها إلى تجار الحرب في حكومة أردوغان بأثمان زهيدة ،أسعار بيع ضمائرهم وخيرات وطنهم ، وحرمان أصحابها منها ، وهم أخوة لهم في الوطن؛ حرّضت عصابات السطو على الاعتداء على مخازن الحبوب والمؤسّسات التموينيّة والمعيشيّة للشعب السوري ، وحرمانه منها وجعله يعاني من ضائقة اقتصادية ، إضافة إلى المعاناة من الحصار الاقتصادي الجائر المفروض عليه ..‏

وإذا كان التاريخ يعيد نفسه فعلاً ، ولكن بأسلوب جديد يناسب الظروف والأحوال ، فإنّ هذه الممارسات التركية اليوم ، تذكّرنا بما كانت تفعله السلطنة العثمانية التي احتلّت سورية أربعة قرون ونيّف تحت غطاء التعاطف الديني ، وباسم ( الخلافة الإسلامية ) كما أطلق عليها بعضهم لتبرير الاحتلال العثماني . لقد نقلت السلطنة أفضل الصناعات والحرف ، وأمهر الصناعيين والحرفيين السوريين إلى اسطنبول، وحرمت السوريين من منتجاتهم ، بحجة دعم خزينة الباب العالي . وها هم بعض الأحفاد يحاولون إعادة الكرّة ، ولكن بأسلوب جديد يعتمد على ( التنظيمات الإسلاميّة ) المدعوم بغطاء إرهابي تكفيري ، وحسبهم أن يعيدوا شيئاً من مخلّفات تلك السلطنة المهترئة ،؛ ولا عجب أن تكون العوامل الوراثية وصلت إلى زعماء الحكومة التركية ، على اعتبار أنّ قانون / ماندل / الوراثي ، أنّ بعض المورثّات قد تتناقل بين الأجيال حتى الجيل السادس عشر ، وهذا ما ينطبق على عصابة السلطنة العثمانية (العثملية ) الجديدة بزعامة أردوغان .‏

ونذكّر أردوغان وعصابته وواليه العثملّي ، بأنّ هذه الإجراءات سترتدّ عليهم ، فلا ينسى أنّ هناك لواء اسكندرون المغتصب ما زال في الذاكرة ، وفي قلب ووجدان كلّ سوري ينتمي إلى الوطن الكبير . وسيعود إلى حضن الوطن الأم في الوقت المناسب، لأنّ شعبه الأصيل ( في الداخل والخارج ) ما زال متمسّكاً بعروبته وهويته السورية . ونذكره أيضاً ، بـأنّ حدود سورية الطبيعيّة قبل عام 1918 ، كانت من جبال طوروس إلى خليج السويدية في شمالي لواء أسكندرون ،بما فيها قسم من أضنة وديار بكر وكيليكيا .‏

وإذا نسي ذلك أو لم يعرفه ، فعليه أن يعود إلى الجغرافية والتاريخ، ليعرف كيف حصل رسم الحدود الشمالية لسورية ، وكيف تمّ سلخ هذا اللواء بمؤامرة دنيئة من الانتداب الفرنسي على سورية ، ترضية لتركيا ( الرجل المريض) المهزومة في الحرب العالميّة الأولى، ولكسب ودّها إلى جانب الحلفاء قبل الحرب العالميّة الثانية .‏

فأي ترضية ينالها أردوغان من الغرب لقاء إسهامه في تنفيذ المؤامرة الدنيئة على سورية ، سوى نصب صواريخ / باتريوت / على أراضيه التي ستكون وبالاً على مستقبله ومستقبل حكومته وقد يكون الشعب التركي البريء ضحيّتها..!!‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية