الإصرار على الزيف والخداع واجترار الوقت والتلاعب بالألفاظ لا يزال السمة الأبرز للسلوك الأميركي الذي تلفه الريبة والضبابية المفرطة بغض النظر عن تلك التصريحات المبتذلة التي ترمي بها الولايات المتحدة بين الفينة والأخرى لتخدير المشهد العام بعناوينه العريضة وتفاصيله المعقدة والمتشعبة بهدف مواصلة العبث به على طريقتها المعهودة، حيث المبضع الأميركي لا يزال جاهزا للتقطيع هنا والاستئصال والذبح هناك.
ضمن هذا السياق يمكن تفسير وفهم السياسة الأميركية، بل وفك شيفراتها وطلاسمها أيضاً، خاصة في هذه المرحلة الحساسة التي يجثو فيها المشروع الأميركي على ركبتيه في ظل ذلك الانحسار الواضح للخيارات الأميركية، وما يقابله من احتراق لمعظم الأوراق بعد ارتسام معادلات وقواعد جديدة نسفت كل القواعد والمعادلات التي كانت سائدة فيما مضى، والتي كانت ترتكز على مبدأ الاحادية القطبية و التفرد الأميركي بالقرار والموقف.
صحيح أن الإدارة الأميركية الحالية باتت بحكم المنتهية، وكل تصرفاتها ومواقفها تندرج ضمن سياق ترحيل الملفات والقضايا والأزمات الى الإدارة القادمة، لكن الغائب أو المغيب عن الولايات المتحدة أن سياسة قضم الوقت وتصدير الأزمات التي تمضي بها قدما ستزيد من أزماتها وتضاعف من إخفاقاتها وستراكم من هزائمها في الميدان، وهذا ما سيدفع بها الى مزيد من الحماقات والخيارات الكارثية التي لم تجلب للمنطقة والعالم الى الويلات والكوارث والإرهاب المتمدد والمتنامي في مختلف الاتجاهات دون أن يستثني من إجرامه أحداً حتى الدول الداعمة والحاضنة والمدافعة عنه.
الخلاص لا يكون إلا باتخاذ مواقف شجاعة وجادة ومسؤولة تساهم في وضع حد للإرهاب، وهذا يكون عبر اتخاذ خطوات حقيقية باتت معروفة للجميع، تبدأ بتعريف واضح للإرهاب وفصل التنظيمات التي تصفها واشنطن بالمعتدلة عن تلك الإرهابية، ولا تنتهي بوقف الدعم والتمويل عن الإرهابيين ومن ثم التعاون مع الدولة السورية لمحاربة الإرهاب واجتثاثه من جذوره.