ناهيك عن المقالات الصحفية الحارة والطازجة التي اثارت حراكا فكريا واجتماعيا على مستوى الشرائح الاجتماعية كافة.
الجديد اليوم كتاب: غادة السمان الاديبة المبدعة في الثقافة العربية، تأليف عبد اللطيف الارناؤوط، وقد صدر في دمشق عن الهيئة العامة السورية للكتاب، ضمن سلسلة افاق ثقافية، وحمل رقم 132.
قدم للكتاب الدكتور علي القيم الذي رأى ان كتابات غادة السمان مسكونة بشهوة انتعال الريح، ووسواس المسافات تفتح امامنا الابواب مشرعة للاطلاع على حقيبة سفرها، لنرافقها على شهوة الاجنحة الى بلاد ومدن ومتاهات وحارات وشوارع وازقة نبحث معها، عن بقايا ذكريات عشناها، في دمشق وبيروت وباريس وبلاد الاندلس وغيرها فتعيد الثقة بالمستقبل وتشحننا من جديد برغبة المقاومة وتمد حروفنا بالامل الذي لامفر منه لمن يتمنى المساهمة في التعجيل بحضور فترة الخروج من الرماد الى الضوء والتحليق في سماوات زرقاء صافية، وهي مع كل هذا تمضي مع نورسها الى الغربة، ولكن لتعود الى الوطن من جديد، اينما رحلت وسافرت وتغربت، تجد الوطن في كتاباتها مشرقا، يفتح ذراعيه بانتظارك بحب ولهفة، لانه مازال يستوطنها ويبسط سيادته الآسرة على حواسها وخواطرها، وتقول: سأرحل، لكنها تلك الغيمة التي اينما امطرت، فخراجها يعود الى ارضها، وتعلمنا كيف نمنح الوطن المزيد من ابجدية العطاء.
أدب الرحلات
في القسم الاول المعنون بأدب الرحلات من الكتاب يقف الباحث عند العناوين التالية: ادب الرحلة عند غادة (في شهوة الاجنحة)، بحر غادة السمان سمكة - الرحلة والارتحال في (القلب نورس وحيد).
رعشة الحرية عند غادة السمان
يرى المؤلف ان غادة السمان في كتابها (شهوة الاجنحة) وهو اسهام مميز في ادب الرحلات، في هذا الكتاب تسعى نحو المجهول، وعندها ظمأ لاينتهي في البحث عن المطلق، اما هربها من الواقع فهي تدرك جيدا انها لاتستطيع ان تهرب من عالمها المفروض تقول: أي هرب مادامت الاشياء تسكننا، ومادمنا حين نرحل هربا منها، نجد انفسنا وحيدين معها وجها لوجه، والذي تسكنه الكتابة لايستطيع ان يكسر قلمه ويذهب في اجازة غير مكتوبة).
وبكل وضوح ندرك في شهوة الاجنحة ان غادة السمان لم تستطع ان تتخلص من عالمها الذي تفر منه، فصورة لبنان والوطن العربي تطل من ثنايا كل سطر، وكل مشهد من المشاهد التي تراها يفجر في اعماقها حزنا او فرحا يستعصيان على الكبت، لان رؤية تذكرها بالوطن والاهل، وكل منظر يثير في اعماقها واقع شعبها ومحنه وافراحه، وعاداته وتقاليده، وهمومه وصوره المرسومة على جدار القلب.
ويرى الباحث ان غادة السمان تبحث عن الجانب الانساني في رؤيتها وكتابتها عن الرحلات، يقدم دليلا على ذلك حين تكتب قائلة عن رحلاتها الى اسيا: (هاهو الاسيوي المحصن بحضارة روحية ثرية عمرها اكثر من سبعة الاف عام يواجه زحف اللعبة الاستهلاكية الى ارضه بصورة تعهير للقيم على كل صعيد تحت ستار الازدهار المادي والسياحة والفنادق وصالات القمار، لكنه يواجهها ايضا جائعا متعبا مثقلا بتركة الاستعمار المعروفة من جهل وفقر ومرض).
وعلى الطرف الاخر فان غادة السمان اقل تعاطفا مع الجانب الاميركي، وان كانت تظهر اعجابها ببعض مظاهر الحياة الاميركية، فهي تستهل رحلتها بمزج الخيال بالواقع، فأميرها الدمشقي،هو سلمان السمان القاطن في امريكا، ينتظرها لينقلها الى عالم الحلم، الى بلاد تنسيها همومها والعالم وتبدأ رحلتها من اورلاندو وهي حكاية حب بين الصنوبر والنخيل، والقمر والماء، ورحلة في قطارات الدهشة ومملكة الخيال.
ويخلص الى القول: يمكننا الاعتراف بان غادة السمان بما تملك من حدس وحس سليم وثقافة راقية، قدمت من الحقائق الاجتماعية والانسانية في رحلاتها ما يمكن اعتباره مسلمات موضوعية، في قالب فني ممتع اغنى الرحلات، وجنبه الوقوع في شرك الوصف الجغرافي، الجغرافية البشرية.
القسم الثاني من الكتاب يقف عند تجربة غادة السمان الشعرية وفيه قراءة بالمجموعات التالية:رسائل الحنين الى الياسمين \ انشودة الحب الخالدة \.
القسم الثالث: يتحدث عن القصة عند غادة السمان وكذلك الرواية، وثم ينتقل الى المقالة والخاطرة.
الكتاب قراءة جميلة ومتعة في ادب غادة السمان, تنشر اضاءات للقارىء الذي يريد ان يقف على ملامح ادب غادة السمان، ومن ثم يبحر في تفصيلات ادبها وموضوعاته المشغولة بالروح الوطنية والانسانية، يقع الكتاب في 240صفحة من القطع المتوسط.
Yomn.abbas@gmail.com