تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


قانون الغاب.. عنوان المباحثات في فيينا!

إضاءات
الأحد 1-11-2015
سلوى خليل الأمين

أليس من الغرابة ان يجتمع في فيينا عاصمة النمسا أساطين العالم الحر الذين أتقنوا لعبة الحروب السحرية، حين الهدف واضح والضحية موجودة، والعملاء أكثر من الهم على القلب «كما يقال في الأمثال الشعبية»، وحين لغة التباكي على الحرية والديموقراطية هي اللغة السائدة التي أتقنوها على مدى أدهار وعصور،

حتى باتت الشعوب مخدرة، ليس من حبوب الكبتاغون فقط، وإنما من العقول الشيطانية التي تسوس العالم باسم الحرية والعدالة الاجتماعية التي هي نتاج مخططاتهم المزيفة في السر والعلانية.‏

لقد اجتمعوا في فيينا العاصمة الخضراء، بل عاصمة الفن والموسيقى والغناء الأوبرالي الراقي، الأميركي والروسي والسعودي والتركي،  والعنوان الأكبر لاجتماعهم هو سورية، هنا يتبادر إلى الذهن السؤال الذي يراود كل عاقل وكل مثقف سياسياً كان أم اجتماعياً أم تربوياً أم اقتصادياً أم ثقافياً أم عسكرياً، يناقشون ماذا؟ الجواب يأتي بسرعة البرق : يناقشون حل المسألة السورية التي افتعلتها الإدارة الأميركية وعملاؤها دون أدنى احترام للقرارات الدولية التي ترعى سيادة الدول المستقلة . علما أن الشعب السوري يقتل ويذبح ويشرد كل يوم عبر قواعدهم الإرهابية الممثلة بداعش والنصرة ومثيلاتهم ممن يسمون أنفسهم الجيش الحر وجيش الفتح والمعارضة المعتدلة وما شابه.‏

هنا ربما على شعوب منطقتنا العربية مراقبة ما يقوم به هؤلاء الكبار، الحليف منهم والعدو، في حين كل منهما يسعى إلى استقطاب الحلفاء من منظار مصالحهم الخاصة، التي باتت مكشوفة وواضحة، بل سلعة متداولة يتقن دخول أسواقها الكثيرون ممن يظنون أنفسهم قادرين على النصر في ملعب الكبار، وأولهم السعودية عبر وزير خارجيتها المعين من قبل السلطة الأميركية، والعثماني التركي الذي ينتظر استعادة أمجاد امبراطوريته الاستعمارية المتخلفة.‏

من الواضح أن مؤتمر فيينا 1 بخصوص الحرب الكونية على سورية، يعالجها اثنان حاليا لا ثالث لهما: هما الولايات المتحدة الأميركية عبر وزير خارجيتها جون كيري التي أوجدت القاعدة وداعش والنصرة والتي رسمت خطوط تدمير سورية بأقلامها السوداء، ومن ثم أوعزت إلى عملائها في السعودية وتركيا والأردن بتنفيذ خارطة الطريق الموضوعة من قبلها للقضاء على الرئيس السوري الدكتور بشار حافظ الأسد، المعاند بشدة لسياسة التبعية التي تمارسها السلطة الأميركية مع كل من يعارض أوامرها السلطوية المستبدة، وذلك بهدف إسقاطه وزعزعة استقرار سورية بعد تفتيتها وتقسيمها وتسليمها لقمة سائغة للإرهابيين الذين نظمت صفوفهم واستجلبت مرتزقتهم من 85 دولة عربية وعالمية، وزودتهم، وما زالت، بمختلف أنواع الأسلحة المتطورة، كما أوعزت لحكام قطر والسعودية بوجوب ضخ ثروات النفط من أجل تغطية هذه المؤامرة الاستعمارية اللعينة، وحين لم تنجح في مخططها الشرس، كما نجحت في ليبيا وغيرها من دول ما سمي بالربيع العربي، استعادت أنفاسها من أجل حل المسألة السورية سياسياً، خصوصا أنها حريصةعلى صيانة اتفاقها النووي مع إيران، ولإدراكها  أهمية الموقف الروسي الجديد الهادف لمحاربة الإرهابيين في سورية بدءا من اجتثاثه قبل انتشار خطره  المرتقب في كل الدول العالمية والعربية. لهذا  أصبحت عملية إسقاط الرئيس الرمز بشار الأسد كما هو مبيت من الأساس ليس بالأمر الهين، خصوصا وأنه مصون بشعبه وجيشه  وثبات قناعاته الوطنية والقومية في معركة الصمود والتصدي، وأن سورية العروبة ليست لقمة سائغة ، لهذا تفاعل الدور الروسي الحليف لسورية امتدادا ، شمل دول البريكس، ومنهم إيران الواقفة بقوة مع سورية وقائدها وجيشها وشعبها الذي يتاجرون به، عبر وسائلهم الإعلامية والمستأجرة كالجزيرة والعربية، التي أعدوها لهذه اللحظات، من أجل تشويه صورة الرئيس بشار الأسد، كي يتمكنوا من القضاء عليه بالسرعة المقررة سلفا.‏

حساب الحقل لم ينطبق على حساب البيدر، فالصمود كان العنوان الأبقى لسورية القائد والشعب والجيش طيلة ما يزيد على خمس سنوات، والتحشيد المفتعل ضدهم أثبت عدم جدواه، بدليل كل المشاهدات الإعلامية واللوجستية التي تثبت قوة صمود سورية بثالوثها المقدس ضد هذه المؤامرة الكونية التي قادتها أميركا والصهيونية العالمية ومن خلفهم حكام قطر والسعودية، الذين هم اليوم في مأزق كبير عنوانه: الخروج بماء الوجه من حرب اليمن ومن المسألة السورية ومن قضية اللاجئين السوريين الذين ينتشرون في اوروبا القريبة، هذا ما بدا واضحا في اجتماعات فيينا، حيث تصدر المشهد وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف، إضافة إلى الحضور الإيراني القوي عبر مساعد وزير خارجيتها  حسين أمير عبد اللهيان، اللذين لم يغيرا في تصاريحهما،  هما مقتنعان به، لجهة احترام القوانين الدولية، التي تعطي الشعوب حق تقرير المصير وبالتالي فإن الشعب السوري هو من يقرر، وليس سفير برتبة وزير حالي معين بأوامر أميركية، وبالتالي لا حول له ولا قوة، حين يتم اتفاق الكبار الذي تحكمه ساحة المعركة، التي تميل في الأساس لمصلحة الجيش السوري والمقاومة الوطنية التي أثبتت فعاليتها وثباتها في الصمود والتصدي لكل أشكال المؤامرة منذ البدء وحتى تاريخه، وإلى أن ينتهي مفعول مؤامراتهم التي يبدو أنها هزلت.. والهروب منها بات أمرا واقعا، حيث رفع شارة الاستسلام أصبحت  من مقتضيات الأيام القادمة.‏

لهذا أرى أن اختيار العاصمة النمساوية فيينا، كمقر لاجتماعات دولية تقرر مصير سورية وقائدها، ما هو سوى مسرحية هزلية، ستنكشف فصولها عما قريب، إذ ما كتب قد كتب ، وما سيصدر هو في جيوب الكبار والصامدين الأبطال، لهذا على المعترضين الصغار أن يستغلوا وجودهم في عاصمة الفن والموسيقى والغناء الأوبرالي العالمي ورقص الفالس الملوكي، كي يتثقفوا فنيا وتاريخيا وأدبيا من أجل ترقية شعوبهم على ثقافة موسيقى موزارت وبتهوفن  وبرامز وغيرهم من الموسيقيين العالميين، الذين أقاموا في فيينا فكان لها النصيب الأكبر من نغمات سمفونياتهم الرائعة، التي ما زالت تسمع وتردد في دار الأوبرا الشهيرة في العاصمة الخضراء، أو ربما عليهم زيارة متحف «مدام توسو» علهم يحظون بإقامة تمثال من الشمع لشخصياتهم المرموقة إلى جانب الشخصيات العالمية التي يحويها ذلك المتحف الشهير، أو القيام برحلة قمرية على متن قارب في نهر الدانوب، لا يوجد فيه مخدرات ولا أسلحة بل أزهار نمساوية تزكم أنوفهم بطيب شذاها  ، أو زيارة جزيرة الدانوب الجميلة والقيام برياضة المشي على شواطئها الرملية والحصوية والعشبية علهم يراجعون عثرات ألسنتهم التي ستودي بهم إلى سوء المصير.‏

كما لفيينا تاريخها العريق ، لسورية أيضا تاريخها التليد المكتوب بأحرف من نار ونور وبطولات فوارس وأسود لا يهابون الموت، ولا يأبهون لسفالة القوم ولا يعيرونهم أدنى اهتمام.. فلسورية سيف ينتسب إليها وها هي ذاهبة إلى النصر رغم أنوفهم جميعا.. حيث قريبا وقريبا جدا ستعترف السلطة الأميركية بلسان رئيسها أن لسورية سيادة، ما على المجتمع الدولي سوى احترامها وأن لشعبها الحرية المطلقة في اختيار قائده، وهذا ليس منة  منهم، بل حكم مبرم  من سورية المناضلة عليهم تنفيذه بالسرعة القصوى، قبل أن تنهار معايير حضارتهم الملتبسة بأفعالهم الشيطانية عند شعوبهم، التي بدأت تفهم وتعي وتدرك مساوئ الحروب التي يشنها الكبار من أجل غايات فئة ضئيلة من الشعب الأميركي، مجموعها لا يتعدى 10 بالمائة، وعنوانها المصارف التي تسيطر عليها الصهيونية العالمية، ومعامل الأسلحة والشركات الاقتصادية التي تستثمر الحروب لمصالحها الخاصة. لهذا بدا جليا أن عنوان مباحثات فيينا وما نتج عنها، قد أثبت فضائح الإدارة الأميركية ومن معها، لجهة ممارسة قانون الغاب،  الذي يتحكم به القوي ضد الضعيف، ومحاولة فرضه بالقوة العسكرية، التي أفشلها صمود سورية بثالوثها الوطني المقدس.. بنصر مؤزر، سيعلن عما قريب، وسيتضح لكل الشعوب العربية والعالمية المستضعفة، أن القوة ليست معيارا للانتصار، حين تعرف الشعوب والدول والحكام معاني الصمود والتصدي والحفاظ على الكرامات الوطنية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية