الأخبار تتحدث عن اجتماعات ماراثونية بين المعنيين بهذا الشأن والمتابعين له، للوصول إلى آلية تضمن الوصول إلى نسبة من الضريبة العادلة للمال العام والمكلفين على حد سواء، وهو أمر ممكن الحدوث ولا بد من حدوثه نهايةً، ولكن الوقت يلعب لعبته المملّة، ويحسم من إيرادات الخزينة إلى حين اتخاذ القرار..
ربما يكون من الأكثر جدوى والأقرب للمنطق السؤال عن مصادر الخزية العامة للدولة من الإيرادات، حتى تنفق على التعليم والصحة والكهرباء والمحروقات وتعبيد الشوارع والنظافة العامة ورواتب الموظفين والعاملين وكل ما يتخيله عقل من خدمات عامة، في حين يكفيها ما تنفقه للدفاع عن أرضنا وبلادنا وأماننا وأولادنا وأسرنا..!!
سبق لسماحة المفتي العام للجمهورية الدكتور أحمد بدر الدين حسون أن قال إن (المتهرّب من الضريبة آثم شرعاً وآكل لمال الأمة)، وهو كلام لا يقبل الجدال أو التأويل لصحته وسداده، ولا بد لنا من استكمال ما علينا لتكريس مفهوم قدسيّة المال العام، إن كان من خلال الحفاظ عليه أولاً، أم من خلال إيجاده وتحويله إلى الخزينة ثانياً.
لعل التزام محدودي الدخل بالضريبة نموذج يُحتذى، كما هو التزامهم بسداد ما يترتب عليهم من أقساط للقروض البسيطة التي موّلتها لهم المصارف نموذج يُحتذى كذلك، وهو التزام يفرض أن يطبّق بحذافيره على متوسطي وكبار المكلفين بالضريبة، لاعتبارات عدة أبرزها العدالة الاجتماعية في هذا الشأن، بالرغم من الفارق الكبير بين محدودي الدخل وبقية الشرائح في قوة الملاءة المالية وقدرتهم على الإيفاء بالتزاماتهم المالية..
لا بدّ من حلّ فالمسألة باتت ملحّة، ويزيدها إلحاحاً كل ما يتعرّض له المواطن من ضغوط مادية تبدأ بالغلاء ولا تنتهي عند حدّ، والمال موجود ومطارحه معروفة ولا شيء يمنعه من رفد المال العام إلا المباشرة بالعدّ..