الإعاقة لاتعني أن تُلغى إنسانية الإنسان بالمعوق فهو كائن اجتماعي له حاجاته ومشكلاته البيولوجية والاجتماعية والنفسية لذلك في حال تم عزل ذاك الطفل المعوق يعني إلباسه ثوب المرض وبالتالي فصله عن مجتمعه ودوره في المجتمع فمهما كان دوره بسيطاً فهو يساهم في دمجه في مجتمعه وعلاجه.
نفسياً واجتماعياً
ويعتبر الشلل الدماغي من أصعب الإعاقات التي تصيب فرداً في أسرة لأن ثقافة الأهل تعتبر مرضه عار عليها يجب إخفاؤه ويعرف الشلل الدماغي من الناحية النفسية بأنه حالة من العجز في النمو العقلي منذ الولادة أو في سنوات العمر المبكرة بدرجة لاتسمح للفرد بالاعتماد على نفسه في البيئة العادية
أما اجتماعياً فيعرف بأنه مدى نجاح أو فشل الفرد في الاستجابة للمتطلبات الاجتماعية المتوقعة منه مقارنة مع أقرانه من نفس العمر ومن هذه المتطلبات التعليم والتأهيل والمتطلبات الاجتماعية فإذا فشل في القيام بهذه المتطلبات يعتبر معوقاً عقلياً.
الإعاقة بين اليأس والأمل
من أهمية العناية بهذه الفئة وبمزيد من الحرص على مجتمع آمن نفسياً تدفعهم ثقافة الواجب وما تنطوي عليه من قيم المسؤوليات المتبادلة لمنع الألم في العائلة (الطفل والأهل) ومساعدة مجتمعنا في التقدم الإنساني انطلقت جمعيات خيرية وأهلية وحكومية كثيرة ترعى هذه الفئة من المعوقين وكان لنا زيارة لإحدى تلك الجمعيات في مقرها حيث تركت تلك الزيارة أثراً طيباً وفسحة أمل لدى كل من زارها طالباً الإرشاد والدعم والعلاج لطفله المصاب بالشلل الدماغي وهذه الجمعية هي جمعية رعاية الأطفال المصابين بالشلل الدماغي والتي انطلقت منذ سنة 1984 برقم إشهار 1127وكان لنا لقاء مع نائب مجلس إدارة الجمعية ماهر الآغا الذي حدثنا عن أهداف تلك الجمعية الوقائية والاجتماعية والأهم توعية الأهل وتدريبهم لكيفية معالجة أطفالهم وتعليمهم وأيضاً تدريب وعلاج الأطفال المصابين بالشلل الدماغي ضمن العيادات والأقسام الموجودة بدءاً من قسم الاستقبال إلى العينية وعيادة الأطفال وعيادات العلاج الفيزيائي وعلاج الكلام واللغة انتهاء بعيادة الدعم النفسي والاجتماعي.
وعن الشريحة المستهدفة حدثنا الآغا بأن الجمعية تستهدف الأطفال المصابين بالشلل الدماغي وذويهم وتشمل الفئة العمرية من الولادة وحتى عمر الخمسة عشر عاماً من أعمال تدريب وعلاج والجمعية تقدم خدماتها لمن يراجعها في مثل تلك الحالات، كما تم افتتاح عيادات ضمن الجمعية للعلاج الفيزيائي وأخرى لعلاج الكلام واللغة والأهم عيادة الدعم النفسي والاجتماعي.
التأهيل والتدريب
حدثنا الآغا أن التأهيل يتم عبر التنسيق بين أختصاصيين اجتماعيين وتربويين ومهنيين والهدف هو إعادة تدريب الشخص لمساعدته على بلوغ أرفع مستوى ممكن من الكفاءة الوظيفية والمقدرة على القيام بالأعباء اليومية للحصول على أفضل استقلالية في الحياة اليومية وتحسين الوظائف الحركية و السيطرة الإرادية والوقاية من حدوث التشوهات العظمية وعلاجها عند حدوثها ومعالجة الاضطرابات المرافقة والتأهيل عبر المجتمع ودمج الأطفال المصابين في المدارس العادية والتأهيل المهني وتعديل البيئة المحيطة ومساعدات الاستقلال الوظيفي .
ويتم ذلك عن طريق العلاج الطبي والحركي والتواصلي والوظيفي وأيضاً العلاج النفسي الحركي والعلاج النفسي وهناك المساعدة الاجتماعية والمساعدة التربوية الدراسية والمساعدة العائلية التي لا تقل أهمية إحداها عن الأخرى.
لاتخجلي من إعاقته
حزن وشعور بالصدمة والقلق يصيب كل أسرة في حال كان لديها طفل معوق ليتركوا أنفسهم فريسة مشاعر سلبية تؤثر في مستقبل ذاك الطفل وأسرته فبعض الأمهات يعتقدن أن وجود طفل معوق في الأسرة وخاصة الشلل الدماغي بأنه عار يجب إخفاؤه عن عيون الآخرين، ليس ذنب ذاك الطفل أنه معوق لذلك علينا اختيار تحدي أنفسنا قبل أن ندفعه لتحدي واقعه ولنقدم له الدعم اللازم ليحيا بأبسط ما يمكنه فعله فالإعاقة ليست نهاية الحياة.
للأهل دور كبير في علاج طفلهم المصاب فعليهم أولا اكتشاف وجود تطور غير طبيعي للطفل ومن ثم التوجه للطبيب لوضع التشخيص وثانيا المشاركة بالتأهيل عن طريق تنفيذ التمارين والانتباه للوضعيات الخاطئة ومساعدة الفريق الطبي لإنجاز البرنامج الخاص بالطفل.
لذلك انطلقت جمعية رعاية الأطفال المصابين بالشلل الدماغي وإحساساً منهم بمعاناة أسر الأطفال المصابين بالشلل الدماغي وما يتحملونه من أعباء اجتماعية واقتصادية هدفهم تحسين المهارات وتقديم كل المساعدات الممكنة للتأقلم مع البيئة المحيطة والوصول لأفضل استقلالية في الحياة اليومية وإيجاد عمل مناسب مع درجة الإصابة وكانت البداية من تعريف الطفل على جسده وعلاقته بالفراغ وربط تطوره النفسي بتطوره الحركي ومساعدته على مبادئ التعلم في سن ما قبل المدرسة ومن ثم تدريبه على التواصل واكتشاف الطرق المتوفرة لإيجاد تواصل لاغنى عنه في الحياة مع المحيط من تواصل بالكلام أو بوسائل تعبير أخرى، أما الاختصاصيون النفسيون فقد هدفوا إلى مراعاة الناحية النفسية عند الطفل المصاب وأهله وعمل فريق التأهيل لمساعدتهم في إعادة العلاقة فيما بينهم واستمراريتها في سبيل تحقيق أكبر كم من العلاج بأنواعه وأشكاله المختلفة.
ولم تتوقف نشاطات تلك الجمعيات أهلية كانت أم حكومية أم خيرية فجميعها تصب في دائرة الوطن هي أنهار خير تقطر حباً لوطنها ترعى أطفاله وأهله ليكون مجتمعاً سوياً وإيماناً من تلك الجمعيات بالمشاركة والتوجه لتقديم المساعدات بكافة أشكالها كان لتلك الجمعية تعاون مع الأمانة السورية للتنمية لدعم وإغاثة أسر الأطفال المصابين بالشلل الدماغي ممن تم تهجيرهم قسراً عن بيوتهم عن طريق تقديم الرعاية الصحية والاجتماعية والنفسية والمواد الإغاثية دعماً لهم وللوقوف إلى جانبهم إضافة إلى أسر أخرى مهجرة تم تقديم المساعدات لهم حيث بلغت أكثر من 2000 أسرة ممن تم تقديم المساعدات لهم إيماناً من القائمين على تلك الأعمال بأن هذا الدعم سينعكس بشكل إيجابي على المجتمع بشكل عام والطفولة بشكل خاص لتحقيق هدف سام ورائد وهو مجتمع سعيد وطفولة أفضل، ولتكن هذه الجمعيات نهراً رقراقاً بماء عذب يتدفق في جذور الوطن ليسقيه بأطهر المشاعر وأصدق المعاني لذا كان لابد من تسليط الضوء على جمعيات كتلك التي دفعها الواجب وحب الوطن للوقوف بجانبه ورعاية أبنائه.