تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


جنيف 2 ... بين صورة الوهم والسيادة السورية

دراسات
السبت15-2-2014
بقلم الدكتور فايز عز الدين

بدأت الدورة الثانية من جنيف 2 في ظروف يمكن أن يقال فيها إن طَرَفَي المعادلة السورية ما زال بينهما بون كبير وواسع الفجوة. وفي تحليل المشهد نقول: إن وفد الائتلاف المسمّى معارضة قد عاد إلى جنيف 2 في دورته الثانية

وهو لم يتصالح مع أطياف المعارضة الداخلية والخارجية من أجل تشكيل وفد مقنع كما كان مطلوباً حتى في الخطاب الأميركي حول المؤتمر زَمَنَ التحضير له.‏

وهذا يعني أن التمثيل المفروض على أطياف المعارضة هو أوامر للحلف غير المقدّس الأمروصهيوأوروبي وهابي. ويتّضح بهذا أن تمثيل الشعب السوري من قبل وفد الائتلاف في جنيف كذلك هو أوامر وادعاء تمثيل. وعليه فالوفد الذي يغتصب إرادتين بآن معاً ؛ أي إرادة المعارضة التي يمثّل مكوّناً صغيراً منها، وإرادة الشعب السوري الذي لم يعطِ العملاء حقَّ تمثيله طالما أنهم ذاهبون إلى جنيف بواردِ استقدام التدخل الأجنبي في سورية ، وليس بوارد وقف نزيف الدّم والوصول إلى حلٍّ يضمن سيادة سورية واستقلالها ووحدتها أرضاً وشعباً. وفي هكذا حالة من الادعاء بالتمثيل والشرعية الغائبة كيف نتأمّل من جنيف 2 ودورته الثانية طالما عرفنا وخبرنا أولئك القادمين إليه بالكونترول الصهيووهابي؟.‏

ومع ذلك فالحقيقة المطلوب الكشف عنها تتفتّح أزاهيرها ساعة فساعة، ويوماً فيوماً في جنيف2. وزمن الحقيقة يشير إلى أن المعادلة التي أصبحت تحكم المؤتمر - ولو كره الكارهون - تعلن عن صورة من الوهم التي ما زال الطرف غير الشرعي في المؤتمر يتمسك بها، ويظهر فقيراً في السيادة والحجة والبرهان. وصورة من قوة التمثيل والتفويض والسيادة التي تطبع الوفد الرسمي للجمهورية العربية السورية وبها يدير تداوله مع الأصيل ، وليس مع المستأجر الوكيل. وكما سبق أن عَرَضنا في مقالات سابقة أن جنيف 2، وما سيتلوه من جنيفات، أو دورات عمل ليس شرطاً فيه أن تتوافر لدى المسمّى معارضة في المؤتمر الإرادة ، وأن يتم التوافق معهم على شيء، فالمسألة ليست هنا ؛ بل لمجرّد انعقاد المؤتمر، وتوالي جلساته هنالك مشهد يتراكم الوعي فيه لدى شعبنا السوري وهو يتعرّف يومياً على مواقف هؤلاء، ويتصوّر ما الذي هُم قادمون فيه من مشاريع فيها وحدة الجغرافيا، والتاريخ، والثقافة لبلده ؟ وها هي الرسالة من اليمن تصل إلى السوريين بأن اليمن سيكون فيدرالياً بين /6/ أقاليم، ولن يبقى موحداً كما يحلم كل عربي بوحدة بلده أرضاً وشعباً. نعم إن الوفد السوري الرسمي يمارس حنكته الدبلوماسية حتى يخلق القناعة المطلوبة حول الحقائق الحاكمة لهؤلاء من جهة، وحول مشاريع مَنْ وراءهم من جهة ثانية. وفي كل أمرٍ لا بد أن تنجلي الحقيقة أكثر وأكثر فهي فرصة ثمينة لسورية الثلاثي المتحد (دولة ، وشعب، وجيش) أن تعرّي هؤلاء الناطقين باسمها بلغة صهيووهابية وهم يدّعون لها الخلاص والسيادة والوحدة. وهنا فالنجاح سيكون للوفد الرسمي في كل لحظة تداول مع الأصيل، وما يسفر عنها من افتضاح صورة الوكيل. والحال عليه فجنيف 2 مثمرٌ وناجح منذ اللحظة التي قدّم فيها الوفد الرسمي البيان الذي يمكن أن يكون خطوطاً عريضة للمشتركات بين الطرفين المتداولين ( بالوساطة ) حول المسألة السورية ، وقد اطلع الشعب بأن هؤلاء ليسوا حريصين على وحدته واستقلاله وسيادته وعدم التدخل في شؤونه وحقّه في تحرير ما اغتصب من أرضه، وعدم التفريط بأي جزء مقتطع منها.‏

بل رأى شعبنا أن هؤلاء قد اتفقوا مع الحلف الصهيووهابي على التخلّي عن جميع هذه المطاليب السيادية ، وهم آتون إلى جنيف 2 ومهمتهم واحدة ومحسومة: يستلمون السلطة، والبلد ويسلمونها لأميركا وإسرائيل مباشرة لتغدو سورية كانتونات صغيرة تحت المظلة الصهيونية، وتُدَمّرَ منظومة المقاومة خاصة، والواضح الآن أن كيري الوزير اليهودي في الإدارة الأميركية يضغط من أجل حَلٍّ تصفوي سريع للقضية الفلسطينية في ظروفنا الراهنة حتى لا تكون لمنظومة المقاومة وفي طليعتها سورية قدرة على تعطيل الحل المزمع، وقد تم تكليف السعودية بإنجاز هذا الحل كما تم تكليفها بتدمير سورية من أجل الحل ذاته.‏

ومن توالي الأحداث لم تعد الصورة مشوّشة بل أصبح كل شيء واضحاً، ففي جلسة التداول الثانية حين لم تقبل أميركا عبر وفدها المسمّى معارضة أن تدين الإرهاب على أرض سورية ، ولم تقبل بإدانة مجزرة معَان في حماة ، ولم تقبل بوقف نزيف الدم السوري. إذاً بماذا سيظهرون أمام شعبنا وصورة الوهم والمزيد من القتل والتدمير هي التي تحدّدهم على مدار التداول ؟ وإزاء حالة (الستاتيكو) التي وقع فيها الوفد المسمّى معارضة وليس له أي فكاك منها طالما أنه وفد مأمور، وليس وفداً لديه إرادة حرّة؛ يكاد يرى المحلل للمشهد التداولي في جنيف 2 بأن أميركا وحلفاءها لا بد أنهم سوف يقرّون بهزيمتهم في زمن الكشف عن الحقائق. وكلما أصروا على عنادهم، خرجوا من الوجدان الجمعي لدى السوريين أكثر فأكثر، وهنا لا بد أن تنتصر إرادة السيادة، والشعب الواقف وراء وفده المفوّض، والمالك لبراهينه ووثائقه الدافعة. والذي ستجنيه سورية من جنيف 2 كبير ودم السوريين لن يذهب هدراً؛ ومن جنيف 2 يتعزّز مستقبل جديد للسوريين بمشاركة طيف الشعب الواسع الذي بدأ يخرج إلى ساحات بلده سورية ، ويعلن رفضه لهؤلاء الأزلام ، ووقوفه وراء وفده المفاوض ودولته القوية وجيشه البطل ، فالسوريون كانوا وما زالوا صنّاع حريتهم.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية