تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الأب الحاضر.... الغائب

مجتمع
الأثنين 30-4-2012
رويدة سليمان

تضع مولودها... وبعد أسبوع تجدها واقفة، تحمل رضيعها بيد وباليد الأخرى تقلب الطبخة وفي الوقت نفسه تعتني بأطفالها الآخرين، تهيئهم للمدرسة، ترتب المنزل وتحضر لزيارة أهل الزوج للعشاء..

برغم من تطوير بعض الكتب المدرسية وتحديث بعضها إلا أن المفهوم العام لم يتغير وظلت ميسون تساعد أمها في المنزل. وأخوها مازن يساعد والده في الأرض أو المعمل وطبعاً الخياطة والتدبير المنزلي من نصيب الفتيات وكأن الرجال لا يسمح لهم، أو ليس أمهر الطباخين من الرجال أما مادة تربية الطفل الموجودة في الصف التاسع للفتيات حصراًَ فهي ترسخ الاعتقاد السائد أن تربية الأطفال حكراً على الفتيات أمهات المستقبل أما الرجال فلا يسمح لهم بتربية أولادهم، وفي البيت ينظر إلى الصبي أنه أكثر نشاطاً وأكثر قدرة على المنافسة وأكثر قدرة على الاستقلالية واعتماداً على الذات وهو للمهام الخارجية أما البنت فتعزز لديها صفات الهدوء والرقة والحنان وسلوك الطاعة ويتم تحضيرها للعمل المنزلي.‏

دوره في مرحلة الحمل والولادة!!‏

«العناية بالأطفال مسؤولية الأم» نتيجة حتمية يصل إليها من يراجع كتب تنمية الطفولة المبكرة وأدلتها حتى المقالات والبرامج كلها تتوجه بالخطاب إلى الأم ما يؤكد في عرف المجتمع رجاله ونساءه، ويعزز في وعيهم أن المرأة هي المعنية خاصة في الأشهر والسنوات الأولى وربما هذا ما يفسر فقر الأدبيات التربوية في مجال دور الأب وتأثيره على حياة الأطفال الصغار.‏

وفي الوقت الذي تظهر فيه الحاجة لتطوير معارف الآباء حول الأطفال والبداية المبكرة فإن هناك حاجة لا تقل أهمية أيضاً لشد الانتباه إلى أهمية دورهم منذ الحمل وليس فقط منذ الولادة والسؤال عن دور الأب في مرحلة الحمل والولادة والأشهر الأولى يواجه غالباً بعلامات تعجب!‏

وعلى ندرة البحوث المتوافرة في هذا الحقل إلا أنها تؤكد على أن دور الأب يبدأ من بداية الحمل وذلك بمشاركة الزوجة مشاعرها، من خلال الاستماع إليها ودعمها وحمايتها وتوفير الشروط الملاءمة ليكون حملها مريحاً، كالمشاركة في الأعمال المنزلية وتوفير الغذاء المناسب لها وتوفير المناخ النفسي الملاءم في المنزل كما تؤكد الدراسات عدم وجود اختلافات جوهرية فطرية بين الرجال والنساء فيما يتعلق بالقدرة على تلبية حاجات الطفل وتنشئته ومنحه الحب والعناية والرعاية وفي دراسة أجراها (أنجلو وبرو) تشير إلى أن الأطفال الذين لديهم علاقات جيدة ومتطورة باستمرار مع آبائهم من المرجح أن يكون أداؤهم المدرسي أفضل وأن تكون مشكلاتهم السلوكية أقل وفي الوقت ذاته فإن هناك انعكاساً إيجابياً على الآباء الذين يقدمون وقتاً وتفاعلاً مع أطفالهم كما أن علاقاتهم مع الأمهات تكون أفضل ولا يعني أن مفهوم مشاركة الأب أنه سيتحول المانح الأساسي للعناية بالأطفال ليكون له تأثير في حياتهم وإنما التركيز سيصب هنا على مستوى مشاركة الأب ونوعيته في نمو أطفاله وتطورهم أكثر من التركيز على كمية الوقت فالمهم نوعية الممارسة والتفاعل مع حياة الطفل وروتينه اليومي.‏

دور الأب وعمر الطفل.. علاقة طردية‏

يقوم الأب بحمل الطفل أحياناً لكنه لا يتولى إطعامه أو حمامه أو مراقبته أو إثارة حواسه، وتشير الدراسات الميدانية الصادرة عن اليونيسيف أنه مع تقدم الطفل في السن يلعب الأب الدور الغالب في تهذيبه واتخاذ القرارات المهمة وكلما كان الطفل أصغر سناً يلاحظ أن دور الأب يكون محدوداً في العناية به، وكلما تقدم في السن ازداد دور الأب خصوصاً عندما يبدأ الطفل بالاندماج في المجتمع الأوسع.‏

الغائب.... الحاضر‏

يبقى المعنى الأكثر إثارة للقلق، ظاهرة الأب الحاضر جسدياً... الغائب بقلبه ما يولد فراغاً عاطفياً وعميقاً لدى الطفل مصحوباً بقلق وانعدام شعور بالأمن والحماية.‏

آباء يتجاهلون مشاعر أطفالهم، ينظرون إلى قلق أطفالهم على أنه أمر تافه وممل، آباء غير قادرين على إظهار أي استجابة عاطفية نحو أطفالهم.‏

أخيراً: لا يمكن الاستغناء عن دور الأب مهما كان الأشخاص أو المؤسسات التي تقوم بتجسيد هذا الدور وقد أبدت ذلك اتفاقية حقوق الطفل عندما ذكرت «أن كلا الوالدين يتحمل مسؤوليات مشتركة في تربية الطفل ونموه وعليهما تقع المسؤولية الأولى في تربية الطفل ونموه وتكون مصلحة الطفل الفضلى موضع اهتمامهما الأساسي».‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية