|
|
«القنــــدس» ليــــس مجــــرد لعبــــة سينما
هذا كان حال وولتر بلاك (ميل جيبسون) المدير الإداري لشركة ألعاب على وشك الإفلاس بسبب حالة الاكتئاب الفظيعة التي يعاني منها و التي انتقلت عدواها لعائلته، فزوجته ميريديث (جودي فوستر) كانت تبالغ في انهماكها بالعمل هرباً من مشاعر حزنها، أما ابنه الأكبر بورتير (آنتون يلتشين) فيضيف كل يوم ورقة جديدة الى مجموعة أوراق ملصقة على جدار غرفته تحمل كل منها صفة من صفات ابيه في محاولة لتجنبها. أما الصغير هيري فأصبح كئيبا و منعزلا عن أصحابه. و أخيرا اتخذت زوجته القرار بإبعاده عن المنزل، و هناك في وحدته قام بمحاولات فاشلة لوضع حد لحياته، و كان الشاهد قندس، وهو دمية متحركة يرتديها وولتر بيده اليسرى و يتحدث نيابة عنها، و هكذا يدور الحديث بين وولتر بكل سلبياته و شخصيته البديلة التي يجسدها القندس. و يتمكن من إقناع زوجته بأن القندس وصفة علاجية جديدة اقترحها طبيبه النفسي، مع ورقة تقول بأنه تحت رعاية الدمية التي صممت لخلق مساحة بين نفسه و شخصيته السلبية. و إذا نجح في إقناع زوجته و ابنه الأصغر و العاملين في شركته بهذه الطريقة العلاجية الغريبة، فان بورتير كان رافضا و بحدة لشكل أبيه و هو يتحدث عبر القندس، رغم ما حقق الأمر من نجاح كبير على صعيد الشركة و العلاقة مع زوجته و ابنه الأصغر. غير أن العلاقة بين وولتر و القندس ، أو بين وولتر المريض و وولتر كما يحب أن يكون، بدأت تتخذ مجرى أخطر مما كان متوقعا، لدرجة طغيان القندس تماما على وولتر و عدم تمكن الأخير من البقاء دونه ولو أدى الأمر إلى أن يرافقه في لحظاته الخاصة مع زوجته. و بلغ الأمر ذروته حين شاءت الصدف أن يلتقي وولتر بنورا (جينيفر لورينس) الفتاة التي بدأت تربطها علاقة مميزة مع بورتر، و النتيجة شجار عنيف بين وولتر و ابنه الذي شعر بالإحراج من منظر أبيه حامل الدمية، وثانية انفصل وولتر عن أسرته و كان برفقة القندس الذي أضحت سيطرته اكبر من قدرات وولتر على التخلص منها. فيلم (القندس- The Beaver) من إخراج جودي فوستر، لا يدخل إلى أعماق وولتر وحده بل إلى أعماقنا نحن، انه يتحدث عن أهمية ألا نخدع أنفسنا و ندعي السعادة وعن الشجاعة في مواجهة أحزاننا وعدم الهروب منها.
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||
