تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


رصــد الـواقـــع مـن الأعـمــــاق إلى الآفـــــاق

دراسات
الثلاثاء3-9-2019
بقلم :د.أحمد الحاج علي

تستبد الوقائع ببناء مواقف متحركة ثم يأتي دور العقل لكي يصل إلى خط التأسيس والانتظام في هذه الوقائع، ومن الغريب والسائد أن يكون للوقائع المنظورة مهمتان متضايفتان،

الأولى تؤكد إنتاج مفاعيل هذه الوقائع بدءاً من التدمير البشري والمادي وسعياً وراء التدمير النفسي والفكري ووصولاً إلى إطلاق قناعات مهمشة ومزورة ويبقى المهم عند المعتدي أن تبقى الوقائع مادة ووسيلة لإنتاج الشر ولتعميم الضلالة ولإحداث الأذى البنيوي بأي مقدار في البنية الوطنية والقومية السورية ولعله في هذا السياق اندفعت مثل رأس ثعبان سام وقد تحصن في حجره واستطلع برأسه آفاق ومساحة المحيط، اندفعت هذه التزويرات وهذه الفبركات التي استغرقت كل عوالم الحياة البشرية المنكوبة بشهية العدوان وبهوس قتل المناطق الحية على سطح الكرة الأرضية كما هو الحال في النموذج الوطني الإنساني السوري، ونعود للأصل فهذه هي المهمة الأولى للعدوان وهي ليست ذات طابع تمهيدي فحسب لكنها خاصية ملازمة لكل مراحل العدوان في التخطيط لهذا العدوان إلى إطلاق سمومه والبحث بعد ذلك عن نتائج لابد فيها من الاستمرار على أنساق أخرى من الخداع والاحتيال والادعاء المنظم، وهنا نرى أن القوى المعتدية على الوطن السوري ينتظمها موعد واحد أساسه وعامل التحريك فيه هو نقل الحقد على الوطن السوري من مدارج الادعاء إلى مساحات التدمير وللعدوان مراحله وحينما فشل في إنجاز هدف تدمير الوطن السوري انتقل إلى ما يسمى الخطة باء أي أن يتخذوا من العدوان مكمناً وممارسات مستدامة بقصد استنزاف موارد الوطن ونشر مساحات من اليأس في بؤر ضعاف النفوس وفي عمق هذه المرحلة لابد من تقلبات سياسية على المستوى الإقليمي والعالمي، وهذا ما نعيشه من خلال وضعية التكامل العدواني على سورية والعراق وفلسطين ولبنان في الضاحية الجنوبية ببيروت وكذلك على اليمن وليبيا ومصر بما يعني بل بما يؤكد أن العدوان الإرهابي الاستعماري الراهن ليس مجرد خيار بل هو مهمة منظمة ومنتظمة والأصل فيها أن يتم اغتيال كل مواقع الحركة والتحرك في الجسد العربي المنهك بالجراح والسقوط والعمالة وشراء الدنيا بثمن بخس والاعتماد في ذلك على نشر سموم حملوها للدين الإسلامي الحنيف ووضعوها في إحداثيات الاثنيات البائدة والباهتة وسلموا بها نفرا ليس قليل العدد جاهزا أبداً لاغتيال الخضرة ومصادر الوعي ومساحات الخيرات التي لا تنضب أبداً.‏

كل هذا النسق كانت تتشكل منه حتى اللحظة مهمة تاريخية كبرى استنبطها الأعداء من جثامين الأبرياء ومن نزعات فكرية أصلها في التلمود عند اليهود وفي الماسونية والوهابية وتنظيم الإخوان المسلمين وواضح في هذه المهمة المركبة أن هناك مراكز وعقولا تتناوب وتتكامل على إنجاز هذه المهمة ونعرف بل نعترف بأن ثمة نقاطا سوداء وثغرات هي التي شكلت هذا الجاذب بكل إغراءاته لقتل الحياة والحقيقة في وجود الشعوب والمهمة هذه تشبه الأفعى وهي تبدل جلدها مع كل عام وتبقى في الجوهر ثعباناً ساماً لذا كان التجديد سمة ملازمة لهذه المهمة ووسائل الشر يتوالد بعضها من البعض الآخر وركام الأخطاء يتحول إلى نقاط علام تنصب عليها مدافع التزوير والقذائف القاتلة وكل ذلك هو الذي يدعونا للانطلاق من الواقع ومعرفة قوانين الحركة فيه وتشكيل وعي منهجي بالذات قبل الآخر وبالآخر.‏

قبل الذات حتى لا تتشكل مسارب هي مستودعات الأسلحة المجانية للهزيمة أو لتعميق الجراح ودفع الأثمان بصورة مضاعفة ثم يأتي دور الفقرة الثانية في الموضوع الذي نكتب فيه وهذا الدور يقوم على التلازم العضوي ما بين مقومات وقواعد وعناصر العدوان والمعتدي بحيث تكون المعارك السياسية والاقتصادية والثقافية متلازمة بلا انقطاع مع المعارك القتالية العسكرية أي أن نرد على وحدة العدوان بوحدة الرؤية والموقف مستفيدين من علامات الانكشاف في المشروع الإرهابي وفي ذات اللحظة مستفيدين من مقومات المشروعية والمناقب والخصائص والضرورات التي تحكم واقعنا وتحدد مسارات المعارك فيه ومواعيد الخروج منه، وهنا نرى أن التركيز هائل على منع أن يحدث أي مقدار من التكامل البنيوي في الحياة القومية للعرب وحتى مصائب العدوان تجري عملية تشويه لها بحيث تصبح كل نكسة أو نكبة هي خاصة ومحاصرة في حدود هذا الموقع أو ذاك وهذا ما استدرجته قوى العدوان والإرهاب لنقل المواجهة بكاملها من مستوى مشروعية القتال ضد الشر إلى سموم الاقتتال ما بين أعضاء الجسد الواحد وبذلك تجري عملية استهلاك للطاقة البشرية وتؤخذ كل مقامات القوة المتوافرة إلى زوايا وزواريب تقوم على فكرة الاقتتال الذي سرعان ما يتحول إلى أحقاد مستدامة وينتج صيغاً مشؤومة تستهلك وتدمر ولا تتوحد وتعمر.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية