لقد تبادلا الحب على مدى نصف قرن من الزمن هيغو الرجل العبقري الموهوب بكل انواع الفنون والنائب الشعبي, وجولييت المرأة الريفية الكوميدية دون عظيم موهبة, جميلة نضرة كتفاحة طازجة وكان قد التقاها اول مرة في 2 شباط عام 1833 في الدور المسرحي الثالث لمسرحية لوكريس بورجيا في مسرح سان مارتان ثم لقاء ثان بعد عدة اسابيع وقضاء ليلة حب واحدة كانت كافية لولادة الهيام الذي دام بينهما حتى تاريخ موتهما بفارق عامين .
ثلاثة أنامل سحرية ميزت هذا المعرض الاول من نوعه المخصص لجولييت دروي ( العشيقة ) الاشهر في عالم الفن والادب: جيرار بوشان الملم بتفاصيل حياتها دانييل مولينار مديرة متحف (منزل) فيكتور هيغو وجيروم غودو ( المنسق الرومانسي الطائر) كما يعرف عن نفسه وهو الذي عمل بنشاط كبير لانجاح هذا العمل واخراجه وبجهودهم الرائعة اتاحوا لنا التواصل مع تلك الحقبة بصورها الحقيقية: رسائل جولييت الى حبيبها التي تتجاوز 20000 رسالة ذكريات شخصية لوحات جميلة تفصل بينها ستائر من اللؤلؤ العاب مضيئة بحيث يجد الزائر نفسه ضمن اجواء ألفة وحميمية خاصة. ومن صور علاقتهم تارة نرى جولييت امرأة تعيش في الظل متوارية حتى انها لم تكن تخرج لاستلام بريدها دون رغبة حبيبها المستبد بها,وتارة نراها المرأة التي تخرج الى الضوء لكن معه عندما كانا يذهبان للاصطياف معاً في منطقة النورماندي وفي اسبانيا او على ضفاف نهر الراين, وما استمرت حياتها إلا من خلال الرجل الذي أحبت بجنون لدرجة ان الولوج في هذا الحب كان كالانتماء الى الدين لا يمكن الانفصال عنه.
(اذا بقي اسمي فان اسمك سيبقى) هذا ما كتبه لها يوماً الرائي هيغو وقد انعزلت جولييت عن العالم ولم تعش إلا في انتظار هذا الكائن الاهم في حياتها وكما احزنها كثيراً موت ابنتها لويز بمرض السل وعمرها عشرون عاماً فإن حزناً مماثلاً اصاب هيغو على فقدان الابنة التي كانت تقرب بينهما.
تلاوين كثيفة لصور اخرى في المعرض تظهر لقطات خفيفة من جوانب حياتهما:
يوم رأت هيغو اول مرة وكانت ترتدي فستاناً من التفتا الارجواني وتتزين بحلي ناعم من الذهب وصور رائعة محفورة على الحجر للملك ألفونسو ليون نويل تظهر فيها ايضاً بكامل رشاقتها واناقتها وتبدو مغرية ومحتشمة بآن واحد.. لوحات بالألوان المائية لالفونسو ديفيريا ترسم المجتمعين البرجوازي والعادي في القرن التاسع عشر, لوحات مائية اخرى للجوكاندا, بورتريه( القديسة تيريزا) للبارون جيرار وبالطبع رسوم بالحبر الصيني لفيكتور هيغو, واشباح مدن حائرة ( كحبهما العائم الذي طفا فوق العالم كله)
تلك عبارة جيروم غودو الذي احسن اختيار كل موضوع في هذا المعرض ليعكس بدقة تلك الحقبة التي عاشها الحبيبان وتجاوزاها معاً.
أيام من عام 1848 وسنوات صعبة تلتها حتى سقوط الامبراطورية الثانية ثم المنفى الى اكبر جزر النورماندي ( جيرسيه) ثم الى غيرنزي احدى جزر الانغلو نورماندي حيث بقي فيها هيغو من عام 1855 الى العام 1870 ليجرؤ بعدها على كتابة (نابليون الصغير) وهنا ايضاً تلحق به وتستأجر منزلاً مجاوراً له على مرأى ومعرفة زوجته الشرعية والتي كانت على علاقة مع الروائي سانت بوف وكان هيغو يعيش معها على طريقته حياة بعيدة عن الشراكة الحقيقية في مجتمع قياسي في انضباطه خلال تلك المرحلة.
يبدأ المعرض بصوره لجولييت وعمرها خمسة وعشرون عاماً ملؤها العذوبة والنضارة النبل والسماحة وينتهي بصورة امرأة مسنة جميلة مهيبة منهكة وللمفارقة فإن بداية المعرض ونهايته تظهرانها سعيدة سعادة ( الحب المجنون) بعيداً عن الضوابط الرومانسية التي رافقت هذا الحب .