|
أبنــاؤنـا علــى مفتــرق طـرق مجتمع إذ يلاحظ الأعداد الكبيرة والمتزايدة سنوياً للمتقدمين لهذه الامتحانات من الشباب على اختلاف مستوياتهم واختصاصاتهم الدراسية، فهناك هذا العام أكثر من 700 ألف يتقدمون لامتحانات الشهادات العامة بما فيها التعليم الأساسي والإعدادية الشرعية والثانوية العامة والثانوية الشرعية والثانوية المهنية بفروعها التجارية والصناعية والنسوية وأكثر من 600 ألف شاب يتقدمون للامتحانات الجامعية في التعليم العام والخاص والموازي ومن جميع الاختصاصات التعليمية.
ومع تزايد هذه الأعداد هناك ضغوطات كثيرة تفرض على أرض الواقع يجد هؤلاء الشباب أنفسهم في مواجهتها، فالامتحانات بشكل عام ما زالت تقليدية تحتاج للكثير من التطوير، يلعب فيها تحصيل الدراجات دوراً مهماً في تحديد مصير ومستقبل الطالب دون أن يؤخد بعين الاعتبار مهارات الشباب وميولهم أو توجيه طاقاتهم واستثمارها في مجالات عدة. ومن هذا كله يبدو الشباب وكأنهم يخوضون معركة ضروساً مع الامتحانات عموماً سواء جامعية كانت أم شهادات عامة، والتصدي للامتحان ليس بالأمر المستسهل والجميع يدرك ذلك والعبرة تبقى في النتائج، فالمواجهة هي تحدٍ وإثبات وجود وتحديد مستقبل وواقع يفرض نفسه بالقوة، يجعل شبابنا على مفترق طرق، إما بالقوة والثقة بالنفس وإثبات الوجود عند التحدي بمزيد من التحضير والاستعداد المتمكن الواعي والمدروس بما يؤدي للنجاح وإعلان النصر للبعض أو الاستسلام ورفع الراية للبعض الآخر وضياع مزيد من الوقت بانتظار فرصة أخرى لخوض المعركة والتحدي. وبالطبع تختلف وتتباين درجات الاهتمام ومواجهة الشباب للامتحانات، فالجامعيون منهم من همه النجاح في مادته الامتحانية في حين آخرون منهم يواجهون تحدي تحصيل المعدل الأعلى في النجاح والتخرج بعدما أصبح يحسب له ألف حساب في مسابقات التوظيف والتعيين التي تعلن عنها الجهات العامة، أما شباب امتحانات الشهادات العامة فكان الله بعونهم لكثرة الضغوطات التي يواجهونها سواء من ناحية الامتحان أو النجاح، وتحصيل أعلى الدرجات بالنسبة للثانوية العامة وما ينتظرهم من عقد وصعوبات في ارتفاع معدلات القبول الجامعي، إضافة لضغوط الأهل وما أكثرها والذين ما زالوا مكبلين بقيود معينة وبريستيجيات اجتماعية تجعلهم يؤثرون سلباً على نفسية أبنائهم والضغط عليهم للتميز رغم عدم قدرتهم أصلاً على ذلك، وقد يترك ذلك نتائج عكسية في بعض الأحيان، فما معنى مثلاً أن نسمع منذ أيام عن طالبة شابة في الثانوية العامة تعلن استسلامها للامتحان بل وتموت انتحاراً تاركة رسالة لأهلها تخبرهم فيها أنها غير قادرة على أن تحقق لهم ما يريدون، وحوادث كثيرة تشهدها الامتحانات منها الانهيارات العصبية والتوترات النفسية أو إعلان الانسحاب النهائي أو الإعادة للنجاح ولو من أجل علامات قليلة، وبالنسبة لشهادة التعليم الأساسي فهناك ضغوط أيضاً مفروضة للنجاح وتحصيل العلامات الأعلى للهروب من شبح التعليم المهني والفوز بشرف القبول في التعليم العام. إذاً كثيرة هي ضغوط الامتحان التي يواجهها شبابنا، وبالفعل كل من يتجاوزها لا شك يستحق وسام التقدير والتميز في وقت يبدو أننا نهمل فيه كجهات مسؤولة ومجتمع الإحاطة بمختلف ما يواجه شبابنا الطلبة من تحديات، فالامتحانات تعد كابوساً مرعباً وتحتاج لإعادة نظر مع العلم أن هناك مشروعاً كبيراً لوزارة التربية لتطوير الامتحانات عملت عليه منذ سنوات وما زال قيد الانتظار وحتى في القبول الجامعي لم يتم بعد الوصول لصيغة نهائية له، الأمر الذي يجعل الشباب على المحك وبالأحرى على مفترق طرق في الاختيار وفرض تحديد المصير وربما أي أمر غير محسوب سيؤدي لنتائج عكسية تزيد أكثر من التحدي والضغوطات عموماً.
|