قال بني المرجة في حديث خاص لسانا إن الشعر لا يلتزم بموعد وأجمل ما في الشعر أنه يأتي لينشلنا من دوامة الاستهلاك والنمطية التي تسحق أرواحنا بلا رحمة فهو اشبه ما يكون بالضوع أو الشذى الذي يعيد لنا الحياة بعد أن زكمت أنوفنا روائح الموت والبارود.
وأضاف صاحب مجموعة أفراح الحزن إنه يميل إلى القضايا الانسانية غالبا على حساب العاطفية والأشياء الأخرى لأن أكثر ما يؤلم أن الانسانية مسحوقة في حياتنا كبشر والمؤلم أكثر إننا قادرون لو حاولنا أن نتعامل بأخلص النوايا وبقليل من التضحيات على صنع واقع أجمل يمكن أن يحقق لنا شيئا من الإيثار أو تقبل الآخر ونكران الذات.. كل هذا من شأنه حسب اعتقاده أن يجعلنا نعيش لحظات أجمل من تلك التي يعيشها مجتمعنا للأسف والتي تشهد الكثير من الاستلاب والكثير من استسهال الدوس على المشاعر الإنسانية.. استسلامنا لما يعتقده بعضهم في أن الحياة أصبحت تكتسحها العلاقات المادية.
وفي تقرير اعدته سانا قالت: ان الشاعر بني المرجة ارجع سبب قلته في كتابة الغزل إلى أن الهم العاطفي أقل الأغراض الشعرية لديه.. ربما لأن مساحات العمل تكاد تطغى على الروح والوقت وتكاد تحرم الانسان حتى ساعات النوم وقال إنا اغبط الشعراء الذين كرسوا جانبا من ابداعهم للمسائل العاطفية وشعر الغزل وهي بالتأكيد مشاعر سامية وتجسد العلاقات الانسانية بين الرجل و المرأة وهذا يشكل ضرورة لتكامل الصورة والحياة موضحا أن النشاط الثقافي هو النشاط المفضل لديه.
ويخالف الشاعر بني المرجة مقولة بعض الشعراء أن الشعر فن ذاتي ويرى أنه لا يمكن للشعر أن يكون ذاتيا لأن الشاعر عندما يكتب فهو يكتب لكي يقرأ الاخر نصه الشعري بالضرورة لذلك ليس من الغريب أن تجده احيانا وقد فعلها مرارا وذهب بعيدا ولمئات الكيلو مترات ليلتقي مع من يبحثون عن الشعر ويقرؤون القصائد أو يتلقونها بنقاء كون الشعر هو الحالة الأرقى.
وعن كتابته لاشكال الشعر أضاف صاحب مجموعة قصائد حب دمشقية أن القصيدة فتاة جميلة ترتدي ثوبها الجميل بلا موعد والثوب الجميل هو الشكل الشعري.. أو العروضي للقصيدة بمعنى أن القصيدة تختار ايقاعها الذي يمثل فستان سهرتها مع الشاعر وقصيدته فهو يميل إلى اللغة والمفردات القريبة من الناس لأن المتلقي يهمه كثيرا..فالشعر هو حالة شعبية.. وليست خاصة.. القصيدة هي مجال تواصل فكري وشعوري و انساني بين الشاعر والمتلقي.
تأثر الشاعر بني المرجة بالشاعر العربي الكبير محمود درويش الذي التقاه مرات عدة وكانت تسحره دائما روح الحداثة التي تتجلى في شخصه وسلوكه وشعره وحتى في علاقاته.. أما الشاعر الأجنبي الذي تأثر به كثيرا فهوبابلو نيرودا إلى درجة قال له أحد النقاد بأن من يقرأ قصائدك النثرية يشعر بنكهة الشعر العالمي المترجم وقد ترجمت بعض قصائده إلى الفرنسية والانكليزية والبلغارية والتركية والفارسية.
ويتحدث بني المرجة عن علاقته بالشعر التراثي العربي موضحا أنه يمثل بالنسبة له مخزونا ثقافيا وشعوريا وذاكرة حية لتلك البيئات الشعرية التي شكلت مناخا لتجارب شعرية عربية كان بعضها قادرا على بلوغ أعلى درجات الإعجاز والتألق فمن ينكر المتنبي وأبا فراس الحمداني ومن سبقهم أيضا من شعراء الجاهلية وغير ذلك عبر العصور واعتبر أنه من المفترض أن يتكئ شعرنا العربي المعاصر على ذلك الموروث الشعري الذي يمثل ضرورة لتواصل مسيرة الابداع الشعري العربي عبر الزمن مشيرا إلى أن الشعر العربي هو حالة اعجاز أمام الآداب العالمية الأخرى والتجارب الشعرية في العالم.
وختم بني المرجة أن مستقبل الشعر حسب قناعته يتوقف على احساسنا بضرورة تدوين رؤية أو كتابة وصية لما نحلم ان يكون عليه شكل المستقبل لنا و لاجيالنا القادمة و القناعة بوجود واستمرار الشعر كفاعلية في حياتنا الادبية يأتي من رغبتنا الدفينة والعميقة في أن نترجم الشيفرة الثقافية لثقافتنا التي انكمشت وللأسف في عصرنا الراهن لتتجلى على شكل كلمات او وصايا نصادفها في هذه القصيدة او تلك ولهذا الشاعر او ذالك.
يذكر أن بني المرجة هو شاعر و طبيب و مصور ضوئي من مواليد دمشق 1954حاصل على شهادة دكتوراه في طب الأسنان وجراحتها.. عضو في جمعية الشعر منذ العام 1991 ومن ثم عضو في المكتب التنفيذي لاتحاد الكتاب العرب صدر له العديد من المجموعات الشعرية من بينها (أفراح الحزن.. سيد الماء والتراب.. شعلة الغيم..قصائد حب دمشقية) وغيرها اضافة الى عشرات القصائد والمقالات النقدية والثقافية المنشورة في الصحافة المحلية والعربية حيث ترجمت بعض اعماله الى العديد من لغات العالم.