ولكن يبقى السؤال ماهي منعكسات عمل المرأة على شخصيتها وما أهمية العمل بشكل عام بالنسبة لها. الدراسات الميدانية والأبحاث التحليلية التي قامت بها المنظمات الشعبية والنقابات المهنية في سورية والتي كانت آخرها رصد الخصائص الاقتصادية والاجتماعية لواقع المرأة العاملة على مستوى القطر، حيث تبين في النتائج المستخلصة أن العمل يوفر للمرأة حفظاً لكرامتها وإنسانيتها، وينزع عنها العمل صفة العنصر التابع.
فالعمل في جوهره يحولها من إنسان منفعل إلى إنسان فاعل يسعى لتكوين إرادة حُرّة لأن العمل ينمي عند المرأة كما الرجل روح الجماعة ويشذبها من أدران الفراغ ونزعة الأنانية وفي الوقت ذاته يفرض عليها نوعاً من التعاون والتنافس المثمر، والأهم أنه يعمل أي العمل على إبراز مواهب النساء وطاقاتهن الفردية في إطار جمعي متعاون، وهذا مايجعل الرجل يعيد نظرته نحو المرأة التابع وأنها لاتعيش بدونه، فالعمل يعزز دور المرأة ويجعلها إنسانة جديدة بخصائص لاتنحصر في المنزل فقط.
سوق العمل
أما عوامل خروج المرأة للعمل في سوق العمل فأول مايبدو الأثر واضحاً من ناحية احترام الذات التي غالباً ماتسعى إلى تحقيق طموحاتها من خلال العمل حيث تؤكد نتائج الدراسة.
والأمر الآخر هو الحصول على مكانة اجتماعية من خلال العمل، والشعور بالمسؤولية والفخر بالمهنة، إلى جانب الإحساس بالقيمة الاجتماعية ودورها في التنمية العامة.
فيما الآثار الإيجابية الدافعة لدخول المرأة سوق العمل فيبدو أن إجابات النساء تؤكد أن الهدف هو تكوين إرادة تعزز من استقلالها الاقتصادي، وبناء شخصية منتجة تعمل على تحقيق طموحاتها في استخدام قدراتها الذاتية، بالإضافة إلى المساهمة في تكوين أسرة متكاملة تعمل على رفع سويتها المادية والاجتماعية.
مشاعر متصارعة
وحول الآثار المحبطة التراجعية فقد أرجعتها عينات البحث إلى جملة المشاعر المتصارعة تجاه دورها كأم مسؤولة عن تربية الأطفال وما يتطلبه العمل، إلى جانب تصرف الإدارة تجاه عمل المرأة وتمييزها عن الرجل في توزيع العمل، وإن كان هناك عدم توفر الخدمات اللازمة لتمكينها من توفير الشروط اللازمة لرعاية الأطفال مثل دور الحضانة والإجازات، مع الإشارة إلى قناعة الكثير من الأزواج والأهل في عمل المرأة وهذا بالتأكيد ليس مستغرباً في مجتمعنا طالما قرر الإسلام كفاءة المرأة في كافة الأحوال المدنية من تملك، بيع، شراء، هبة، وصية شهادة، ووكالة، الاستقلال في كسبها ومواردها وولايتها التامة على أموالها، إلى جانب عملها في التجارة كمهنة، فالنساء هن شقائق الرجال حسب الحديث الشريف، وأن عمل المرأة وفق المنظور الإسلامي لم يحرمها من شيء بل كان التأكيد على جوهر العمل كقيمة ومهنة وحياة.