تضاربت النيات بالنيات في جسد الغاية وعرت الوسيلة مبدأ ومبتدأ الناطق باسم ذاك أو الصامت، حتى اشعارنا بأن نفتش عنه.. فنجد السعودية تثورن «داعش» وتنطق بحقوقها السياسية، وتصفق للإرهاب بأن يمتد وينهش العراق ثأراً للفشل في سورية، فالجيوب النفطية مفتوحة على همجيته، كذلك خيارات واشنطن مادام أوباما في حجرة أمنه القومي، يعقد الاجتماعات ويعلق القرارات بحجة جمع المعلومات الاستخباراتية عن داعش، وهو المالك لشهادة ميلادها.
أوباما فتح النوافذ على الاحتمالات، فتارة يلوح بالطائرة دون طيارها، وتارة يرسل المحميات العسكرية لتطويق السفارة منعاً من التقاء الرايتين السوداء والأميركية، وتارة أخرى يتقرب من إيران ويبتعد، مراعياً الحساسية الإسرائيلية ومحافظاً على بقاء الخطوات الدبلوماسية ضمن اطار الذهاب والإياب إلى أن يحكم الميدان في توجه البوصلة السياسية.
تبدو بريطانيا أكثر جرأة من أميركا في إعلان العلاقة مع طهران، وأكثر وقاحة في إعلان العزم على استمرار دعم «المعارضة السورية المعتدلة»، لتضمن سلوك الطريقين، ولا تعير الاهتمام للعودة مادام الجميع رهن مخطط الفوضى وضرورات الموقف الذي يبيح محظورات السياسة والدبلوماسية والأخلاق والإنسانية.. ويتيح أيضاً للأمم المتحدة القلقة بأمينها العام بأن تسمي الذبح بالسيف وامتداد الرايات السود على دماء سورية - عراقية لتنظيمات إرهابية مدرجة على قوائمها وذمتها.. تسمي كل ذلك «أزمة وطنية»!! لتجتمع هي الأخرى مع الرياض والدوحة وكل شوادر «الفزعة» للإرهاب على نظرية الإقصاء، التي خرجت بها دبلوماسية النعاج لتشخيص حال العراق، وأحوال المنطقة العائمة بجهود إعلامها النفظي وريالات طوال العمر، وارشادات العم سام على سايكس بيكو بنسخة وهابية وإمارات داعشية.
الخليج يعود على البدء بالنفاق بأن الوضع بحاجة لعملية سياسية شاملة تمتد على قياس مخططاتها، خاصة أن سورية ليست بعيدة عما يجري على حسب التعبير وعلى حسب التغير المراد في الأوراق الميدانية، ومن لم يطل «عنب الشام» فعليه بالقفز من الركام العراقي، وان استدعت المجازفة سيلاً إرهابياً جارفاً يهدد العرب والعالم.. فذلك لن يفسد للخليج قضية، مادامت الرؤية معدومة بعد الأنف، ومادام الأردن يكافح الإرهاب بالإرهاب، ويطلق من سجونه زعيماً من جبهة النصرة لمواجهة داعش على نية أن الأحداث في المنطقة ترتقي به إلى مرتبة أمير، كما ارتقت بالبغدادي من قبله، حتى تربع على خلافة التنظيم خلال عمر الأزمة في سورية.
«النشامى» وطوال العمر يصنعون مستقبلاً للإرهاب في المنطقة، ويشقون طريقه في وجه أية تسوية، خاصة بين واشنطن وطهران، فهذه «التسوية» على حد قول شقيقتهم الإسرائيلية حل مهزلة بمهزلة.. فأي مهزلة جاء بها التاريخ ليحسب بها العربان وآل سعود أنفسهم على أشراف قريش؟!