تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


قلعة الحصن..جدران تتنفس من الصراع العالمي

ترجمة
الأثنين 15-6-2009م
ترجمة: رنجس خزاعي

تعتبر قلعة الحصن قلعة خاملة في حرب دائرة، وآبدة أثرية وسط التلال الخضراء لشمالي سورية وعندما تقف في المكان الذي وقفت فيه حيث وقف الجنود في غابر الأزمنة،

وتنظر من فتحات القلعة نحو الجبال اللبنانية والأراضي الممتدة أمامك، ستعرف حينها الحصانة التي شعر بها الصليبيون أيام زمان.‏

والقلعة الآن تثير فضول السائحين، ربما يتساءل البعض منهم عن سبب قدوم الغازين الأوروبيين كل هذه المسافة لبنائها هنا، أو ما الذي جعل قلعة حصينة كهذه تستسلم في نهاية المطاف، لكن ارتباط القلعة الحقيقي بعصرنا هذا، يعتبر عسكريا وليس صرحا حضاريا، فالحصون الصليبية العظيمة في العراق وافغانستان تعتبر جميعها جزءا من الشيء ذاته، نزاع مستمر بين العالمين الإسلامي والمسيحي حربا كانت وطيسة أحيانا وباردة أحيانا أخرى، والتي كانت تشن بقناع علماني، ويكون الغرب فيها المعتدي على الدوام.‏

كان الصليبيون الناتج الاكثر صراحة وغرابة لهذا الصراع، وكانت قلعة الحصن ونظيرتها الاسلامية قلعة حلب من بين التحصينات العسكرية المشيدة الاكثر شهرة على مر التاريخ، لكن الحروب تابعت استمراريتها بعد فقدان هذه التحصينات لاستخداماتها صدفة وصلت إلى هذه القلعة قبل يوم من حديث دافيد ميليباند حول ذلك الموضوع أمام مركز أوكسفورد للدراسات الاسلامية، حيث قال: تبقى القلاع الصليبية الآبدة نصبا تذكاريا مؤثرا للعنف الآثم للعصور الوسطى. لا يمكنك تعليم الاخلاق بالسيف لقد سخر في أحد الايام رئيسه بلير من طريقة التفكير هذه على أنها مبدأ الجمود البليد.‏

وكتب جون بورتون في كتابه الجديد يقول: من البساطة بمكان أن توضح فكرة بلير المحارب، بما أنها كانت تشكل جزءا من عيش بلير لإيمانه فمن وجهة نظر بلير كانت العراق تمثل جزءا من المعركة المسيحية فالخير يجب أن ينتصر على الشر.‏

فاستخبارات ميليباند الموثوقة والمختارة بعناية تبتعد لآلاف الأميال عن ثوابت بلير التفجيرية وعن مقتضبات رامسفيلد الاستخبارية المفبركة. فقط كانت هذه الوثائق مزخرفة بمقتبسات من الإنجيل، حسب ما علمنا الاسبوع الماضي مثل: أقواسهم مشدودة ونبالهم حادة وحوافر خيلهم كالصوان ودواليب عرباتهم كالريح العاتية. كان جنود القلعة في تلك الآيام حسب ما وصف الكتاب المقدس. في حين نجد الهتاف الموجود على صفحة مستند عام 2003 آذار يمثل هتاف القرن الحادي والعشرين الذي يقرأ كما يلي «تعليق فائق السرية» لكن الفكرة تأتي مباشرة من ريتشارد قلب الأسد. وإذا كان الكتاب المقدس يصف استعادة أرض إسرائيل فكم هو ناجح القتال! وتكتسب خصوصية هذه الاستمرارية أهميتها الآن من وجود أوباما رئيسا وبريطانيا خارج العراق. وتعد القلعة مذكرا بأن غزو العراق لم يكن عمل شخص مجنون، بل استحضرها الرئيس الأميركي بوش ورجاله العتاة وبلير كان بينهم، لقد كان ذلك استمرارية تعيسة وسمجة للتاريخ، فقد اكتشف السياسيون الغربيون مؤخرا أنه من المريح إلقاء اللوم على المتطرفين، أو كما وضعها البيت الأبيض على الإسلام الراديكالي، فيما يتعلق بالسخط الأخير للصراع، على الرغم من عدم سيطرته على العراق، لكن الصورة الخلفية تمخضت عن البرابرة عند تخوم البلاد، إنه ليس تصارع بين الحضارات، بل تصارع حول الحضارة، هذا ما قاله بلير قبيل تنحيه عن السلطة، فقد كان ينكر على أعدائه حتى المساهمة الضئيلة بالصمود تجاه قيمهم الخاصة، في حين كان الصليبيون يكنون بالغ الاحترام لصلاح الدين الأيوبي.‏

لقد صرح بلير في خطابه عام 2006 بأنه يقاتل من أجل هؤلاء الناس ايضا، لكن قتاله هذا لم يساعدهم اكثر مما ساعد الصليبيون مسيحيي الشرق، بل ساعد كلاهما على اثارة التوتر المضاد. والقلعة الآن تقبع في بلد حكومة علمانية. والشرق الذي قاتل في أحد الايام بواسطة ابطال المعبد، ليس في قبضة المتطرفين دينيا، أما فيما يتعلق برامسفيلد، فقد انهى اقتباسه من الانجيل على وجه السرعة والمشهد في العراق، وكذلك عند الصليبيين ينتهي بالآسى: فإذا نظر المرء إلى الارض فيجد الظلام والبؤس لأن الضوء إذا وجد فقد خفت بسبب الغيوم المتلبدة، لم تبتذل هذه المشكلات لنقول علينا أن نبتهج لكن جدران قلعة الحصن تتنفس من الصراع العالمي مع الوحوش.‏

ودافيد ميليباند كان يقول شيئا مختلفا تماما: مع نهاية القرن الماضي تقلص التركيز على العلاقة بين الغرب والعالم الاسلامي، فالإرهاب شتت آراءنا حول بعضنا بعضا وشوه تواصلنا مع بعضنا، وعليه تكتلت منظمات بأهداف وقيم وتكتلات مختلفة مع بعضها.. وكانت النتيجة أن الغرب لم ينظر إليه كما يود، كمعاد للإرهاب لكن كمعاد للإسلام.‏

ميليباند يقوم بالمناشدة لإنهاء هذه الازدواجية القائمة وعلينا أن نصغي.‏

 بقلم: جوليان غلوفر 3/6/2009‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية