والشائع استخدامها بدلاً من المسكنات فبعضها تستخدم لآلام الرأس وأخرى لآلام البطن ونجد من يستخدمها لانقاص الوزن كما تقتني الأسر عدداً من الاجهزة الطبية التي تستخدمها كجهاز قياس الحرارة وآخر لحساب نسبة السكر في الدم وثالث للضغط وكل ذلك يستخدمه الناس بدلاً من مراجعة الطبيب وزيارة المشافي أو المستوصفات أو عيادات الاطباء .... فما هو أثر هذه الأدوات والوسائل البيتية على صحة الفرد وهل تفي بالغرض حقاً وتغنينا عن زيارة الطبيب الاختصاصي أم أن استخدامها البيتي ينعكس سلباً على صحة الفرد وعلى حياته ....
مراحل ....فن الطب
هذه الاسئلة وغيرها نقلناها للدكتور رستم جعفري اختصاصي صحة عامة الذي أكد أن الطب قد مر بمراحل عديدة عبر تاريخ البشرية ففي البداية كان الانسان يستعمل مايتوفر في بيئته من مواد مثل الاعشاب والنباتات وربما بعض المواد غير الحية الاخرى من أجل التداوي وفي مرحلة لاحقة دخل البعد الروحي إلى المجال الطبي حيث كان يعتقد لدى بعض الأقوام أن منشأ المرض هو من عمل الأرواح الشريرة وقد برز هنا دور ساحر القبيلة أو الكاهن أياً كانت تسميته في إرشاد الناس واعطائهم التعليمات بخصوص المرض والعلاج ، وكثيراً ما كان العلاج يتضمن تعويذات وطقوساً مبهمة فيها شيء من الخلطات أو المستحضرات التي اعتمدت على الاعشاب بشكل رئيسي.
أما إبان الحضارة الاسلامية فقد جاء دور البحث العلمي كأداة فعالة للكشف عن أسرار المرض والمعالجة وهو مابرع به علماء مثل الرازي وابن النفيس وابن زهر وغيرهم كثر.
لكن مع مجيء ماعرف بعصر النهضة في أوروبا فقد بدأ الاعتماد على المنهج التجريبي في الطب مثل بقية العلوم أما نقطة التحول التي كان لها أثركبير في تحسين صحة الناس فكانت اكتشاف أوائل اللقاحات الجدري والسل ومثّل ذلك فتحاً جديداً وهو الاتجاه الوقائي في الطب ومااستلزمه من دخول الصحة مقابل مفهوم الطب على خط عمل الاطباء بعد ماكان الاتجاه العلاجي المنفرد .
ظهور الاتجاه الوقائي
يقول د. جعفري إن عمل الاطباء كان محصوراً في مرحلة مابعد وقوع المرض لكن ظهور الاتجاه الوقائي الذي يعتمد على منع حدوث المرض في أحسن الأحوال أو على الأقل كشف المرض باكراً ماأمكن والتقليل من عواقبه والمحافظة على صحة الفرد وليس مجرد علاج المرض ومن أوضح نجاحاته استئصال مرض الجدري من العالم وقرب استئصال مرض شلل الاطفال ايضاً ، وبعد التقدم المبهر في مجال الوقاية من الأمراض السارية ظهرت فكرة الوقاية من الامراض المزمنة وهذا مااستدعى التركيز على عوامل الاختطار /احتمال الاصابة بالمرض / اكثر من مفهوم أسباب المرض فمثلاً مرض الكوليرا لايصيب الانسان مالم تدخل ضمة الكوليرا الجسم وكذلك فإن جرثومة المالطية لاغنى عنها لحدوث الحمى المالطية أما بالنسبة للأمراض المزمنة فيغلب عدم القدرة على نسبة المرض إلى عامل واحد مثال على ذلك السرطانات فمن المعلوم أن التدخين يزيد من احتمال الاصابة بسرطان الرئة لكنه ليس العامل الوحيد فهناك تلوث الهواء له دور وربما الاصابة ببعض الفيروسات والسكري هو مثال آخر توزع فيه الأدوار بين الوراثة والبدانة والإصابة بالتهابات البنكرياس من ضمن العوامل المؤهبة كل ذلك دعا إلى تحديد المرضى ممن تتوفر لديهم تلك العوامل ومتابعتهم ببعض الفحوص السريرية أو المخبرية بشكل دوري لكشف المرض باكراً وبالتالي اغتنام افضل فرصة للمعالجة الباكرة التي تسمح بالسيطرة الجيدة على المرض واضافة لما سبق يضيف د. جعفري ان تلك الفحوص الدورية في سياق تطور المرض لمراقبة حال المريض ومدى الاستجابة للتدابير العلاجية وبعض الفحوص والتحاليل المتبعة في حالات كقياس ضغط الدم / التوتر الشرياني / وقياس درجة الحرارة و مستوى سكر الدم ومستوى خمائر الكبد - تصوير الثدي - معايرة بعض الواسمات في الدم /واسمة سرطان البروستات / التصوير الشعاعي بأنواعه والتصوير بالرنين المغناطيسي - التصوير بأمواج فوق الصوت وفي الواقع هناك بروتوكولات معتمدة للفحوص والاختبارات اللازمة حسب كل حالة وأصبح من واجب الطبيب بالوقت الحاضر اضافة لمعالجة المريض الاشراف على صحة مراجعيه من خلال متابعة عدد من الفحرص الدورية التي تختلف باختلاف حالة الفرد.
لا ضرر من الفحوصات المنزلية الشخصية
يقول الدكتور جعفري إن لتعزيز دور الفرد في المسؤولية عن صحته الشخصية أهمية بالغة فقد تمت التوصية بقيام الشخص نفسه باجراء بعض تلك القياسات والتي لاتتطلب مهارة اختصاصية عن تلك الفحوص نذكر قياس درجة الحرارة أوضغط الدم أو مستوى السكر في الدم وكذلك معايرة تخثر الدم .
حيث تتوفر أجهزة صالحة للاستعمال المنزلي في هذا المجال فيقوم الطبيب عادة بشرح عدة أمور للشخص الذي يريد اجراء هذه الفحوص : أهمية الفحص وفائدته ودلالاته والكيفية الصحيحة لاجرائه وماهو العمل المطلوب وماهي نسب نتائج الفحص نتائج ضمن المجال المسموح أوخارج ذلك المجال وماهي المحاذير الناتجة عن عدم اجرائه بالطريقة الصحيحة لذلك على المريض في الأحوال العادية أن يقتني سجلاً يكتب فيه نتائج الفحوص المنزلية ليقدمها إلى طبيبه المعالج خلال الزيارة الدورية ....
جزء من الرعاية الطبية
يشيرالدكتور جعفري أن الفحوص المنزلية هي جزء من الرعاية الطبية التي يجب أن تتم تحت إشراف الطبيب حصرا لأنه الوحيد الذي يستطيع معرفتها جيداً وعنده الخبرة اللازمة لتوجيه الفائدة من تلك الفحوص بحيث لاتسبب أي ضرر ففكرة استعمال الفحوص الطبية المنزلية بدون مراقبة الطبيب تندرج تحت مايسمى التداوي الذاتي الذي قد يؤدي لحدوث كوارث صحية على المريض وعلى المجتمع ويمكن أن نذكر هنا بعض المخاطر الناتجة عن فكرة التداوي الذاتي والفحوص بدون الرجوع إلى الخبرة الطبية من أبسط الأمور المثال التالي مريض لديه ارتفاع في ضغط الدم يصل إلى قياس 15/10 وهو يتناول أدوية خافضة للضغط بالاضافة لقياس الضغط عنده بشكل دوري وفي إحدى الانتكاسات كان الضغط 16/5و11 / لكنه اعتبر هذا الارتفاع لايستحق التصرف النتيجة أنه أصيب بأحد اختلاطات ارتفاع ضغط الدم / احتشاء - نزف - قصور كلوي .../ ومثال آخر مريض سكري من النمط الأول يعالج بحقن الانسولين ويراقب مستوى السكر في الدم عنده وفي احد القياسات وجد أن مستوى السكر في الدم عنده مرتفع اكثر عن الرقم المعتاد لديه ممادفعه لزيادة جرعة الانسولين والتي سببت له انخفاضاً حاداً في سكر الدم وشارف على الوفاة لولا تدخل المحيطين به ونقله إلى المشفى بسرعة أو ربما كان الأمر من باب التفريط حيث أن هذا المريض قد يجد ان سكر الدم لديه قد تجاوز رقم 50٠ مغ /مل/ لايلقي بالاً لذلك كونه لايعرف مدلولات الأرقام في هذا المجال وهذا سيؤدي به للدخول في السبات السكري .