وقد تميز هذا الكتاب بالدقة والموضوعية التي حدت بالنقاد إلى الإعراب عن إعجابهم بما ورد بمضمونه ودعوة القراء إلى شرائه وقراءته.
إن الشهرة المميزة التي اكتسبها غارسيا ماركيز لم تقتصر على كونه كاتباً مبدعاً فحسب وإنما لكونه صحفياً لامعاً وشخصية عامة في بلاد سادتها الاضطرابات لأمد طويل مثل بلاد أمريكا اللاتينية، حيث شكّل هذا الواقع مصدراً هاماً لمضمون كتاب مارتن الملمع عنه.
إن ما كتبه ماركيز من روايات مثل «مئة عام من العزلة» و «الحب في زمن الكوليرا» التي مضى على صدورها ما ينوف عن 27 عاماً، لا تزال تعتبر في قمة الكتب «الواقعية الجذابة» التي أثارت إعجاب الكثير من النقاد وتداول قراءتها الملايين من الناس، وتمثل انجازاً نادراً ومهماً في عالم الأدب.
حيث نجده قد كتب على غرار ما كتبه وليم فوكنر في وصفه مدينة «يوكناباتوفيا»، تناول ماركيز في ثلاثة من كتبه الحديث عن مدينة «ماكوندو» مصوراً جغرافيتها الرائعة وحالة الركود التي سادت كولومبيا لعدة عقود والتي عايشها منذ طفولته حيث إنه تربى في منزل جده الذي يكن له الحب والتقدير.
لا شك أن ما صدر عن غارسيا من مؤلفات أدبية جعلته في مصاف الكتاب المرموقين لكن علاقاته ومعتقداته السياسية اليسارية جعلت منه شخصية مثيرة للاهتمام، وخاصة أنه كان لثلاثة عقود من المقربين والمناصرين للقائد الكوبي فيدل كاسترو.
كان مارتن خبيراً بريطانياً في أدب أمريكا اللاتينية لكونه يتكلم الإسبانية بطلاقة، وقد أمضى سبعة عشر عاماً في البحث والتمحيص حول واقع السيرة الذاتية لغارسيا ماركيز أجرى خلالها عدة لقاءات معه.
كما التقى زوجته مرسيدس التي تزوجها في عام 1958 وابناؤه ومنهم: رودرجو غارسيا المخرج والكاتب الهوليودي.
لم يقتصر مارتن على عرض السيرة الذاتية لماركيز بعد أن نال شهرة واسعة فحسب، بل عرض بشكل شفاف مسيرة حياته منذ الطفولة إلى أن أصبح رجلاً ونوه إلى مدى تأثره بالثقافة الكولومبية وبما اكتنف التاريخ الكولومبي من عنف، وتقصى الدور الذي لعبه غارسيا في أمريكا اللاتينية وأوروبا وكشف عن امكاناته وقدراته التي قادت إلى فوزه بجائزة نوبل للآداب حيث اعتبر حصوله على تلك الجائزة فوزاً لكافة شعوب أمريكا اللاتينية.
إن السيرة الذاتية التي كتبها مارتن تكشف بشكل جلي الحياة الخاصة لغارسيا ماركيز كرجل وكاتب تعود أهميتها لكونها سيرة ذاتية حديثة ومميزة تتحدث عن أحد أشهر الأدباء في القرن العشرين.