|
لقاح ضد الأزمات عزف منفرد ومن حقنا أن نفخر ونفاخر بذلك, مع يقين أن هذا مدعاة لحذر دائم, ومدعاة أكثر للتفوق حتى على الذات في عالم يبتكر كل يوم أدوات صراع جديدة. يفتح هذا باباً لتساؤل مشروع.. إذا كنا نملك كل هذه القدرات لتحقيق نجاحات خارجية وكلنا يعرف مدى صعوبتها,’ فلماذا إذا لا يكون لدينا سوية مماثلة أو مقاربة على المستوى الداخلي؟. قبل أن ندخل في تشعبات الإجابة - وهي صعبة على أي حال - لننطلق من ثلاث مسلمات هي في واقع الأمر قواعد لا يمكن تجاهلها ولا القفز فوقها ونحن نتناول موضوعاً في مثل هذه الحساسية. كل إنجاز سياسي لابد أن يكون مرتكزاً على أساس من قوة اقتصادية, ومن سلامة اجتماعية, وكذلك من مناعة مجتمع من الاختراق, ولا يمكن الفصل التام بين هذا وذاك. وفي المسلمة الثانية وفي هذا اتفاق لا يقبل نقاشاً أن ثمة مسافة بين الإنجاز الخارجي, والإنجاز الداخلي, ويبقى مجال النقاش في حجم هذه المسافة, وفي تقدير أثرها وأسبابها. المسلمة الثالثة:أن سورية خلال السنوات الفائتة مرت بمرحلة عصيبة, لكن الشيء المؤكد مع الإقرار بتميز واستثنائية ومدى صعوبة المرحلة السابقة، إلا أننا كنا دوماً في عين العاصفة أو بانتظارها أو على تخومها, لكننا لم نكن خارجها في وقت من الأوقات. بل .. ثمة ما هو واضح أن استمرار العواصف السياسية هو جزء من مناخ المنطقة إلى وقت لا يبدو معلوماً. ولأن الأمر كذلك, ولأن المصاعب كانت أكبر من المعتاد فلا شك أن الطبيعي أن تتجه الأنظار والجهود إليها, وهو أمر ملاحظ ومبرر. وفوق ذلك.. امتلك المجتمع السوري وهو كذلك على الدوام مؤهلات جعلته الرهان الرابح في معارك استخدمت فيها ضده أسلحة قذرة. وبالخبرة وتراكمها, وبالتجارب وتعددها تبين أن لدى المواطن السوري لقاحاً ضد الأزمات, وكل أزمة لن تكون أول وآخر أزمة. وعليه.. فإن توجيه الجهود والأنظار والاهتمام لشؤون البيت الداخلي هو في حقيقة الأمر تحصين له ضد أخطار قادمة لا أحد يستطيع القول إنها انتهت أو هي على وشك الانتهاء. إن البيت الداخلي بحاجة الآن.. وفي كل وقت إلى إزالة جزء مما تراكم فيه من أخطاء, وأيضاً بحاجة إلى تضافر جهود كبيرة ليكون أقوى وأنظف وأفضل مما هو عليه الآن ليس فقط استعداداً لما سيأتي.. ولا تواؤماً مع تغييرات في العالم حدثت أو ستحدث.. بل بسبب أنبل من ذلك كله.. لأن المواطن السوري يستحق الأفضل. awad-af@scs-net.org
|