إنها المرأة ... ترى في عينيها لمح السراب في الصحارى المحرقة. وتسمع في صوتها تردد أصوات الكواسر في الغابات. وفي غضبها بحوراً بعيدة ليس لها شطآن. وتشبه القوارب على سطح الماء وقد نصبت أشرعتها كأجنحة العصافير...
ولا تقل ألقاً عن الضياء الذي تشرق خيوطه من خلف الجبال... بكبريائها تكاد تكون أعجوبة الحياة.بحنانها السعادة تفيض في الأرجاء. وبحزنها الكآبة تأكل الجدران. كزهرة وينبوع بما تمتلكه من صفات تستحق أن تكتبَ على مخطوطات نادرة. وبما قامت به من دور عظيم لعبته في لفت الأنظار...
وقد تُوّجت ملكة وتبوأت رئيسة ووزيرة وشغلت أعلى المناصب... وأنجبت وربت الأبطال... فصارت أم الشهداء...
رائعة بالصبر الذي تحلت به في حربنا الضروس... وقد رأت فلذة كبدها محمولاً على الأكف عريساً وتحولت إلى الخنساء ومثلت دور خولة. وزنوبيا... وأروع مثال يحتذى به.. إنها المرأة العربية المحبوبة.. القوية..
إلى متى ستبقين تتأرجحين بين القمة والدّرك الأسفل.. إلى متى ستلاقين من يظلمك، بعد أن صنعت مجداً بتاريخ ملؤه الحكايا المشرفة...
ويأتي الدواعش في ظل فكر وهابي جائر ليقلص مكانتك. وحتى كإنسانة طاردوك بظلمٍ من كوّة الجحيم وأنت بروعتك تقاومين كأثر تاريخيٍّ عظيم له قيمته وكيانه.
لقد تجاوزت منذ زمنٍ بعيدٍ كونك وصية على ورق.. أو سلعة تباع وتشترى.. أو كورقة قيدٍ أو شرط أو رهان. يجب أن تنتهي هذه المهزلة... وتعود شموعك لتضاء وتنير ما أظلم من جوانب في حياتك والتي استغلها خفافيش الظلام... وتجرعت المهانات وذاقت كل أنواع المرارة.. مازال متسعٌ من الوقت... لتعيدي عزّك ومجدك.. لطالما كنت شهرزاد الحكايات وسندريلا قصص الأطفال فأنت موجودة دائماً.. وحاضرة في كل زمان ومكان.. وهالة وجودك ستذيب جلمود الصخر المعترض طريقك إلى العلا.. إلى الحرية... وقد وهبك الخالق وجميع المعتقدات الاحترام والمكانة السامية.مما سيجعلك ملّاحة وربانة السفينة... قائدة لزمانك .. وفجري في كيان الدهر بركانك لتكسري حاجز الاستبداد.. وتمسكي بزمام المواقف وتسلّحي بالعلم والصبر إنهما الطريق إلى العلياء. وكما كنت والآن وستبقين بهجة الحياة... والشعلة من اللهب... وتذكري دائماً أنك نصف الوجود.