تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


العدوانية البشرية...العنف بوصفه تدميراً للإنسان

ملحق ثقافي
2012/12/4
إريك فروم/ ترجمة: عبد الرحيم حسو:سأحاول هنا تقديم نبذة مختصرة عن أهم أنواع العدوانية البشرية التي علمت بوجودها.

النوع الأكثر انتشاراً من العدوانية هو رد الفعل العدواني أو العدوانية الدفاعية. يبدي كل حيوان هذا النوع من العدوانية عندما تكون مصالحه الحيوية: الحياة، البيئة، الطعام، الصغار، أو الاقتراب من الإناث- مهددة «ما لم يدخل الحيوان غريزياً في قتال كرد فعل». هذه التهديدات للمصالح الحيوية يجب أن تشكل «خطراً واضحاً وحاضراً» حتى يثير رد فعل عدواني.‏

إن الإنسان أيضاً يتفاعل بعدوانية دفاعاً عن مصالحه الحيوية، لكن هناك بعض من الخصائص التي تخص الإنسان وحده تدفعه ليشهد هذه العدوانية أكثر مما يفعله أي حيوان آخر.‏

إن قدرة الإنسان على التفكير والوعي تسمح له بتصور المخاطر المستقبلية. وبهذا فهو قد يتفاعل بعدوانية تجاه مخاطر المستقبل كتفاعله تماماً تجاه مخاطر الحاضر. «إذا كان مثل هذا التصور للمستقبل هو حصراً قائماً على أساس إمكان منطقي وليس من مبدأ احتمال اختباري، وإلا فنحن أمام تفكير مذعور».‏

إن المصالح الحيوية للإنسان تتجاوز تلك التي للحيوانات الأخرى. فالإنسان هو حيوان صانع- رموز، وهو يحتاج إلى أن يوجه نفسه في الحياة باختيارات معينة من قيم، صور، أشخاص، ومؤسسات على أنها مقدسة، بمعنى أنه لا يستطيع أن يعيش حياة سليمة في حال تخليه عنها. ومن ثم فأي هجوم على هذه الرموز، سواء كان طوطماً، قبيلة، أصلاً، وطناً، فكرة عن الشرف، أو أي شيء آخر يقوم بدعم حياته الروحية، يعد هجوماً على حياته بالمعنى البيولوجي. ولا يهم في هذا السياق مدى صحة ومنطقية الرموز والقيم التي يدافع عنها، وبكلمة أخرى، فإن السادية، بهذا المعنى، هي أساساً ظاهرة جنسية.‏

لقد توصلت من ملاحظاتي الخاصة إلى نتائج أخرى. أنا أرى في السادية تعبيراً خاصاً واحداً لدافع أكثر عمومية، هو الرغبة في السيطرة الكاملة والمطلقة على إنسان آخر، أو حيوان، أو حتى على الأشياء.‏

إن هذه الرغبة في السلطة الكاملة يمكنها أن تحدث بين الجنسين كما يمكنها التمازج مع الإثارة الجنسية، خاصة إذا كان الطرف الآخر له ميل «مازوخي» بالتلذذ بتعذيب الذات وإذلالها بطرق مختلفة.‏

التمازج ذاته بين رغبة السيطرة والمظهر الجنسي للسادية له وظيفة قمع- ذاتية توقفه عند حد معين. فالتهيج الجنسي وإطلاقه يعملان على إغلاق الدائرة، بحيث لا يعود هناك مجال للرغبة في التدمير أبعد مما تحقق في العمل الجنسي.‏

إن مبدأ الشهوانية والتحكم المطلق بالناس وبالأشياء، ليس مقيداً على الإطلاق بدنيا الإثارة الجنسية. فالمعلم يقود التلاميذ بالامتهان والضرب والتخويف، السجان يقوم بتنفيس غضبه على السجناء العاجزين بتهديدهم وإذلالهم، الممرضة تفعل الشيء ذاته في المستشفى، وبشكل متقنّع، بالمرضى الذين، بسبب عجزهم أو لدواع اجتماعية، لا يستطيعون الاحتجاج، كذلك الحال بالنسبة للذي يضرب كلبه بقسوة لعدم قيامه بما يريد.‏

إن هذا غيض من فيض من أمثلة التدمير الشهواني الذي ليس بحد ذاته جزءاً من الدافع الجنسي. وفي الغالب فإن اشتهاء السيطرة الكاملة يفصح عن نفسه في الرغبة بتعذيب شخص آخر، إذ أنه من النادر وجود طريقة أخرى أكثر للتعبير عن سلطة كاملة من إكراه هذا الشخص الآخر على تحمل الألم عندما لا يملك لنفسه حولاً ولا قوة للمقاومة أو الدفاع عن نفسه ضد المعتدي.‏

التدميرية الشهوانية لا تأخذ دائماً شكلاً واضحاً كالتعذيب. فقد تتمظهر في خنق إرادة شخص آخر، في خنق عفويته، أو في خنق حريته. هذا النوع من التدميرية غالباً ما يسوّغ عقلانياً بالنوايا الطيبة والحب النبيل. هنالك تناذر واحد لمثل هذه التدميرية التي لا يستهان بها حقيقة، خاصة في السلوك الجمعي - مثل تناذر «الاغتصاب، السرقة، التدمير».‏

أشير هنا إلى ما يمكن ملاحظته من سلوك الجنود المنتصرين، في الحروب القديمة والحديثة، إذا هم أعطوا الصلاحية، لوقت محدود، بأخذ السلطة الكاملة على الأهالي المقهورين.‏

فالاغتصاب الهمجي للنساء لا يعد تعبيراً عن رغبة جنسية بقدر ما هو تعبير عن سلطة مطلقة، تماماً مثل سرقة ما يمكن سرقته وهدم ما يمكن هدمه.‏

بكلمة أخرى، إن خاصية التدميرية الشهوانية هي إحساس بالقدرة على كل شيء، الرغبة في تخطي قيود الوجود الإنساني، ولو ليوم واحد.‏

إن المرء يعثر على هذا النوع من الرغبة للقدرة الكلية في الأفراد عندما تتيح لهم الظروف الفرصة بممارسة صلاحية غير محدودة.‏

«لقد أظهر كامو عمل هذه الآلية بصورة واضحة من خلال الشخصية الرئيسية في مسرحيته كاليغولا».‏

ومن بين أولئك الذين ليس لديهم إمكانية امتلاك مثل هذه السلطة الحقيقية، فهناك فرصة يتمتعون بها ولو للحظة أو ليوم. وبالنسبة لهؤلاء الناس فإن نشوة التجربة تكون شديدة جداً لدرجة أنهم في كثير من الحالات يستعدون للموت لكسب لحظة واحدة من هذه القدرة الكلية. أن ترغب في سلطة وقدرة كاملتين على أقلية عاجزة هو في الغالب شعور مزمن يمكن تحويله إلى فعل تحت ظروف معينة.‏

أكبر مثال على ذلك هو الحركة النازية في 1930.‏

أما أحد الأسباب الرئيسة لتطور هذا النوع من التدميرية الشهوانية هو إحساس عميق بالعجز «ليس بالضرورة العجز الجنسي»، الوهن، الضجر، السلبية، الخوف من الروتين الثابت، ومن رمادية الحياة اليومية التي تشغل بال كثير من الناس.‏

والشخص العاجز بهذا المعنى ليس إبداعيّ التفكير، في الإحساس، في العلاقات الشخصية، في الفن – بل يجد ارتياحه العميق في ما هو أقل أعجوبية بخطوة واحدة فقط من خلق الحياة، أعني تدميرها.‏

إن خلق الحياة في الواقع يتطلب على الأقل الأهلية الجنسية إن لم يكن أهلية الحب، أو، إذا لم نكن نبحث في الحياة الفيزيقية «المادية»، فإنها تتطلب الفعالية، المشاركة، والاهتمام.‏

أما تدمير الحياة فلا يتطلب إلا مسدساً، سكيناً، أو قبضة فولاذية. والذي تراوغه الحياة يجد ارتياحاً بالغاً في إظهار نفسه على الأقل ليكون السيد على الحياة التي يعجز عن إدراكها والقبض عليها.‏

هذا النوع من التدميرية يتميز بالإحساسات العميقة القوية التي يشارك فيها الجسم بالكامل. وهذا هو سبب الخلط في الغالب بينها وبين الهياج الجنسي.‏

ولكن ليس كل اهتياج حسي أو جسدي هو إثارة جنسية، على الرغم من إمكانية التمازج بينهما.‏

هناك شكل مميز من التدميرية، أريد أن أذكره بسياق عابر، ألا وهو الكراهية النشوانية. ففي حالة النشوة يتغلب الفرد على الشرخ الموجود بينه وبين العالم من حوله حين يخلص نفسه من كل وعي وتفكير، وبطريقة غريبة ما، يتوحد مع نفسه أو مع العالم الخارجي. فكل هذه الطاقات تصب باتجاه واحد، ولم يعد من قلق هناك.‏

من الممكن إنتاج حالة النشوة بالفعل الجنسي، بتعاطي عقاقير، أو بغفوة إيحاء أو تعلل ذاتي.‏

وكل هذه الأشكال حميدة من حيث الجوهر لأنها تعبيرات للحياة، بالرغم من أنها ليست الشكل الأعلى والأكثر تقدماً من اختبار النشوة – المتمثل بالتوحد الهادئ مع الذات والعالم والذي يمثل حالة من التناغم الفعال.‏

يوجد شكل حقود واحد بالفعل من النشوة، تلك هي نشوة الكراهية والتدميرية. في هذه النشوة فإن الشخص يستغرق كلياً في كراهيته وتدميريته، فيكون «غاضباً جداً» لأن الضراوة والرغبة بالقتل والسيطرة تستحوذان عليه تماماً؛ فيتماهى في هذا النوع الصرف من الكراهية، ولكنه في الوقت نفسه يفقد صلته بالعالم الخارجي وبنفسه هو.‏

«هذا الغضب المقدس» يوصله إلى حد الجنون وإلى إحساس من العزلة بخسارة كل تضامن وتكافل مع الحياة والأحياء.‏

على العكس من التدميرية الشهوانية، التي هي ممارسة منحرفة للمقدرة وللحب وتبقى تعبيراً عن الحياة، فإن النيكروفيليا هو اجتذاب واهن وبارد إلى الموت، العفونة، المرض، وإلى كل ما هو ميكانيكي صرف ورتيب.‏

هناك الكثيرون ممن يناهضون كل ما هو حي وينجذبون إلى كل ما هو ميت، مكبوح، مكانيكي رتيب وممل بكل ما في الكلمة من معنى، ومن ثم فيمكن توقعها أو التنبؤ بها.‏

وبعكس النيكروفيلي فهناك البيوفيلي، الذي يحب الحياة وينجذب إلى كل ما هو حي، إلى البناء، إلى التطوير، إلى ما هو غير ميكانيكي أو متنبأ به. وبالنسبة للشخص العادي فيجري الحديث عن إنسان يكون فيه حب الحياة سمة مميزة، ومن ناحية أخرى، وبغض النظر عن المصطلحات والفئات السيكولوجية، فقد يعي ذالك الشخص الواهن المنجذب إلى الميكانيكي الرتيب الممل.‏

إن ما يتكرر في أحلام أغلب الناس النيكروفيليين هي الأوصال المقطعة، القبور، والكهوف المغلقة التي لا مخارج لها. يمكن تشخيص النيكروفيليا من اختبارات روشراك في بقع الحبر ومن الاستبيانات التفسيرية. «بالنسبة للمفهوم الكامل للنيكروفيليا والبيلوفيليا انظر إريك فروم، قلب الإنسان، نيويورك، الناشر هاربر ولو، 1964. استخدام اختبار روشراك والاستبيانات التفسيرية مشروحة في أعمال الدكتور مايكل ماكيوبي، التي لم تنشر بعد».‏

يوجد كثيرون من الناس تتداخل فيهم الميول النيكروفيلينية والبيوفيلينية، حيث ينشب فيهم صراع داخلي يحدد ما هو الميل الذي يجب أن يسود فيهم.‏

هناك آخرون يتميزون بأنهم تقريباً إما بيوفيليون أونيكروفيليون،‏

وفي هذه الحالات يكون من الصعب تصور حدوث تغيرات بدون ظروف مفاجئة وغير متوقعة البتة. وأنا أميل إلى الافتراض بأنه حتى في أشد الحالات النيكروفيلينية يمكن أن يجد المرء عناصر بنيوية فريدة معينة، على الرغم من أن هذا الافتراض يقوم على حقيقة واحدة، هي أن حدة النزعة النيكروفيلينية لا يمكن تفسيرها بظروف الحياة وحدها.‏

بشكل عام، يبدو أن جواً من الخمول، الوهن، والخشونة يلعب دوراً مهماً في تطوير الميول النيكروفيلينية. لهذ السبب فإن النيكروفيلينيا توجد أكثر لدى تلك الفئات الاجتماعية المحرومة من التطلعات والإمكانات السائدة لدى مجتمع متطور.‏

بالرغم مما قد حاولت أن أظهره وهو: لماذا يملك الإنسان عدوانية تفاعلية أكثر مما هي لدى الحيوان، إلا أنه يبقى أن نضيف بأن الإحساس بكل من بالضجر، العجز، الوهن، الموجود في أساس التدميرية الشهوانية، وكذلك غياب التحفيز الحي، الذي هو غياب ضروري لتطوير النيكروفيلينيا، هي خبرات إنسانية صرفة. فالحيوان، وهو يعش بغريزته، ليس لديه أساساً مثل هذه المشاكل، «علماً أنه يمكن إنتاج الإحساس بالوهن لدى لحيوانات اصطناعياً في المخابر». على الرغم من أن الأنواع المختلفة من التدميرية- العدوانية تختلف من حيث النوعية والمصدر، إلا أنها غالباً ما تتراكب وتداخل.‏

من الأهمية بمكان أن نشير بأن هناك آلية قدح تؤدي إلى اندلاع التدميرية الشهوانية أو النيكروفيلينيا كنتيجة للعدوانية الردّية «التفاعلية».‏

يبدو هذا جلياً بشكل خاص في الحروب، عندما يحصل الجندي على إذن بقتل العدو. ما يحصل لدى بعض الجنود هو انطلاق دوافع سادية ونيكروفيلية مع أول خرق عندهم لحرمة القتل، فيكونون عرضة للانغماس في الأعمال الوحشية والشهوانية بالقدر الذي يأذن لهم بها. وربما لم يكن ليقوموا بهذه الأفعال لو لم تمهّد لهم الخطوة الأولى بذلك.‏

ومع ذلك، وبالرغم من رفع حظر القتل، فإن هناك نسبة قليلة فقط ترتكب الأعمال الوحشية وتستمتع بالتدمير. ولو كان لدينا بيانات أكثر دقة عن سلوك الجنود في الحروب الحديثة، إذا كنا سنجد دليلاً مقنعاً بأن نسبة النيكروفيليين والساديين بشدة هي ليست بالقدر الذي يعتقده الكثيرون من الناس أو حتى بقدر ما تتوقعه نظرية الغريزة التدميرية.‏

وما يدعو للأسف أن مثل هذه البيانات لم يتم تجميعها وتحليلها بشكل منظم حتى الآن. والتي كانت ستضيف الشيء الكثير إلى معرفتنا بالحقائق العدوانية والتدميرية بين الناس العاديين، حتى في أحلك الظروف في الحروب.‏

هل خلقنا في الولايات المتحدة مناخاً اجتماعياً وثقافياً يولد العنف؟ ما الذي يمكننا فعله للسيطرة على التدميرية؟‏

أما الجواب على السؤال فيما إذا كان المناخ اليوم في الولايات المتحدة يولد العنف؟ فيجب أن يكون بالإيجاب، ليس فقط بسبب العنف الذي يظهر في الأفلام وفي الرسوم الكارتونية الهزلية، أو بسبب ظروف الفقر المدقع في ثقافة يكون فيها الاستهلاك المتزايد شيئاً محموداً، ضمناً أو صراحة، كهدف للحياة.‏

فهناك لا تزال جذور أخرى لسوية العنف الموجودة.‏

لقد عمّ الشعب الأمريكي شعور بالقلق: الشعب كله قلق، وإن بصورة غير واعية في الغالب، حول احتمال نشوب حرب نووية. وحول البيض والسود الذين يتملكهما، كلاهما، الخوف من إمكان رغبة أحدهما في تدمير الآخر، وكذلك حول قلق الطبقة الوسطى من أن ينزلق فيهوي من على سلم النجاح.‏

لا تزال هناك عوامل أخرى مهمة تشكل تربة خصبة للعدوانية والتدميرية:‏

مكننة الحياة، وهن الفرد، سلبية المستهلك، والخمول الناجم عن هذه السلبية، حقيقة أن ليس لدينا رؤية أو هدف من أجل تطوير مجتمعنا ما عدا زيادة الإنتاج وزيادة الاستهلاك، والتناقض العميق بين القيم التي نصرح بها وبين تلك التي نعمل طبقاً لها ومن أجلها.‏

إن ظروفاً مثل هذه قادرة على خلق حالة مزاجية تساعد على العنف والتدميرية بالنسبة لهؤلاء الذين تنقصهم الرفاهية المادية، الذين يتخلفون عن تحقيق آمالهم وتطلعاتهم، والذين لا يشاركون في مسيرة تقدم غالبية الشعب الأمريكي.‏

من جهة أخرى، فإن أولئك الذين لا يشاركون في هذه المسيرة- وهم قلقون من أعماقهم ومنعزلون- ينجحون في تبديل هذه المشاعر بروتين حياتهم اليومية، بتطلعاتهم بأن يكونوا ناجحين في حياتهم الشخصية، وبالتغيير المستمر في أنماط الاستهلاك. أما على المدى البعيد، فإن الخوف، القلق، والضجر سيؤدي كله إلى زيادة العنف في المجتمع بأسره، ليزداد تمرد الأقلية، أما الأكثرية فستتخذ إجراءات مضادة للعنف المتزايد في محاولات التمرد هذه.‏

إن تشديد العقوبات وفرض سيادة القانون والنظام لن يخففان من حدة العنف، بل على العكس، سيزيد العنف لأنه سوف يخلق حالات جديدة من الضغينة، والوحشية، والإحباط لدى هؤلاء الذين يتعرضون للعنف المنظم من قبل الدولة.‏

الطريقة الوحيدة لتغيير الاتجاه العام نحو العنف والتدميرية يكمن في إضفاء الطابع الإنساني على مجتمعنا التكنولوجي. وأعني بذلك أن مجتمعنا يجب أن يخدم الغايات الإنسانية - التنمية وتطوير الإنسان - بدلاً من تحويل وسائل الإنتاج والاستهلاك إلى غايات للعمل البشري.‏

كذلك يجب على الفرد أن يكف عن الشعور بأنه واهن لا حول له ولا قوة في حياة المجتمع، وأن حياته نفسه محكومة من قبله. وهذا التغيير لن يحدث إلا من خلال زيادة كبيرة في المشاركة وتحمل المسؤولية من قبل أولئك الذين يتمتعون برغد الحياة، ولكنهم مبعدون عن المشاركة الفعالة إن في القرارات السياسية أو في سياسات المؤسسات والشركات التي يعملون بها. كما أنه من المهم، علاوة على ذلك، أن نقوم بتخفيض استهلاكنا القهري، الذي يزيد من سلبية الشخص، وإيجاد طرق جديدة للتعبير عن المَلكات الإنسانية بصورة فعالة.‏

اليوم، كل من التفكير والشعور ينفصلان أكثر فأكثر عن بعضهما البعض، وهذا الانفصال يؤدي إما إلى الذهان الفصامي أو إلى انفعالية غير معقولة أو عصابية.‏

فقط عند الجمع بين العواطف والعقل فإن الإنسان يعمل بطريقة تجعل الحياة جديرة بالاهتمام ومن ثم يخلق إمكانية حياة منتجة خالية من العنف.‏

وبعبارة موجزة:‏

ما نحتاجه ليس في مزيد من الرقابة على العدوانية والعنف، ولكن في الحد، من التدميرية والعنف، وذلك بجعل الحياة الفردية والاجتماعية أكثر معنى وأكثر إنسانية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية