أو تعابير لا يستعملها إلا الأطفال، أو حكايات أو أنغاما أو الغازا لايرددها سوى الأطفال ومن الصعوبة إيجاد تفسير معقول للملامح أو السمات التي تميز هذا التراث والتي تتسم بها حياة الطفولة، عن تقاليد الكبار التي خرجت عن هذا المضمار على الرغم من أن جذورها تغور بعيدا إلى أيام الطفولة.
ومن المهم جدا أن نعرف أن الأطفال لايتأثرون بوالديهم أو بمعلميهم فقط، فالتراث الذي يحملونه ويؤدونه بأنفسهم له تأثيره الخاص وينقل الأطفال بعضهم إلى بعض نماذج وقواعد سلوكية وأخلاقية معينة قبل أن يصبحوا كبارا.ويضم التراث الشعبي ميادين عديدة منها الأغاني والحكايات الشعبية والتي تعد مصدرا لأدب الأطفال
تقول المرشدة النفسية ثراء ونوس :
إن الحكاية الشعبية صورة لمجتمعها وفي أخلاق المجتمع صورة لما يمكن أن تكون عليه حكاياته ، ومن هنا تنشأ الفكرة التربوية للحكايات، فالطفل يستمتع بها لأنها تجسد ما يعيش دفينا في لاشعوره، كما تسعى في النهاية إلى تحقيق المثل الأعلى الذي يسعى الطفل إلى تحقيقه .
والأساس الأخلاقي هو أهم الأسس التي ترتكز عليها حكاياتنا الشعبية والفكرة التي تدور عليها هذه الحكايات تعالج عادة العيوب التي تشكو منها سائر المجتمعات : كالخيانة،والظلم والاغترار بالدنيا والفوضى الاقتصادية والطمع، والكسل والجفاء والكذب والغيرة.. ومن ناحية أخرى تدعو الحكايات إلى المثل التي يفتقر إليها مجتمعها عادة: كبر الوالدين والإيمان بالله والإيمان بالقدر والإيمان بالدعاء والأمانة والتعاون والعفة والصبر والحكمة والإيثار والجد وإلى آخر ماهنالك من أخلاق ومثل.
ومجتمع الحكايات الشعبية لايقتصر على الطبقات الدنيا تلك،بل يشمل طبقات المجتمع كافة ،سواء من حيث الموضوعات أو من حيث اهتمام الناس بروايتها ،وقد حملت إلينا هذه الحكايات صورة عميقة موغلة في القدم للمجتمعات والبيئات القديمة التي مرت بها على الرغم من أنها تأثرت بهذه المجتمعات مثلما أثرت هي بها، فجاءت صورة لهذه البيئات كما جاء مجتمعنا اليوم صورة لها وصدى لتعاليمها ومثلها وأخلاقها وفي عالم الأطفال نجد أن هناك ألعابا للصبيان وأخرى للبنات وقد نجد ألعابا يشترك فيها الجميع ومن كلا الجنسين وقد تصاحب هذه الألعاب بعض الأغاني، وقد يؤلف الأطفال بعضا منها وقد يقتبسونها من أغاني الكبار بعد تحويرها، لتلائم طبيعتهم الطفولية وعفويتهم. وتشير طبيعة أغاني الأطفال إلى حاضنتها التربوية ودلالتها الاجتماعية، فهي لعب يتحول إلى وسيلة للطفل نحو تفهم مشكلات الحياة واكتشاف للبيئة المحيطة به وسبيله إلى توسيع مدى ثقافته ومعلوماته ومهاراته، ثم تغدو عاملا من عوامل التكيف اللازمة للطفل في بيئته ويتوسل بها لتحقيق أغراضه ومآربه، وتكون وظيفة الأغنية في هذه الحالة أقرب ماتكون إلى وظيفة المنظومة التربوية والتعليمية .وأكثر ماتكون الأغاني الجماعية مصاحبة للألعاب في المنزل وخارجه وفي المدرسة وخارجها وقد لاحظ عدد كبير من الباحثين العرب أن أغاني الأطفال تكشف عن الصراع البيئوي في تركيب الأسرة ونمطية رب الأسرة والعلاقة الحميمية أو النافرة بالأم أو الزوج أو الأخوات ،إذ تحمل هذه الأغاني الإسقاط النفسي للأم على الطفل وحين يشب الطفل على نغماتها،فالمؤثر اللاشعوري والشعوري يفعل فعلته سلبا أو إيجابا وغالبا ما يكون هذا الإسقاط صورة وضع المرأة في مجتمعها وفي بيئتها .وتقطر الأغاني الشعبية عذوبة وحلاوة إذ تلين قلب الأمومة فتتصور الأم مستقبل طفلها وهو يتخطى كل مرحلة من مراحل الحياة من الرضاعة إلى الطفولة ، ومن الشباب إلى الكهولة فالشيخوخة، ودائما تحفل أغاني الأطفال الشعبية بدلالتها الاجتماعية عن مجتمعها وتطوره وحياة الأسرة في بيئتها وشؤون الأمهات على وجه الارض .
وأخيرا نقول: إن لعالم الأطفال تقاليده الخاصة وعاداته التي يمارسها الأطفال أثناء لعبهم ومرحهم ولاتزال هذه التقاليد والعادات نشطة فعالة ومفعمة بالحياة بالرغم من التطور الحضاري الذي يسود المجتمع في جميع نواحيه وحتى عالم الأطفال نفسه.
والموروث الشعبي للأطفال هو كل تلك الأشياء التي يتلقاها الأطفال من أولياء أموره ومن المدرسة والشارع وهي قبل كل شيء ذلك النمط من العادات والتقاليد التي تصحب المناسبات الدينية والوطنية والتي نحرص على القيام بها كلما حلت والتي تذكرنا ولاشك بماض مشرق حافل بالمكرمات وهي الحافز على التطلع نحو غد مشرق لفلذات أكبادنا في ظل مقوماتنا الحضارية والقومية .